سوريه قلبت الموازين من استراليا الى الصين
رفعت البدوي*
في العام 2014 انعقدت قمة G20 في مدينة برسبرن الاسترالية ومنذ ايام اختتمت قمة G20 للعام 2016 في مدينة هانغتشو شرق الصين ، لا يحتاج المراقب لملاحظة التغيير او التحول الكبير الذي طرأ على المشهد ما بين القمتين ففي استراليا لوحظ ان رئيس روسيا ڤلاديمير بوتين كان شبه مغيب وعومل معاملة المنبوذ بل ان اصوات عدة طالبت بعدم اشراك بوتين بقمة 2014 في استراليا .
وبعد مرور عامين ونيف على دخول روسيا معترك الميدان العسكري في سوريه وتحقيق العديد من النجاحات ادرك الجميع اننا امام مرحلة جديدة بات فيها الروسي شريكاً اساسياً في تشكيل نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب فكان لرئيس روسيا استقبال الفاتحين في قمة العشرين التي انعقدت في الصين حيث فرش له السجاد الاحمر وكانت كل الانظار تتجه صوبه تودد له الرؤساء والزعماء المشاركين في القمه انصتوا باهتمام بالغ للكلمه التي القاها بوتين في المؤتمرين خصوصاً بعد الاجتماع بالرئيس الامريكي اوباما لاكتشاف سبل الحل بالملف السوري
اذا تغير مشهد القطب الاحادي الذي تعودنا عليه ولف المنطقة لاكثر من ثلاثة عقود متواصلة اي منذ سقوط الاتحاد السوفياتي وتغييب روسيا الاتحادية عن قرارات النظام العالمي لتعود روسيا بوتين وبقوة من خلال البوابة السورية بتثبيت موقعها لتحصل على اعتراف امريكي غربي بان نظاماً عالمياً جديدا في طور التكوين وأننا فعلاً دخلنا حقبة جديدة، وهي حقبة تعدّد الأقطاب في هذا العالم.
سوريا فرضت قواعد لعبة جديدة
لا غلو في القول ان الساحة السورية صارت الشغل الشاغل و محط اهتمام العالم اجمع كونها شكلت الجسر المتين الذي سمح لروسيا بوتين بعبور آمن ليطرق باب النظام العالمي الجديد ويفرض نفسه على طاولة تقاسم النفوذ العالمي
صحيح ان روسيا وسوريه تتمتعان بعلاقات استراتيجية منذ عهد الراحل حافظ الاسد لكن الرئيس بشار الاسد حافظ على ما بناه ابيه من علاقات طيبة ترتقي الى مستوى التحالف استراتيجي مع الروس على الرغم من كل المغريات الهادفة لفك هذا التحالف
إذاً المسار التاريخي والاستراتيجي في العلاقات بين البلدين ، وبالتناغم مع صمود الجيش العربي السوري، والشعب السوري رغم جسامة التضحيات اوصل هذا المسار إلى نقطة العالم المتعدد الأقطاب. والفضل يعود بهذا الى صمود الشعب والجيش العربي السوري وصمود الدولة والقيادة السورية بشكل اسطوري
من المسلم به ان الازمة السورية ونظراً لتشعباتها وتعقيداتها لم تعد تقتصر على دول محيطة بها ولا نغالي القول ان سوريه اصبحت بمثابة المفتاح والمدخل لحل مشكلات بلاد ومناطق عديده مثل العراق وتركيا ولبنان والاردن و اوكرانيا وحتى فلسطين ، ان معظم العالم بات ينظر الى سوريه كدولة وشعب وجيش وقيادة نظرة مغايرة لتلك التي بدأت معها الازمة منذ العام 2011 لان الساحة السورية اصبحت نقطة الاتكاز الجاذبة التي ستولد نظامنا العالمي الجديد ونقطة قبلة للطامحين بحجز اماكن وادوار في هذا النظام الجديد بعد ان تشابكت كل المصالح فيها
نتائج الاجتماع الماراثوني بين كيري ولافروف التي اعلنت عقب حفلة الڤودكا والبيتزا لم تكن سوى سلم روسي لانتزاع قبول امريكي بالنزول من اعلى الشجره و الانضواء تحت خطة مشتركة مع روسيا بمحاربة الارهاب المستشري في سوريه والعراق
على الرغم من التطور اللافت باعلان مهل زمنية محدده في الاتفاق المعلن الا ان عوامل عدة تجعلنا نشكك محددا بالنوابا الامريكية بجدية تنفيذ ما اتفق عليه بين الطرفين نظراً لعدم وجود آلية واضحة تضمن تنفيذ ما اتفق عليه بالاضافة للعامل الاسرائيلي الذي ظهر وبقوة من خلال الغارات المتكرره للمطالبة بحصته من الاتفاق على الجبهة الجنوبية ولا ننسى ان مكتب الامن القومي الامريكي المتمثل بوزير الدفاع اشتون كارتر وتشاك هيغيل وروبرت فنسنت لم يوافقوا على ما ورد في بنود الاتفاق بعدما عجزوا عن تحقيق اي من اهدافهم بالميدان العسكري اوالتفاوضي
باختصار ان النتائج المعلنة محاولة امريكية للابتزاز وتحسين الموقع التفاوضي في القادم من الايام برعاية الامم المتحده بالاضافة الى تجميد وترحيل الملفات سياسياً وعسكرياً الى ما بعد التعرف على هوية وتوجهات الادارة الامريكية الجديده وتحديد وكيفية التعاطي معها، والى حين وضوح الرؤية وتحديد الوجهة والهوية يبقى الكلام الفصل للميدان،،