الصحف الاجنبية: الخلافات التركية الاميركية حول سوريا تتفاقم وتزايد الانتقادات للعدوان على اليمن
علي رزق
كشفت مصادر صحيفة غربية أن وزارة الحرب الاميركية البنتاغون استعانت بإحدى شركات العلاقات العامة البارزة في بريطانيا من أجل إنتاج شرائط فيديو مزيفة عن تنظيم "القاعدة" وغيره من النشاطات.
بموازاة ذلك، حاول باحثون سعوديون الدفاع عن العدوان القائم على اليمن في ظل الانتقادات التي تتعرض لها الرياض على خلفية هذه الحرب، بما في ذلك تلك الصادرة عن أعضاء الكونغرس الاميركي.
و في سياق آخر، كشف صحفيون غربيون أن تركيا تعمل على إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وأن العلاقات الأميركية التركية تشهد تراجعًا بسبب خلافات حول السياسة المتبعة في سوريا.
أميركا وإنتاج الأفلام المزيّفة في العراق
كشف مكتب الصحافة الاستقصائية في لندن ان وزارة الحرب الاميركية البنتاغون قد منحت شركة "Bell Pottinger” البريطانية للعلاقات العامة عقدًا بقيمة تزيد عن نصف مليار دولار كي تدير برنامج "دعاية" سري في العراق.
وأوضح الموقع أن "Bell Pottinger" كانت تقوم بإنتاج شرائط فيديو مزيفة وغيرها من النشاطات، مضيفًا أن موظفي الشركة عملوا الى جانب الضباط العسكريين الاميركيين في كبرى القواعد الاميركية في بغداد.
كما أشار الموقع الى أن "Bell Pottinger” كانت تعمل بشكل مباشر مع البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومجلس الامن القومي الاميركي، لافتًا الى ان الجنرال ديفيد بترايوس – الذي كان قائد قوات "التحالف" في العراق آنذاك -- كان يعطي موافقته على نشاطات الشركة، وان البيت الابيض كان يقوم ايضًا من جهته باعطاء موافقته احيانًا.
الموقع ذكر أنه تمّت الاستعانة بالشركة المذكورة بعد الاجتياح الاميركي، إذ كلفت بشهر آذار/مارس عام 2004 بالترويج للانتخابات الديمقراطية في العراق. كذلك أوضح ان عمل الشركة كان من ثلاثة انواع:
الاول اعلانات تلفزيونية لإظهار تنظيم القاعدة بصورة سلبية، أما الثاني فكان انتاج مواد خبرية انتجت بشكل يفيد بانها من نتاج تلفزيونات عربية. وهنا شرح الموقع نقلًا عن أحد موظفي الشركة أنه كان يتم ارسال فرق لتصوير تفجيرات القاعد ثم تحرير هذه الصور لتصبح بمثابة مادة خبرية، وذلك قبل ان توزع الى محطات التلفزة بعد اضافة "صوتية باللغة العربية" عليها، أما النوع الثالث من عمل الشركة والذي يعد الأكثر حساسية فكان إنتاج أفلام دعاية مزيفة لتنظيم القاعدة، حيث شرح أن الضباط العسكريين الاميركيين كانوا يعطون التعليمات بضرورة استخدام صور استخدمتها القاعدة،على ان تكون الفترة الزمنية لكل شريط عشر دقائق، اضافة الى تفاصيل اخرى.
وأضاف الموقع أن قوات المارينز الاميركية كانت تحمل "اقراص السي دي" معها (اقراص افلام الدعاية المزيفة للقاعدة) خلال المداهمات التي كانت تنفذها و تقوم بترك هذه الاقراص عمدًا في مكان المداهمة.
باحثون سعوديون يحاولون الرد على تزايد الانتقادات للحرب على اليمن
الباحث السعودي منصور المرزوقي كتب مقالة نشرت على موقع "National Interest" تطرق فيها الى مشروع القرار الذي تقدم به أربعة من اعضاء الكونغرس لتعطيل صفقة التسلح مع السعودية التي تبلغ قيمتها 1.15 مليار دولار، وهو مشروع قرار لم يمر حيث صوت غالبية اعضاء الكونغرس لصالح إبرام الصفقة على الرغم من أنه نال 27 صوتًا في مجلس الشيوخ (مقابل 71 صوتًا).
