kayhan.ir

رمز الخبر: 45461
تأريخ النشر : 2016September23 - 20:14

رسائل صاروخية سورية.. تفاجئ تل ابيب


جهاد حيدر

بعيدا عن النتائج العملياتية للتصدي السوري للطائرات الاسرائيلية، فإن ما سيحضر بقوة في وعي صانع القرار في تل ابيب هو سؤال حول السبب الذي دفع القيادة السورية، وعلى رأسها الرئيس بشار الاسد، لاتخاذ هذا القرار رغم ما قد ينطوي عليه من نتائج وتداعيات.. السؤال الأهم، اسرائيليا: هل ما جرى هو بداية مرحلة جديدة، تستدعي بالضرورة معادلة جديدة مع الجنوب السوري..

ما يمكن وصف ردة الفعل الاسرائيلية به، هو المفاجأة بكل ما لهذه الكلمة من معنى. سواء إزاء أصل قرار التصدي الصاروخي، وفي هذا التوقيت بالذات. أو نتيجة الاعلان السوري الرسمي عن العملية، وما قد ينطوي عليه من كشف عن توجه سوري دفاعي..

في المقابل، فان اقل تقدير للرسالة السورية، يؤكد ان مخاوف اسرائيل وقلقها في محلهما إزاء ما يمكن أن تخبئه المرحلة المقبلة من خيارات. مع التأكيد على أن أكثر من يدرك مغزى هذه الرسائل هو المؤسسة الاستخبارية والسياسية في تل ابيب.

استنادا الى الاداء الاعلامي الاسرائيلي، يبدو أنهم في تل ابيب راهنوا على أن السوري لن يعلن عن محاولته اسقاط الطائرات الاسرائيلية.. وهو ما يجنبهم أي حرج مفترض. لكن الجيش السوري أعلن عبر بيان رسمي عن عملية استهداف الطائرات، وهو ما شكل مفاجأة لا يقل وقعها في تل ابيب، عن وقع عملية التصدي الصاروخي للطائرات الاسرائيلية..

برز عنصر المفاجأة الاسرائيلية، من خلال تجاهل وسائل الاعلام للتصدي الصاروخي السوري، ثم اضطر الى تناولها عبر الناطق باسم الجيش بعدما اعلن الجيش السوري عن العملية.. ثم الارتقاء الى مرحلة الاعتراف باطلاق الصواريخ السورية باتجاه الطائرات.

الجبهة السورية الاسرائيلية

رسائل صاروخية : من سوريا الى اسرائيل...

القدر المتيقن إزاء الاشتباك الصاروخي - الجوي، أنه من الصعب الفصل بين الاعتداءات الاسرائيلية والهجمات الفاشلة التي شنتها الجماعات المسلحة، وبين الاتفاق الروسي الاميركي حول سوريا. ويرجَح أن الاسرائيليين يدركون ان قرار التصدي الصاروخي للطائرات الاسرائيلية، لا ينفصل عن شعور القيادة السورية، بأن هامش حركتها بات أوسع نطاقا مما كان عليه سابقا. وهو ما يرفع من منسوب القلق في تل ابيب، ازاء المرحلة المقبلة. وما يعزز القراءة الاسرائيلية، المفترضة، أنه سبق هذه العملية، الاعلان عن مقاربة اسرائيلية للاتفاق الروسي الاميركي، ونتائج معركة حلب، تقوم على اساس أن ما جرى ليس في مصلحة اسرائيل، خاصة أنه يؤدي الى تعزيز الرئيس بشار الاسد، ومحور المقاومة. واستنادا الى هذا المفهوم، يكون الانتقال السوري الى مرحلة التصدي الصاروخي المباشر للطائرات الاسرائيلية، تجسيدا وترجمة لهذا التحول الميداني السياسي.

على خط مواز، لوحظ تعمد اسرائيل توجيه رسائل اعلامية بهدف الردع، بعد عملية التصدي الصاروخي للطائرات الاسرائيلية، عبر رفع منسوب الحديث الاعلامي الاسرائيلي عن مناورات اركانية، يتم خلالها استدعاء نحو 200 الف جندي، (المناورة الاركانية تعني أنه لا يتم استدعاءهم فعليا). وايضا، كشفت القناة الاسرائيلية الاولى، عن أن الجيش الاسرائيلي لا يعرف حتى الآن من يقف وراء اطلاق الصواريخ، هل هو حزب الله أم الجيش السوري، أم الجيش الروسي..

يحتمل هذا الاداء الاعلامي نوعين من التفسيرات. الاول، أن يكون هناك فعليا غموض لدى القيادة العسكرية، ويعني ذلك، أن خلفيات عملية التصدي ما زالت غير واضحة وبالتالي قد يدفعها ذلك، للتريث من أجل فهم ما جرى وعلى أن يبنى على الشيء مقتضاه على مستوى الرؤية والتقدير للمرحلة التي تلي، وما يترتب على ذلك، من خيارات عملانية.

في المقابل، من المحتمل أن نكون امام تعمية اسرائيلية مقصودة بهدف احتواء الحرج الذي أصيبت به القيادة الاسرائيلية والايحاء بأنها في حالة انتظار لجلاء الحقائق..

في كل الاحوال، تبقى مروحة من الاسئلة المعلقة، التي ستكشف الايام المقبلة الاجابة العملية عليها. هل ما جرى هو رسالة كبح سورية ازاء تزايد وتصاعد التدخل الاسرائيلي واعتداءاته في الفترة الاخيرة.. أم أنه رسالة لردعه عن أي استهداف للاراضي السورية.. أم أنه بداية مسار جديد يتصل بالمعادلة مع اسرائيل.. وما هو الجواب الاسرائيلي على كل من هذه السيناريوهات..

مع ذلك، ما يمكن قوله، أن اسرائيل لا تستطيع التخلي عن سياسة الرد المدروس والمنضبط عما تقول أنه انزلاق للقذائف الصاروخية باتجاه الاراضي التي تحتلها في الجولان. ويعود ذلك، إلى أن الانكفاء الاسرائيلي عن هذه السياسة سيؤدي حكما الى تزايد منسوب هذه الانزلاقات.. خاصة وأن الاسرائيلي يحرص على أن لا يكون رده بالمستوى الذي يستفز السوري نحو ردود قاسية قد تصل الى التدحرج نحو مواجهة لا يبدو أن أي من الطرفين معني بها حتى الان في هذه المرحلة.