الرئيس الاسد: أوجه تحية المحبة والتقدير للشعب الايراني وقيادته وحكومته
* الامام الخامنئي شخصية استراتيجية كبيرة.. وأثبتت الأزمة بأنه كان يرى الأمور منذ البداية كما كنت أراها بنفس الدقة.. مع أنني أعيش في سوريا وهو لا يعيش فيها
* العلاقة بين نظام آل سعود والكيان الصهيوني موجودة منذ أكثر من 50 عاماً وهم يخدمون الحرم الأكبر لهم وهي أميركا
* التطبيع السعودي مع الكيان الاسرائيلي ليس تغيراً حقيقياً وإنما هو تغير ظاهري ولن يؤثر على العالم الاسلامي والعربي
* السعودية وتركيا دول تابعة لأميركا، تنفذ ما تمليه عليهم واشنطن.. ومقولة ان الرياض تورطت في اليمن غير دقيقة
* أميركا اليوم في حالة انحسار.. قوتها ومصداقيتها في حالة انحسار.. بالمقابل هناك صعود لكتل أخرى.. وهناك بداية توازن
* نجاح الثورة الاسلامية في ايران أربك معادلات اميركا والغرب فحركت واشنطن السعودية لمعاداة الثورة بذريعة طائفية
* انتصار سوريا في الحرب يعني انتصار محور المقاومة بما فيها ايران ما سيؤدي الى انتشار أكبر لفكرة الاستقلالية بين الشعوب
طهران - كيهان العربي:- كشف الرئيس السوري بشار الاسد عن ان العلاقة بين نظام آل سعود وكيان الاحتلال الصهيوني موجودة منذ أكثر من خمسة عقود، وأن الحالة اليوم باتت عملية نقل العلاقة من السر الى العلن، موضحاً أن السعودية وتركيا دول تابعة لأميركا وهي تعطى الأوامر وتنفذها.
واوضح الرئيس الاسد خلال مقابلة له مع "فصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية"، بالقول: ان التطبيع السعودي العلني حاليا مع الكيان الاسرائيلي لن يؤثر على العالم الإسلامي والعربي لأنه ليس تغيراً حقيقياً وإنما هو تغير ظاهري، هو نقل الحالة من السر إلى العلن، هذه العلاقة موجودة منذ أكثر من خمسة عقود، منذ ما قبل عام "1967".
وراى الرئيس الاسد ان إخراج السعوديين علاقاتهم مع الكيان الصهيوني الى العلن يصب في مصلحة النخب في العالم الاسلامي، موضحا إنه أمر إيجابي لأن هذه النخب التي كانت تعتقد بأن آل سعود يخدمون الحرمين، هم في الحقيقة لا يخدمون الحرمين، هم يخدمون الحرم الأكبر بالنسبة لهم وهي أميركا، هذه هي الحقيقة، هذا ما يقومون به، الشريحة الأوسع من المسلمين في العالم كما قلتَ يجب أن تعرف هذه الحقيقة، ما الذي غير السعودية فجأة؟ هل كانت هي ضد "إسرائيل" وأصبحت مع "إسرائيل"؟ لا، هي كانت خجولة من الإعلان عن هذا الشيء وأعلنته.
وأوضح انه يجب ان نقول للعالم الاسلامي النخب السياسية تعرف حقيقة السعودية ولكن الآن أتى دوركم لكي تعرفوا الحقيقة، لو قلناها من قبل، لو اتهمناهم سيقولون لا هذا الكلام غير صحيح، هؤلاء خدمة الحرمين وغير ذلك من الكلام العاطفي، ولكن الآن لم يعد بالإمكان إنكار هذا.
وفي جانب آخر من حديثه اكد الرئيس الاسد انه لم يتم "توريط" السعودية في اليمن، معتبرا ان "كلمة توريط ربما لا تكون دقيقة في هذا الامر لسبب بسيط.. أنا أورط شخصاً لديه نوع من العقل والاستقلالية.. أقنعه بشيء ما.. وأعطيه معطيات خاطئة.. عندها يتورط.. لكن في هذه الحالة.. عندما نتحدث عن السعودية وعن تركيا.. فهذه الدول هي دول تابعة لأميركا.. هي تعطى الأوامر وتنفذها.. وإذا أتينا للحالة التركية.. فأردوغان يريد منذ عدة سنوات أن يتدخل في سوريا ولكن لم يسمح له.. والآن دخل إلى جرابلس لأنه سمح له".
