معركة فاصلة على الحدود العراقية - السورية
مصطفى السعيد
كشفت هيلاري كلينتون أن خطة التخلص من "داعش" تتلخص في هزيمتهم في العراق، وحصرهم في سوريا، وهو ما أكدته تركيا الثلاثاء بالإعلان عن ضرورة فتح ممر آمن لمقاتلي داعش، ليخرجوا من الموصل إلى سوريا.
تتسق هذه التصريحات مع الضربة الجوية الأمريكية للقوات السورية في دير الزور، شرق سوريا، ليتمكن تنظيم "داعش" من السيطرة على مطار ومدينة دير الزور، التي تشكل حجر عثرة أمام مخطط السيطرة على شرق سوريا، وكثفت الطائرات الأميركية غاراتها لنسف الجسور حول دير الزور، رغم أنها ادعت أن ضرب القوات السورية لم يكن متعمدا، وأنه خطأ لن يتكرر.
هكذا تتكشف أبعاد الخطة الأمريكية التي يجري تنفيذها بالتنسيق مع تركيا، التي تتمسك بالمشاركة في العمليات العسكرية في الموصل رغم الرفض العراقي، وعززت قواتها البرية في مدينة بعشيقة العراقية، الواقعة شمال الموصل، ولم تتجاوب مع كل الجهود الدبلوماسية لسحب قواتها من بعشيقة، حتى أن أردوغان قال بلهجة بعيدة عن كل الأعراف الدبلوماسية إن على رئيس الوزراء العراقي أن يعرف حدوده وحجمه، وقال له: أنت لست في مستواي، بعجرفة فجة، أثارت استياء العراقيين، الذين لم يطلبوا إلا احترام سيادة العراق على أرضه، وعدم تدخل تركيا عسكريا واجتياح حدوده.
التصعيد التركي العراقي الى اين ؟
انتقل التصعيد إلى مستوى جديد عندما أعلنت قوات الحشد الشعبي العراقية أنها ستتعامل مع القوات التركية بوصفها قوات احتلال، وأن تركيا لم تعد تجدي معها الوسائل الدبلوماسية، ولا تعرف إلا لغة القوة، وتحاول استعادة دولة الخلافة العثمانية.
أطماع أردوغان في المنطقة الممتدة من الموصل العراقية إلى شمال حلب السورية أصبحت واضحة، ويرى أردوغان أن فرصة جديدة قد سنحت له بضم بعض الأراضي العراقية والسورية بموافقة التحالف الأمريكي، لأن واشنطن التي خسرت معركة حلب أمام التحالف الروسي السوري الإيراني تريد أن تثأر بتوجيه ضربة تفصل العراق عن سوريا، ويئست أمريكا من الإعتماد على الأكراد في إنجاز المهمة، ولم يعد أمامها إلا دفع داعش إلى شرق سوريا، وأن يتولى الأتراك التعامل معهم، ومحاولة انشاء دويلة سنية في هذه المنطقة تحت اشراف وحماية تركية.
وكان لقاء الرئيس الروسي بوتين مع أردوغان في أنقرة الإثنين الماضي يوحي بالتباعد بين الجانبين حول الأزمة السورية، ولهذا تجنبا خلال المؤتمر الصحفي الإشارة إلى مباحثاتهما في الشأن السوري.
كانت الولايات المتحدة قد شكلت ما أسمته "جيش سوريا الجديدة"، وحركته قبل 3 أشهر باتجاه الحدود السورية العراقية انطلاقا من الأردن، تحت حماية الطائرات الأمريكية، لكنه لم يصمد سوى ساعات، وانسحب من منطقة البوكمال، ما يؤكد الإصرار الأمريكي على قطع الحدود السورية العراقية، لكن المهمة ليست سهلة، لأن الجيش العراقي يندفع بقوة نحو الحدود السورية، وتمكن من تنظيف مساحة كبيرة من غرب الأنبار من جيوب داعش، ولم تشغله معركة الموصل الكبرى عن السعي لتأمين حدوده مع سوريا، وسيكون وجوده عقبة كبيرة أمام المخطط الأمريكي التركي الجديد، ومن المتوقع أن تتربص قوات الحشد الشعبي بقوات داعش المنسحبة من الموصل، حتى لا تتمكن من التوجه إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، كما يتابع الطيران الروسي ما يدور في الموصل جيدا، ويستعد لمنع قوات داعش من المرور إلى شرق سوريا لإحباط المخطط الأمريكي، وإذا ما أنجزت القوات السورية مهمتها الصعبة في تطهير شرق حلب من الجماعات المسلحة، فإنها سوف تتوجه لاستكمال سيطرتها على البادية السورية في الشرق، ليلتقي مع الجيش العراقي على الحدود بين البلدين، ما يعني توجيه ضربة قاصمة لمخطط التحالف الأمريكي.