وأشار الكاتب الى ان رعاة مشروع القرار المذكور قالوا إن خطوتهم تعود الى النزاع في اليمن، سواء كان الوضع الانساني المتدهور أو الضرر الذي ألحق بالامن القومي الاميركي نتيجة توسيع موطئ قدم المجموعات الإرهابية في اليمن بسبب الحرب السعودية على هذا البلد.
الخلافات التركية الاميركية حول سوريا تتفاقم
واعتبر الكاتب ان مشروع القرار الذي طرح يتجاهل "السياق الدولي والاقليمي والداخلي الاستراتيجي" الذي ادى بالسعودية الى انشاء تحالف عربي والتدخل في اليمن، على حد وصفه، مضيفًا أن "الاستدارة الاميركية نحو آسيا توجد فراغًا استراتيجيًا بالشرق الاوسط وأن حلفاء أميركا يشعرون بانه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف، وبالتالي فلا خيار سوى أخذ زمام الامور بشكل
مباشر.
وزعم الكاتب أن هذه التطورات الدولية فاقمت التهديدات بالشرق الاوسط،و خاصة ما اسماه "التوسع الايراني". وهنا ادعى بان السياسة الايرانية تعتمد على تقسيم العالم العربي الى الطائفتين السنية والشيعية، زاعماً بان ايران و من خلال ذلك يمكنها انشاء نفوذ لها داخل الدول العربية والتأثير بالتالي على السياسات الخارجية لهذه الدول.كذلك اضاف بان الحكومات الغربية اصبحت "من دون ان تدرك" وكلاء تعمل بخدمة التوسع الايراني،على حد قوله.
هذا وتحدث الكاتب عن نشوء الدولة السعودية الرابعة التي تستند على ثلاثة مصادر سلطة أساسية وهي: وزارات الدفاع والداخلية والحرس الوطني، مشيرًا الى أن ذلك يسمح باتخاذ قرارات سريعة و"روح المبادرة"، كما قال إن الرياض تنتقل من موقع رد الفعل الى موقع "أخذ المبادرة والفعل".
وعليه تابع الكاتب: "في ظل "الفراغ الاستراتيجي" بالشرق الاوسط و"التوسع الايراني" المزعوم، و"الوضعية الاستراتيجية السعودية الجديدة"، فإن الرياض تقدمت "لتصبح خط الدفاع الاول عن أمنها الذاتي"، كما قال إن التعاون مع الولايات المتحدة أصبح مبنيًا على تبادل المكاسب على المدى القصير وإن التحالف مع الولايات المتحدة تحوّل من "النفط مقابل الامن" الى "كل صفقة لوحدها"، بحسب تعبيره.
كذلك أضاف الكاتب أن أهمّ عنصر وراء تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن هو تصميم العرب على منع اليمن من أن يصبح "عراقًا آخر حيث تكون السيادة في طهران وليس في بغداد"، وفق ادّعائه.
وبينما لفت الكاتب الى أن رعاة مشروع القرار المذكور في الكونغرس يعتبرون ان التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لا يحارب تنظيم القاعدة، أشار الى أنه لا يمكن الانتصار على "القاعدة" في اليمن من دون وجود حكومة مركزية قوية وبنية دولة. وهنا زعم أن التحالف ما بين أنصار الله والقوى الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح يمنع نشوء الحكومة المركزية وبنية الدولة، زاعمًا أن محاربة القاعدة تبدأ من خلال تحويل انصار الله الى حزب سياسي وموافقة حزب علي عبدالله صالح على عملية سياسية شاملة.
كما قال الكاتب إنه وفي حال إضعاف القدرات العسكرية السعودية، فمن شبه المستحيل أن تقوم أيّة دولة اقليمية أخرى بحشد دعم المنطقة لما اسماه "خطة استقرار"، وأردف ان السعودية هي الدولة العربية الوحيدة "المستقرة والمزدهرة" على حد زعمه، وان الدعم العربي والاسلامي (المزعوم) لها لا يعود فقط الى عامل الاستقرار، بل الى ما أسماه قوة السعودية الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، إضافة الى قوتها الرمزية "كمكان ولادة الحضارة العربية والاسلامية".
