عون بعد كلام نصرالله: مرتاح.. ومطمئن - عماد مرمل
كما درجت العادة بعد كل كلام للسيد حسن نصرالله، خضع خطابا ليلة العاشر وصباح العاشر من محرم لتفسيرات متناقضة، حتى يكاد يتهيأ لك أنك أمام نسختين متفاوتتين من خطاب واحد.
ولأن «التيار الوطني الحر» احد المعنيين الاساسيين بالشق الداخلي من كلام نصرالله في عاشوراء، بعدما وصل ترشيح العماد ميشال عون الى مفترق طرق، فإنه يصبح من الطبيعي الاهتمام برصد انطباعات «التيار» و «جنراله» حيال مواقف «السيد» وانعكاساتها على الاستحقاق الرئاسي.
تؤكد شخصية مطلعة على أجواء الرابية أن عون كان مرتاحا لخطابي «السيد» ومطمئنا الى مضمونهما الرئاسي، خلافا للاستنتاجات المغايرة التي افترضت أن الخطابين لا يقرّبان «الجنرال» من قصر بعبدا، بل أبعداه عنه.
وبرغم اللهجة القاسية التي استخدمها نصرالله ضد السعودية، إلا أن الشخصية المقربة من عون تعتبر ان «السيد» نجح في فصل مسار الصراع في المنطقة ودور «حزب الله» فيه عن الوضع اللبناني، والدليل أنه لم يتخذ أي موقف سلبي من الرئيس سعد الحريري المتحمس للسياسات السعودية في المنطقة، بل العكس هو الصحيح، إذ امتلك جرأة الاعتراف بشجاعة الرجل في تحوله المحتمل نحو خيار دعم «الجنرال»، مبديا تأييده للمسار السياسي الإيجابي الذي أطلقه الحريري.
وتعتبر الشخصية نفسها ان نصرالله، خلافا لاتهام البعض له بأنه يزج لبنان في أتون المنطقة، كرّس في إطلالة عاشوراء معادلة «لبنان أولا» بالفعل، وليس بالقول، استنادا إلى الإشارات الآتية:
ـ تحييده لبنان عن المواجهة السعودية ـ الإيرانية، وتأكيده أن الحزب ليس بصدد توظيف تطورات الاقليم في الساحة الداخلية.
ـ انفتاحه على مبادرة الحريري حيال عون.
ـ استعداده للقبول بتولي الحريري رئاسة الحكومة.
ـ تجنبه الهجوم على أي طرف لبناني.
ـ دعوته الى تفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب.
ـ تشديده على ضرورة حماية السلم الاهلي والاستقرار الامني والاقتصادي.
وفيما استنتج بعض «المتحمسين» لعون، ان دعوة نصرالله «الجنرال» من أجل التفاهم مع الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية تنطوي على محاولة لتمييع الفرصة الرئاسية المستجدة والتملص من أي دور له في الضغط عليهما من أجل تسهيل انتخاب «الجنرال»، تعتبر الشخصية المقربة من الرابية ان ما طرحه «السيد» منطقي وطبيعي، وبالتالي لا مشكلة فيه، ولا ينطوي على أي منحى تسويفي، وتشير الى ان عون سيستمر بالانفتاح على سائر الافرقاء وتواصله مع بري سيكون حتميا متى يعلن الحريري رسميا تبني ترشيحه، «علما ان من يتفاهم مع الحريري وسمير جعجع لن يصعب عليه التفاهم مع رئيس المجلس، خصوصا أن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تجمعهما ويمكن البناء عليها».
وفق الشخصية نفسها، «ليس مطلوبا إحراج الحزب في مسألة علاقته ببري»، أما ترتيب علاقة رئيس المجلس وعون «فلن يحتاج الى أكثر من جلسة مصارحة لمعالجة الهواجس المشتركة وتفهم ما هو واقعي في طروحات رئيس المجلس»، وتشدد على ان «الجنرال» الذي يرفض إقصاءه «لا يقبل في المقابل بإقصاء أحد».
وفيما لا يزال الحريري يتمهل في تظهير موقفه العلني من ترشيح عون، توضح الشخصية ذاتها أنه سيكون من الأفضل ان يعلن رئيس «المستقبل» عن قراره رسميا قبل موعد التحرك الشعبي لـ «التيار» الاحد المقبل، وإذا تعذر ذلك ينبغي ألا يتأخر الإعلان أكثر من أيام معدودة بعد 16 تشرين الاول. وتوضح ان خطاب «الجنرال»، في الاحتفال الشعبي، «سيكون منسجما مع مقتضيات المرحلة وما تتطلبه من تهدئة وتحصين للاستقرار، من دون التنازل عن الثوابت».