kayhan.ir

رمز الخبر: 46116
تأريخ النشر : 2016October04 - 20:53

الانتخابات الأمريكية والمرشحان الأكثر جدلاً في التاريخ الأمريكي


سركيس ابو زيد

تخوض هيلاري كلينتون الانتخابات الأكثر إثارة في تاريخ الولايات المتحدة في مواجهة مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، المرشح الأكثر إثارة للجدل في مواقفه وسلوكياته غريبة الأطوار، وفي طريقته "الفظة" التي مكنته من خطف ترشيح الحزب الجمهوري وفرض نفسه على "مؤسسة الحزب".

وفي حال فوز كلينتون ستكون أول امرأة تصل الى البيت الأبيض رئيسة للولايات المتحدة، وستكون أول مرشحة ديمقراطية تفوز بالرئاسة بعد رئيس ديمقراطي تولى الرئاسة لولايتين، وهذا يعني حرمان الجمهوريين من الوصول الى البيت الأبيض على مدار ثلاثة انتخابات متتالية للمرة الأولى منذ عام 1948.

كلينتون ظلت حتى أسابيع خلت متقدمة على ترامب بفارق مريح تجاوز الـ 8 نقاط، والى حد بات البعض يتحدث عن بداية ظهور نتائج الانتخابات وعن انهيار وانشقاقات داخل الحزب الجمهوري وازدياد الانتقادات والحملات من قبل قيادات مهمة في الحزب ومن مجموعات مؤيدة تقليديا له. وهذه الانتقادات شملت ممارسات ترامب المشبوهة في الأعمال وجهله في العلاقات الدولية وعنصريته ضد السود والمسلمين وكراهيته للنساء.

ولكن الفارق بين كلينتون وترامب تبخر، فبالإضافة الى الانتقادات والحملات الثابتة ضدها من قبل الجمهوريين باعتبارها غير مؤهلة للرئاسة نظرا الى موقفها أثناء الهجوم الذي حصل ضد السفارة الأميركية في بنغازي، أو مسألة تبادلها الرسائل الإلكترونية الخاصة بالعمل عبر عنوان البريد الإلكتروني الشخصي لها، جرى استغلال أمرين حصلا في الآونة الأخيرة:

الأول: وصفها لمناصري ترامب وهم بالملايين بأنهم مجموعة "بائسين"، وهذا يعكس غرورا سياسيا كان ترامب يحتكره.

والثاني: حالتها الصحية المترجرجة، إذ تتعرض لنكسات ووعكات متتالية.

الانتخابات الاميركية ...لن تكون خالية من المفاجآت

وبعد شهر حَفِل بالتحديات والمشاكل لحملات المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، جاءت آخر استطلاعات الرأي لتزيد المشهد الانتخابي تعقيداً، ولتضع كلينتون في مواجهة بعض الحقائق المرة. حيث وجد المراقبون صعوبة في تفسير عجز كلينتون حتى الآن عن تقويض أسوأ حملة أو "أغرب" مرشح عن حزب رئيسي في التاريخ الأميركي المعاصر. فكلينتون كانت سيدة أولى، وانتخبت مرتين لعضوية مجلس الشيوخ، وخدمت أربع سنوات وزيرة للخارجية، بينما لم ينتخب ترامب لأي منصب في سنواته السبعين.

وبينما كان ترامب يعيد بناء حملته المتواضعة مقارنة بحملة كلينتون الأكبر والأغنى، ويخفف حدة لهجته واستفزازاته، عادت أخطاء كلينتون وتجاوزاتها كوزيرة للخارجية لتلقي بظلالها الداكنة على حملتها. وآخر تقرير لمكتب التحقيقات الفيديرالي الـ"أف بي آي" كان محرجاً للغاية، إذ كشف أن كلينتون حاولت التهرب من الإجابة عن أسئلة المحققين، وقالت 39 مرة على الأقل لا تتذكر أنها اطلعت على طريقة تصنيف الرسائل الإلكترونية، وكيف أن مكتبها حطم هواتف نقالة أو أضاع أجهزة كومبيوتر كانت تستعملها في اتصالاتها. كل ذلك عمّق الشكوك القائمة أصلا لدى الكثير من الناخبين في صدقيتها.