وفي الختام، زعم الكاتب بان تعطيل صفقات التسلح مع السعودية ستضع سلامة اراضي العالم العربي وكذلك امنه واستقراره بخطر، وتابع ان تعطيل هذه الصفقات سيغيّر ميزان القوة ضد مصلحة الرياض وحلفائها ويضع بالتالي الامن الاميركي والمصالح الاميركية في خطر,
تفاقم الخلافات التركية الاميركية في سوريا
محرر الشؤون الدفاعية بصحيفة الاندبندنت "Kim Sengupata" كتب مقالة قال فيها ان قوات الجيش التركي ومن بينهم الف عنصر من القوات الخاصة تتحرك أكثر عمقًا في الاراضي السورية الى جانب مقاتلين من "المعارضة السورية"، وتقوم بانشاء منطقة آمنة على الحدود التركية السورية.
واشار الكاتب الى ان التطورات هذه تأتي في سياق عملية درع الفرات والتي اعتبر انها تميزت بتوتر متزايد بين انقرة وواشنطن من جهة وتحسين العلاقات بين انقرة وموسكو من جهة اخرى. كما لفت الى ان القوات التركية هاجمت المقاتلين الاكراد الذين هم أهم حلفاء اميركا في المعركة ضد داعش، مضيفًا في الوقت نفسه إن روسيا اعطت موافقتها الضمنية لما يقوم به الجيش التركي في شمال سوريا،على حد زعمه.
كذلك قال الكاتب إن انقرة تجاهلت تحذيرات واشنطن بعدم استهداف وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، وتابع ان المعلومات تفيد بان القوات التركية اصبحت على اطراف منطقة منبج الى جانب قوات ما يسمى "الجيش السوري الحر"، وذلك من اجل طرد قوات سوريا الديمقراطية من هذه المنطقة، كما نبه الى ان مسؤولين اتراك كبارًا يبحثون بامكانية عبور نهر الفرات، والذي يعتبر الاميركيون انه حدود النفوذ الكردي.
وأشار الكاتب الى ان الولايات المتحدة لا تزال تنظر الى الاكراد من وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية على انهم جزء اساس من الحرب على داعش والى انه تم توجيه هذه الرسالة الى الجانب التركي خلال اجتماعات جرت مؤخراً في انقرة.كذلك لفت الى ان المرشحة الديمقراطية للرئاسة الاميركية هيلاري كلنتون اكدت خلال المناظرة الرئاسية الاسبوع الفائت بان على اميركا ان تدعم "شركاءنا والعرب والاكراد كي نستطيع القضاء على داعش في الرقة".
الكاتب نبه الى ان تدهور العلاقات التركية الاميركية يتزامن وتحسين العلاقات الروسية التركية، وان تحسن العلاقات هذا استمر خلال عملية درع الفرات، ونقل عن "TalhaKose” وهو اكاديمي في مركز "SETA” للدراسات المقرب من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قوله إن الجانب الروسي لا يعترض على ما تقوم به تركيا في شمال سوريا، وان تركيا تعتبر ما تقوم به اميركا مضر للمصالح التركية.
وجدّد الكاتب تأكيده على أن تركيا تسعى لاقامة منطقة آمنة على الحدود مع سوريا، مشيرًا الى كلام اردوغان الذي قال فيه انه تم تأمين منطقة تبلغ مساحتها 900 كيلومتر مربع من أيدي الارهابيين نتيجة عملية درع الفرات، وان هذه المنطقة تتوسع جنوبًا وبالتالي قد يتم توسيعها لتلبغ مساحتها 5000 كيلومتر مربع "كجزء من منطقة آمنة".
ونبه الكاتب الى ان الرئيس التركي اشار كذلك الى ان الهدف المقبل للقوات التركية وما يسمى "الجيش السوري الحر" هو منطقة الباب التي تسيطر عليه داعش، ولفت في هذا السياق الى ان واشنطن لا تريد ان ترى القوات التركية او "الجيش السوري الحر" بهذه المدينة.
كما شدد الكاتب على ان مدينة الباب هي ذات اهمية استراتيجية ورمزية هائلة، إذ إنها كانت من اولى المدن في شمال سوريا التي احتلتها جبهة النصرة ومن ثم داعش، وختم أن مدينة الباب تعتبر معبرًا اساسياً للدخول الى "دولة داعش"، وبالتالي فإن السباق على الباب ستكون له أهمية كبيرة ليس فقط للحرب على داعش، بل أيضًا لعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة والغرب.