kayhan.ir

رمز الخبر: 45587
تأريخ النشر : 2016September25 - 20:52

الغرب يبكي على "المحاصرين" في حلب ويضحك على المحاصرين في اليمن!


الغرب وعلى راسه اميركا كثيرا ما يحاول الظهور بمظهر "الجاهل” ازاء الاسباب التي تعدو شعوب العالم، لاسيما دول العالم الثالث لكراهية الغرب وسياسته ازاء هذه الشعوب، ويحاول ان يتعمد الجدية في هذا "الجهل” عندما يطلب من مراكز ابحاث معتبرة البحث عن الاسباب التي تدعو الاخرين لكراهيته، حتى باتت هذه الدراسات معروفة باسم "لماذا يكرهوننا”.

الاستهزاء الغربي الواضح بمشاعر الشعوب الاخرى، ما كان ليحدث لولا القوة العسكرية الهائلة التي يملكها، والتي جعلته يتصرف بهذا الشكل "المستهتر” مع الاخرين، فالاستهزاء مدعوم بقوة عسكرية هائلة، وهذه القوة هي التي تدفعه الى عدم الاعتناء برأي هذه الشعوب حتى ازاء القضايا التي تخصها بالصميم، كما هوالحال ازاء القضية الفلسطينية، فهو يقف الى جانب "اسرائيل” ويدعمها بكل ما اوتي من قوة ومنذ اكثر من 60 عاما، ويقف ومازال مع اكثر الانظمة استبدادا ورجعية في اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية، ويناصب العداء لكل الانظمة التحررية التي تنادي بالانعتاق من الاستعمار والتبعية، وكم قتل وشرد وعذب واعتقل الملايين من البشر في مختلف مناطق العالم على مدى اكثر من نصف قرن، الا انه ما زال يستهزء بعقول الاخرين عندما يعلن وبـ”براءة” مستهترة ، "لماذا يكرهوننا”.

آخر حلقات النفاق الغربي وليس اخرها، هو ما يحدث في منطقتنا العربية والاسلامية، فهو مع "الثورة” في سوريا، وضد "الثورة” في البحرين، ومع "الشرعية” في اليمن، وضد الشرعية في سوريا، ومع الجماعات التكفيرية في سوريا، وضد الجماعات التكفيرية في اليمن، ومع "الديمقراطية” في ايران، وضد الديمقراطية في السعودية، وضد حصول حماس والجهاد و حزب الله على ابسط الاسلحة لمواجهة الوحشية الاسرائيلية ، ومع عشرات المليارات من الاسلحة الفتاكة والمتطورة لـ "اسرائيل" للدفاع عن نفسها، وامام كل هذا النفاق الواضح والفاضح، يستمر هذا الغرب وعلى راسه اميركا بتكرار مقولة "لماذا يكرهوننا”، بنبرة تخفي وراءها الكثير من الاستعلاء والعجرفة والوقاحة.

ومن بين مجموع حلقات النفاق الاميركي الغربي التي ذكرناها، سنختار ساحتين، هما سوريا واليمن، لانهما تكشفان وبشكل كامل عن الوجه القبيح والعار للانفاق الاميركي، ازاء اكثر القضايا انسانية، وهي قضية معاقبة الناس بالحصار التجويعي بهدف اذلالهم وسلب انسانيتهم، لاستعبادهم ومسخهم.

الغرب وعلى راسه اميركا، اقام الدنيا ولم يقعدها، بسبب "المحاصرين” في القسم الشرقي من حلب، وربط كل شيء حتى مصير الهدنة ووقف اطلاق النار، بل مستقبل سوريا والحرب المشتعلة فيها، بالمساعدات "الانسانية” التي يجب ان تصل الى "المحاصرين”، واستخدمت الامم المتحدة كل امكانياتها وعقد مجلس الامن الدولي اكثر من اجتماع لـ”تقديم المساعدات الانسانية الى المحاصرين في حلب”، والمتتبع لتصريحات كبار المسؤولين في الادارة الاميركية وفي فرنسا وبريطانيا وحتى الامم المتحدة، حول حلب و”المحاصرين” فيها، لا يمكنه الا ان يقف مبهوتا من هذا الزخم غير المتعارف وغير المالوف من "التعاطف الانساني” الغريب من قبل الغرب ازاء "المحاصرين” في حلب.

اميركا وفرنسا انتقلتا الى مرحلة متقدمة في مواقفهما "الانسانية ازاء المحاصرين في حالب” حيث طالبتا بحظر الطيران السوري فوق سوريا، وعدم تدخل الحكومة السورية بنوعية المساعدات "الانسانية” التي تصل من تركيا الى "المحاصرين” داخل حلب، وبتناغم مريب رفض المسلحون في حلب اي تدخل من قبل الحكومة السورية في ايصال المساعدات، ورفضوا ايضا اي مساعدات من جانب الحكومة السورية، الامر الذي اثار اكثر من علامة سؤال حول طبيعة هذه "المساعدات الانسانية”، وكل هذه العواطف الانسانية الغربية لايصالها على اسرع وجه الى "المحاصرين” في حلب.

