رسائل الأسد لأطراف الصراع
زياد حيدر ــ
بالتزامن مع انعقاد اجتماعات الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، وجه الرئيس السوري بشار الأسد رسائل سياسية عدة، دولية وإقليمية، تزامنا مع وصول رئيس ديبلوماسيته وزير الخارجية وليد المعلم، لتمثيل سوريا في نيويورك، وقبيل ساعات من عقد "مجموعة دعم سوريا" اجتماعها الثاني خلال يومين.
واختار الأسد وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، لتأكيد وصول الرسائل لأصحابها المعنيين، ومن بينها إصرار الحكومة السورية على الالتزام بخياراتها السياسية والعسكرية من دون تغيير.
وعكس الرئيس السوري، مجددا، قراءة متشائمة لتوقعات نهاية الحرب المرتبطة، وفق قوله، بتراجع قادة تركيا والولايات المتحدة والسعودية وقطر عن سياستهم العدائية تجاه الحكم القائم في دمشق، ولكن من دون أي تعبير عن ضعف أو وهن في الرغبة بمقاومة المشروع الذي ترى القيادة السورية أنها تواجهه، وأيضا من دون التلميح لأي إشارات تفكك في المعسكر المعادي، أو حتى تقارب تكتيكي نتيجة تشابك المصالح والعداوات، التي تعتبر الساحة السورية غنية بها الآن.
وظهر كلام الأسد متوافقا إلى حد كبير، عما يصدر عن موسكو وطهران، ومنسجما مع ما يكرره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ولا سيما خطابه خلال جلسة مجلس الأمن المخصصة لسوريا .
والأرجح أن كلام الرئيس السوري، لم يرتكز على رمزية التوقيت فقط، حيث يلتقي "زملاؤه" في نيويورك في كواليس وقاعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحث مصالحهم في الساحة السورية، بل يستند أيضا الى شعوره بالثقة بالتحضيرات العسكرية الجارية في حلب، والتي تتضمن، وفقا للمعلومات المتوافرة، استعدادا عسكريا روسيا أيضا، من دون اكتراث حقيقي بما ستؤول إليه النقاشات عن تمديد للهدنة.
كما يستند لنجاح مسؤوليه المحليين في تحقيق اختراق جديد بتوقيع اتفاق لانسحاب مقاتلي المعارضة من حي الوعر في حمص، مستغنين عن دور الأمم المتحدة السابق والأساسي في هذا النوع من التسويات، وذلك بعد استجابة الأخيرة في اللحظات الأخيرة لضغوط دولية بالانسحاب من الاتفاق.
ويبدو من حديث الأسد أن أي هدنة جديدة لن تكون أفضل من سابقاتها، ولا سيما أنه يحمل الجانب الأميركي وأدواته من "داعش" و"جبهة النصرة"، كما يقول، مسؤولية إفشال الهدنتين الحالية، بقصف موقع الجيش السوري في دير الزور، والسابقة في شهر شباط الماضي.
وبدا ممكنا الاستنتاج من الحديث أنه سواء توصل الطرفان الأميركي والروسي لـ "تمديد" هدنة غير قائمة حقيقة، أم لا، فإن إمكانية تطبيق أي حظر طيران سوري لمهاجمة أهداف محددة، لا يزال بعيدا، خصوصا أن موسكو توافق دمشق على ضرورة مواصلة القتال ضد حركة "أحرار الشام" المتطرفة، والتي تعتبرها موسكو، بدورها، إرهابية.
ومما لا شك فيه، أن كلام الأسد سيشكل منصة للتجاذب في اجتماع "مجموعة دعم سوريا"، كما سيبدو باعتباره تصعيدا واستهتارا بالسياسيين الذين يبحثون مستقبل الوضع في سوريا، بغياب مسؤولي البلد المعني.
وعلى الأرجح يبدو أن الأسد يريد أن يصل هذا الاستهزاء، وتوصيفه للمسؤولين الأميركيين بـ "الكاذبين" والأوروبيين بـ "بالمنافقين"، إلى مسامعهم، وهو على ثقة بأن هذا الاجتماع سيكون مثل الذي قبله، وأن الحرب مستمرة إلى حين.