وبالنظر إلى نقاط الضعف المتعددة لدى كلينتون، يرى ترامب نفسه ملتزماً بالفوز، وأنه مازال يملك فرصة كبيرة ليصبح رئيساً، وهي وظيفة يرى نفسه فيها. وهذا ما دفع بالكثيرين إلى عقد مراهنات وتكهنات على المبارزة التلفزيونية التي جرت مؤخراً، والتي انتظرها الملايين بين ترامب وكلينتون، حيث توقع الكثيرون أجواء الإثارة والسخونة التي ستسودها، من حيث أهميتها في السباق الرئاسي بين متسابقين متقاربين جدا في النقاط، وفي كونها عاملا مهما في التأثير على اتجاهات الرأي العام، وبالتالي نسبة المشاهدة للمناظرة ستكون أعلى من المتوقع، لأنها المرة الأولى تكون هناك امرأة مرشحة لدخول البيت الأبيض، والمرة الأولى أيضاً التي يكون فيها الطرف الثاني مرشحاً غير كلاسيكي مثيراً للجدل إزاء مواقفه التي تبدو صادمة ومتهورة أحياناً.

وأوحت استطلاعات ما قبل المناظرة بدخول السباق الرئاسي منعطفاً مهماً، نتيجة تحقيق ترامب قفزة بتعادله مع كلينتون بعدما كان متراجعاً بعشر نقاط في آب الماضي. وأشار استطلاع لمؤسسة "بلومبرغ" إلى تعادل المرشحين بنسبة 46 في المئة، ما فسره المراقبون بنجاح ترامب في رص الجمهوريين خلفه وخصوصاً بعد تأييد السناتور تيد كروز له. وقبل 41 يوماً على موعد الاستحقاق في 8 تشرين الثاني المقبل، ودلت استطلاعات الرأي أيضاً على وجود نسبة 20 في المئة من الناخبين لم تحسم قرارها بعد، ما يعكس ضعف شعبية المرشحين.

ورأى خبراء أن التحدي أعلى بالنسبة لكلينتون التي تحظى بخبرة واسعة، لكن لا تثير حماسة، بالمقارنة مع ترامب الشعبوي المعتاد على الإدلاء بأقوال تثير الصدمة، ولا يتوقع منه أحد أن يكون مطلعا بشكل جيد على ملفاته.

باختصار، يبدو أن المزاج الوطني في أميركا معكّر للغاية، و الـ 90 دقيقة بين المرشحين لن تكون حاسمة في معركة الرئاسة الأميركية، فبين المتنافسين خط طويل يمتد حتى حدود آخر المستعمرات في الضفة الغربية المحتلة. فهناك من يحشد لترامب أكثر حماسة بكثير من المواطنين الأميركيين المقيمين في الولايات المتحدة. خط ترامب، الذي أعلن أنه سيؤيد القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل اذا ما انتخب، بدأ جدياً يلعب على وتر الأقليات الدينية والعرقية في أميركا، محاولاً استمالة السود والنساء من جديد، بعد حالة من التوتر العرقي على خلفية مقتل مواطن أسود على يد الشرطة "البيضاء". أما كلينتون، فتركز كثيراً على جاليات عرفت قيمتها منذ أن هبط سعر "البيزو" المكسيكي بمجرد أن وطأت قدما منافسها أرض المكسيك.

في النهاية، نجد أن الانتخابات الأمريكية هي نتاج حشد اللوبيات في معركة الرئاسة الأميركية، بين متنافسين يعتبران الأقل شعبية على مستوى التاريخ الأميركي. وفي اللعبة الأكثر انتظاراً على المستوى المحلي الشعبي الأميركي، وبالتالي لن تكون خالية من المفاجآت.