بالرغم من ان ليس هناك من انسان، مهما كانت مشاعره الانسانية متكلسة يمكنه ان يرفض ايصال مساعدات انسانية لاناس محاصرين في اي مكان في العالم، ولكن المعروف، وفقا للرواية الاميركية الغربية والسعودية والقطرية والتركية، ان عدة سنوات مرت على محاصرة الجيش السوري لشرق حلب بشكل كامل، وحسب هذه الرواية ان هناك 200 الف مدني ايضا، ولكن كيف يمكن لهذا العدد الكبير من الناس ان يحاصر في حلب الشرقية، دون ان تحصل مجاعة او استسلام الجماعات التكفيرية، بل على العكس تماما كلنا راى كيف شن مسلحو القاعدة (جبهة النصرة) وحلفاؤها من "المعارضة المعتدلة” قبل شهر هجوما واسعا وباحدث الاسلحة المتطورة، الثقيلة والمتوسطة على الجيش السوري، الامر الذي يضع اكثر من علامة استفهام حول حقيقة الحصار الكامل المفروض على الموطنين في شرق حلب، وكذلك حول عدد المواطنين المتواجدين حقا في شرق حلب.

ولكن امام هذه العيوان الغربية المفتوحة التي ترى كل شيء في حلب، وامام هذه الاذان الغربية التي تسمع كل شيء في حلب، وامام كل هذا الصراخ الغربي الذي وصل الى عنان السماء انتصارا لـ”المحاصرين” في حلب، نرى هذه العيون عمياء وهذه الاذان صماء وهذه الالسن خرساء، والقلوب كحجر الصوان، والمشاعر متكلسة ومتخشبة، امام ما يجري من مأساة انسانية كبرى يعيشها الشعب اليمني منذ اكثر من عام و9 اشهر، بل على العكس تماما نرى هذا الغرب المنافق وعلى راسه اميركا، يشارك مشاركة فعالة في العدوان الظالم على الشعب اليمني، ويتدخل في ادق تفاصيل العمليات الحربية، ويمد الجانب الذي يعتدي على الشعب اليمني باحدث الاسلحة وبمليارات الدولارات، رغم تقارير الامم المتحدة، التي تصدر بين وقت واخر عن استحياء، والتي توثق بالارقام والصور، الدمار الشامل الذي تعرضت له البنية التحتية لليمن، ومحاصرة شعب كامل ومنذ عامين من البر والبحر والجو، وهو ما دفع برنامج الأغذية العالمي للاعتراف بإن نحو نصف محافظات اليمن الاثنتين والعشرين على شفا المجاعة نتيجة الحرب. اما سيسيل بويلي المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فاعلنت إن 41 هجوما على الأقل أصابت منشآت مدنية وقتلت 180 مدنيا في أغسطس آب الماضي بزيادة نسبتها 40 في المئة في عدد الوفيات مقارنة بيوليو تموز.

مساء يوم الاربعاء الماضي، 21 سبتمبر/ أيلول 2016، شنت طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية غارات مدمرة على منطقة "سوق الهنود” بالحوك، بمدينة الحديدة، غرب اليمن، قتل اكثر من 30 شخصا واصيب نحو 100 شخص اصابات بعضهم وخيمة، بينهم العديد من الاطفال والنساء، بشاعة القصف الجوي دفعت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى اصدار بيان شجب فيه الهجوم، وهذا الموقف الاممي هو الحد الاعلى الذي يمكن ان تصل اليها الادانات الدولية ازاء سلسلة ضربات أصابت مدارس ومستشفيات وأسواقا ومنازل خاصة، وازهقت ارواح اكثر من عشرة الاف مدنى جلهم من الاطفال والنساء، وشردت الملايين، ولم ترتق هذه الادانات ولا مرة واحدة الى مستوى مجلس الامن او التدخل من اجل وقف الحرب او رفع الحصار او حتى نقل مأساة الشعب اليمني للراي العام العالمي.

كراهية الشعوب لاميركا والغرب ستتواصل مادامت العين الاميركية لا ترى القصف الذي يستهدف المستشفيات ورياض الاطفال ومحطات المياه والمدارس والمزارع، في اليمن، بينما تضع تحت المجهر احتراق بضع شاحنات محملة بـ”مساعدات” على ابواب حلب، وتقيم الدنيا ولا تقعدها، رغم ان الحادث مريب الى حد ان هناك من يتهم اميركا والجماعات التي تدعمها بالوقوف وراءه، فالهجوم كان يخدم اميركا وجماعاتها في سوريا. ان كراهية الشعوب للغرب واميركا ستتواصل مادام هذا الغرب يبكي على "المحاصرين” في حلب، بينما يضحك ملء شدقيه على الشعب اليمني المحاصر باكمله ويعيش نحو عامين تحت القصف الاعمى المستمر.

اشفقنا