وحول العلاقة بين الشعبين الشقيقيين السوري والايراني، قال الرئيس الأسد: أنا سعيد جداً أن أتمكن من خلالكم مخاطبة أشقائنا الإيرانيين الذين وقفوا مع سوريا في الخندق الأول في معارك عديدة منذ أيام الثورة الاإسلامية.. كما وقفت سوريا مع إيران في الخندق الأول عندما حاولوا التآمر عليها من خلال الحرب الظالمة عندما حركوا "صدام" ضد إيران.. وها هي اليوم إيران تقف مع سوريا.
واكد الرئيس بشار الأسد: على المستوى الشخصي هناك محبة كبيرة بيني وبين سماحة الامام الخامنئي ليس لها علاقة بالسياسة.. لها علاقة بالطباع الشخصية.. بالتواضع الموجود لديه.. بالاحترام.. هذه صفات تجعلك تحب هذا الشخص وتبني معه علاقة شخصية حتى وإن كنت أنت وهذا الشخص خارج نطاق السياسة.. هذا جانب.. الجانب الآخر.. في الاطار السياسي.. هو شخص لديه وفاء.. لقد عبر عن وفاء إيران تجاه موقف سوريا.. عندما كانت سوريا من الدول القليلة التي تقف مع إيران في الثمانينات.. الشعب الايراني كان وفياً.. وسماحة الامام الخامنئي عبر عن هذا الوفاء بشكل مباشر في عدة مواقف.. ولكن هذه الأزمة بالذات زادت هذه اللحمة وهذه النظرة لأن هذه المحن تظهر الوفاء بشكل أوضح.. فكان هو واضحاً في هذه النقطة.. الجانب الثالث هو أنه شخصية استراتيجية كبيرة.. وأثبتت الأزمة بأنه كان يرى الأمور منذ البداية كما كنت أراها بنفس الدقة.. مع أنني أعيش في سوريا وهو لا يعيش فيها.. هو يأخذ معطياته من أجهزة الدولة وأنا أعيش هنا مع المواطنين.. ومع ذلك.. في الأسابيع الأولى كان يعرف تماماً ما الذي يحصل.. حقيقة.. إذا تحدثنا.. وأنا ليس من طبعي المديح.. أنا لا أمدح أحداً.. ولكن يجب أن نقول الأمور كما هي للتاريخ.. هو كان يرى الأمور بهذه الطريقة فعندما تنظر للأمور من منظور شخصي ومن منظور استراتيجي.. تستطيع أن تقول إن هذا الشخص وضع لنفسه مكانةً كبيرة على المستوى التاريخي في هذه المنطقة.
وشدد الرئيس السوري بالقول: ما يهمني بالدرجة الأولى أن أوجه تحية المحبة والتقدير للشعب الايراني لأن كل قرار سياسي يتخذه القائد أو تتخذه الحكومة الايرانية والرئيس روحاني أو قبله الرئيس نجاد في بدايات الأزمة.. كل إجراء قمتم به.. سواء كان موقفاً سياسياً أو إجراء اقتصادياً أو دعماً عسكرياً بشكل أو بآخر.. هو محصلة توافق الشعب الايراني على دعم سوريا.. وهو بالمحصلة مساهمة مباشرة من كل مواطن ايراني فقيراً كان أو متوسطاً أو غنياً بأمواله في دعم سورية ضد الارهاب.. فأنا أريد أن أستغل هذا اللقاء لكي أنقل تقدير كل سوري لهذا الدور للشعب الايراني ولقيادته وحكومته.
وحول العلاقات الاقليمية، قال الرئيس الاسد: لا تستطيع أن تتحدث عن السياسة السورية بدون التفاعل مع ما حولك.. وخاصة الدول الأكثر تأثيراً.. في هذا الإطار لو أردت أن أتحدث بشكل حيادي الآن كما لو أنه لا توجد أي علاقة خاصة بيني وبين الإيرانيين.. أقول.. هل إيران دولة تؤثر على سوريا أم لا تؤثر.. عندما أتحدث عن القضية الفلسطينية وعن لبنان وعن العلاقة مع الغرب.. وسوريا مستهدفة من قبل الغرب.. هل تؤثر ايران كدولة بكل هذه الملفات أم لا… إذاً على المستوى الاستراتيجي نحن في سوريا بحاجة للعلاقة مع إيران.. كيف تذهب بهذه العلاقة وإلى أين.. هذا موضوع تفصيلي.. ولكن إيران دولة مؤثرة.. إذاً فأنت بحاجة لهذه العلاقة... لأن إيران تلعب دوراً إيجابياً.. ويجب أن نأتي بتركيا للعب دور مشابه لدور إيران.. هكذا أرى الأمور.
