العبث الاميركي في حلحلة الازمة السورية
واخيرا اقرت موسكو بان الهدنة المتفق عليها مع الجانب الاميركي في سوريا قد سقطت لان التزام طرف واحد اي الطرف الحكومي وحده لن يكون مجديا. فبعد اسبوع ملئ وبمئات من الخروقات التي اقدمت عليها المجموعات المسلحة في مختلف المناطق السورية لم تكن هناك اساساً هدنة على ارض الواقع وهذا ما تريده اميركا التي ترى ان استمرار الازمة السورية كفيل بتأمين مصالحها من خلال اولا استنزاف الطاقات الروسية والايرانية وقوى المقاومة وثانيا اضعاف دور السعودية وتركيا في ان تكون رقما في هذه الازمة على ان تمسك هي بجميع اوراق اللعبة. لكن غلطتها الكبيرة التي ستدفع ثمنها مستقبلا هو قصفها لمواقع الجيش السوري في محيط مطار دير الزور، المحاصر من قبل داعش، قد كشف عمق تواطئها مع داعش والقوى التكفيرية الاخرى التي عجزت حتى الان عن فك الحصار عنها في حلب والتي بات في طريقها للموت البطئ، الا ان هذه الخطوة الجنونية والحمقاء للطيران الاميركي وبعض الحلفاء والتي دفع ثمنها الجيش السوري بعشرات الشهداء والجرحى لن يغير من الواقع شيئا وان حصار حلب الشرقية سيستمر حتى يستسلم هؤلاء الارهابيون او يأتي عليهم الموت الزؤام، لكن تبريرها السخيف بان القصف جاء عن طريق لن يمحي آثار هذه الجريمة البشعة التي يجب ان تحاسب عليها.
ومن يراقب المواقف الاميركية وسياستها الملتوية والنفاقية تجاه سوريا وروسيا في هذه الهدنة او الهدن السابقة يستشف بسهولة انها غير صادقة بالمرة لانجاحها لانها مستمرة في مراوغتها في عدم التفكيك بين القوة المعتدلة كما تسميها وبين المجموعات الارهابية اضافة الى تملصها عن كشف تفاصل الاتفاق مع موسكو رغم الدعوات المكررة للمسؤولين الروس في الاعلان عنها.
اما لعبتها الاخرى والمعروفة في العزف على وتر ضرب الطائرات الروسية والسورية لقوافل المساعدات قرب حلب هو لخلط الاوراق وتاجيج الازمة لالقاء تبعاتها على الطرف الاخر في خطوة الى الامام للتهرب من مسؤولية كسر الهدنة التي تبنتها بالنيابة عن المجموعات الارهابية.
لكن المحير في هذا الاتفاق هو التملص المفتوح والعلني لواشنطن من اي التزام رغم التوقيع او التفاهم عليه وهذا يدلل على ان اميركا لاعهد ولا ميثاق لها، رغم كل ما تعلنه امام العالم. فتغطيتها لمئات الخروقات التي اقدمت عليها المجموعات الارهابية طيلة اسبوع الهدنة لدليل اكيد على مراوغاتها السياسية واستغلالها البشع لهذه الهدنة كي تكون متنفسا لهذه المجموعات التي اصبحت تحت طائلة الضغوط والحصار كي تستعيد بعض قوتها منعا للانهيار الذي سيكون له عواقب وخيمة لاميركا وحلفائها في المنطقة الذين وضعوا كل ثقلهم وامكاناتهم المادية والمعنوية لاسقاط النظام السوري واذا بهم اليوم وبعد ست سنوات يجرون ذيول الخيبة والخذلان وعاجزين على التستر عن فضائحهم وتبرير ما اقدموا عليه امام شعوبهم وهذا ما سيفرض عليهم استحقاقات كبيرة يجب دفع ثمنها.