kayhan.ir

رمز الخبر: 45849
تأريخ النشر : 2016September30 - 20:07

اغتالوا المناضل الأردني ناهض حتر-ثريا عاصي


من هو ناهض حتر ؟ لماذا إغتالوه؟ لماذا يُغتال في هذا الزمان رجل مثل ناهض حتر في بلاده، في مملكة الأردن ؟ من هم المتهمون المحتملون في إغتيال ناهض حتر؟.. أسئلة كثيرة، ولكنها ليست جديدة . لا تزال تنتظر إجاباتنا عليها، منذ ان اغتيل في 1992 في مصر الكاتب المصري فرج فودة ثم كُفِر بعد ذلك زميله نصر حامد ابو زيد . الى ان جاءت «الثورات» الأميركية بوكالة خليجية وتركية عثمانية، فكان أول ضحاياها العقل !

اعرف ناهض حتر من خلال مقالاته ومواقفه ونشاطه السياسي . فكنت اتفق معه في مناصرته للمقاومة الإسلامية في لبنان، التي نهضت عندما كان المستعمرون الإسرائيليون يحتلون هذه البلاد وينكلون بأهل الجنوب . (علماً انه تقع على هذه المقاومة مسؤولية اغتيال مناضلين لبنانيين من طينة ناهض حتر. أذكر على سبيل المثال مهدي عامل وحسين مروه. ولا أنسى طبعا بعض قادة الحزب الشيوعي اللبناني )..

وفي السياق نفسه، أعتقد ان موقف ناهض حتر كان صحيحاً في تأييده للدولة السورية في حرب هذه الأخيرة دفاعاً عن السوريين وعن سورية، ضد الهجمة الإمبريالية الهمجية على البلاد العربية، وعلى سورية على وجه الخصوص، استناداً الى موقع سورية ودوره حاضراً ومستقبلاً، في تصدي حركة التحرر العربية لمقاومة الاستعمار الاستيطاني الغربي، بوجههالاسرائيلي.

هذا هو ناهض حتر الذي قتلوه في الأردن . اغلب الظن انهم قرروا التخلص منه إرهاباً، في سيرورة كم الأفواه . فناهض حتر أمضى العمر في النضال أملاً بان تتحرر بلاده، الأردن، من قبضة الاستعمار وبأن يجد الاردنيون والسوريون واللبنانيون والعراقيون والفلسطينيون، الذكاء اللازم لكي يأتلفوا في شراكة تمكنهم من خلق دول وطنية متكاملة متضامنة، مستقلة سيدة على ترابها الوطني .. هذا الأمل رغم انه كان بعيد المنال، بل يكاد ان يكون مستحيلاً بسبب تخلي الدولة المصرية عن دورها في منظومة الأمن القومي العربي، كان هذا الأمل هو الدافع المحفز لناهض حتر في اجتهاده الفكري وفي نشاطه السياسي .

من المرجح انه قتلوه من اجل هذا كله، مثلما طهروا جامعة الدول العربية، من العروبة وفرضوا على السوريين، بواسطة السيف العثماني، ان يتعلموا الديمقراطية من السعودية وان يبدلوا دياناتهم بالوهابية - الحنبلية، ومن يتأخر حلت عليه اللعنة وأهدر دمه بما هو مشرك وكافر !!

اما لماذا يُقتل ناهض حتر في الاردن، في هذا الزمان، فلأن الاردن وقع تحت سطوة الوهابية - الحنبلية . اي بكلام اكثر وضوحاً وصراحة، صار الأردن مرتهناً للوهابية - الحنبلية . من البديهي ان للضغوط الاميركية والاسرائيلية تأثيرها الكبير في ذلك .

كان الأردن أمام خطين لا ثالث لهما اما المسار العروبي واما الانصياع الكامل لإرادة المستعمرين . علما ان معاونة المستعمر تمثل، في مختلف الأحوال، حلاً انتحارياً بعد حين . لا شك في ان الأردنيين ما يزالون يدفعون فاتورة هزيمة المشروع العروبي، تحت القيادة الناصرية، في حزيران 1967 بالإضافة الى فاتورة هزيمة حركة التحرر العربية في أيلول 1970 تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية .

مجمل القول ان مقتل ناهض حتر اليوم في الاردن دليل على ان هذه البلاد تعاني من خلل خطير جداً ! اما المتهمون باغتيال ناهض حتر، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته ، فهم الذين اعتقلوا ناهض حتر، وادعوا ضده، وقبلوا ادعاء المدعين عليها، وجلبوه الى المحكمة، ليس من أجل مقاضاته وإنما من أجل تنفيذ حكم الإعدام به . هؤلاء من طينة الحكومة التونسية الاخوانية التي جاءت بها «ثورة الياسمين!» حيث قتل في عهدها المناضلين شكري بالعيد ومحمد الإبراهيمي !

الذين قتلوا ناهض حتر طالبوا بإعدامه، منذ اللحظة الأولى، في شوارع عمان ولكن أحدا لم يتقدم بدعوى ضدهم ولم يسمع الأمن الأردن بشعاراتهم .. السؤال الآن هو هل يستحق التطاول على داعش، والهزء من قراءتهم للرسالة المحمدية، هل يستحق هذا كله، كل ما جرى لناهض حتر!

بناء عليه ما هي الخطوط التي صار من المحظور تجاوزها تحت طائلة المسؤولية والعقاب شنقا او ضربا بالسيف او رميا بالرصاص .. سؤال أخير، وللبحث تتمة، هل يحق للمواطن، والغير مسلم، ان يفكر ان يتكلم في السياسة ؟ ان يكون ببساطة موطناً ؟؟ ان الاجابة لدى الذين قتلوا ناهض حتر .. لا .. لا يحق له ان يتعاطى في الشأن السياسي .. لا يحق له ان يكون مواطناً !!