واشار الرئيس السوري الى أن أميركا اليوم في حالة انحسار.. قوتها ومصداقيتها في حالة انحسار.. على الأقل منذ الأزمة الاقتصادية في عام 2008 بالمقابل هناك صعود لكتل أخرى.. وهناك بداية توازن.. لذلك إذا أرادت أميركا أن تضرب هذا التوازن فلا بد أن تضرب الدول المستقلة كإيران.. سوريا.. كوريا الديمقراطية.. وأي دولة تقول لا.. لاحظ ما يحصل في البرازيل أو في فنزويلا.. هي عملية منسقة في إطار واحد هو إعادة الهيمنة الاميركية.. لذلك ما يحصل في سوريا هو محاولة للمحافظة على ما تبقى من الهيمنة الاميركية والغربية على العالم.
واشار الى الازدواجية في السياسة الاميركية، وقال: واشنطن تستخدم أداتين، أداة إرهابية لكي تصل لأهدافها وتخضع الدولة السورية، وأداة سياسية تفتح لنا الباب لنقدم التنازلات من خلالها، أي أن الهدف واحد، فإذا فشلت بالإرهاب تنجح بالسياسة، وإذا لم تقدم تنازلات سياسياً فسيقومون بتصعيد العمل الإرهابي وهذا ما يحصل، فكلما فشلت مفاوضات جنيف يزداد الإرهاب في سوريا.
ورفض الرئيس الاسد تسمية الحرب القائمة في المنطقة حرب طائفية وقال: هذا كلام منافٍ للواقع تماماً، لأنها لو كانت حرباً طائفية، كان يجب أن تبدأ منذ ظهور الطوائف قبل أربعة عشر قرناً، وليس اليوم، متى ظهرت الحرب الطائفية في منطقتنا؟ ظهرت مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران، لأنه كان المطلوب من المؤسسة الوهابية التي تديرها السعودية أن تواجه الثورة الاسلامية الايرانية والتي كانت محط تطلعات الشعوب في المنطقة عندما نجحت، هم شعروا بالخوف من هذا التطلع الشعبي، فوجه الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة، السعودية أن تتحرك بالإطار الطائفي، عندها فجأة أصبحت إيران شيعية، والسؤال هنا ماذا كانت إيران قبل الثورة؟ ماذا كان الشاه؟ لماذا ظهرت تلك التحركات فجأة، فإذاً هذا الموضوع مرتبط تماماً بالثورة الاسلامية الإيرانية وبدأ يمتد واستخدم كأداة من الأدوات في سوريا، الآن لو أردنا أن نقول بأن هذا الشيء حقيقي لكانت الاضطرابات في سوريا كافية لكي تخلق هذه الحرب الطائفية، الحقيقة أن ما حصل هو العكس، اليوم وضع التجانس بين الطوائف في سوريا أفضل مما كان عليه قبل الأزمة، وليس فقط أفضل من بداية الأزمة، بل أفضل مما كان قبل الأزمة، لأن الأزمة خلقت وعياً أكبر.. المشكلة الطائفية التي يتحدثون عنها هي مشكلة سياسية بعنوان طائفي.
واشار الى مخاوف أميركا والغرب من انتصار محور المقاومة، وقال الرئيس الأسد: ما يخشاه الغرب واميركا واذنابهم أن تنتصر سوريا، فستكون أقوى، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة لهم، هذا من جانب، ولكن من جانب آخر هناك نقطة مهمة، لو تحدثنا عن محور المقاومة الذي تشكل سوريا وإيران أحد الأجنحة الأساسية له، والبعض يفهم بأن محور المقاومة هو فقط مقاومة "اسرائيل"، لا، محور المقاومة هو مفهوم شامل، نحن نقاوم من أجل الحفاظ على سيادتنا، نحن نقاوم من أجل الحفاظ على سلامة شعبنا وبلداننا ومصالحنا، هذا المحور هو محور أهم ما فيه، من وجهة نظري، أنه محور مستقل، إذا انتصرت سورية فستنتشر أكثر فكرة الاستقلالية بين الدول، وسيعرفون بأن المشيئة الغربية هي ليست مشيئة إلهية، تستطيع أن تهزم هذه المشيئة ولو بثمن كبير، وعندها سيكون هناك انتشار لحالة الاستقلالية، سيقوى المحور المستقل على مستوى العالم.