kayhan.ir

رمز الخبر: 44991
تأريخ النشر : 2016September13 - 19:16

جنون سعودي من «غروزني»: الوهابية رأس السُّنة.. ولتُحرق مصر!

علي مراد

لا يبدو أن المؤتمر الذي عُقد في العاصمة الشيشانية غروزني، قبل نحو أسبوع، تحت عنوان «من هم أهل السنّة والجماعة؟»، مرّ مرور الكرام على من شعروا بأنهم قد مسّهم منه لمز وغمز، خاصة مشيخة السعودية، وكذلك الداعية القطري ــ المصري يوسف القرضاوي، ومعهما جهات أخرى تدور في الفلك نفسه.

وكان المؤتمر قد عُقد برعاية الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وحضور شيخ الأزهر أحمد الطيب، وأكثر من مئتي عالم من دول عربية وإسلامية، وخلص بعد ثلاثة أيام إلى أنّ «أهل السنّة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكية».

ورأى المشاركون أن المؤتمر «نقطة تحول مهمة وضرورية لتصويب الانحراف الحادّ والخطير الذي طاول مفهوم أهل السنّة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه»، من ثم أوصوا بإنشاء قناة تلفزيونية على مستوى روسيا «لتوصيل صورة الإسلام الصحيحة».

هذه التوصيات، وحتى نوعية العلماء المشاركين في المؤتمر، أثارت غضب السعوديين ــ أولاً ــ الذين شنوا حملة عنيفة على من شارك فيه، معتبرين أن علماء السعودية والمدرسة السلفية أُقصُوا عن المشاركة عمداً. كذلك أصدرت «هيئة كبار العلماء السعودية» بياناً، انتقدت فيه المؤتمر بصورة غير مباشرة، محذرة من «دعوات إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية».

لكن ردود الفعل شملت كل الشرائح والمستويات في السعودية من مشايخ الوهابية إلى كتّاب وصحافيين وحتى أمراء. ونُشرت مقالات في الصحف وتغريدات على «تويتر» هاجمت المؤتمر والمشاركين فيه. أما الكاتب السعودي محمد آل الشيخ، فاختار مهاجمة الطيب ومن ورائه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في تغريدة كتب فيها: «مشاركة شيخ الأزهر بمؤتمر غروزني الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنّة يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر فوطننا أهم ولتذهب مصر السيسي إلى الخراب».

وأضاف آل الشيخ في تغريدة أخرى: «كنا مع السيسي لأن الإخونج والسلفيين المتأخونين أعداء لنا وله، أما وقد أدار لنا ظهر المجن في غروزني وقابلنا بالنكران فليواجه مصيره منفردا»، وقال في تغريدة ثالثة: «مؤتمر الشيشان تم بإشراف استخباراتي روسي إيراني لإخراج المملكة من أهل السنّة والجماعة وشيخ الأزهر (يبصم) ببلاهة وغباء؛ امحق حليف!».

أيضاً، قال الأكاديمي محمد عبد الله العزام، إن «مفتي مصر السابق علي جمعة تتلمذ على الشيخ حمود التويجري احد علماء السعودية وشبع من علمهم وموائدهم... أستغرب صمت مؤيدي السيسي من السعوديين عن خيانة مؤتمر الشيشان... مكافأة شيخ الأزهر للسعودية على مشاريعها الضخمة في الأزهر التحالف مع بوتين لطردها من العالم الإسلامي.. تحتاج لطبيب نفسي». في المقابل، لم يستطع بيان الأزهر تهدئة هذه الردود العنيفة، رغم أنه شرح أن الطيب في كلمته أمام المؤتمر شمل «أهل الحديث» ولم يُقصِهم، وأضاف أنه «يحثّ دائماً في كل خطبه ومقالاته على ضرورة لمّ شمل أهل السنّة دون إقصاء أو تهميش لأحد، بل دائماً يدعو إلى وحدة المسلمين على اختلاف مذاهبهم».

رغم ذلك، استمرّ المغردون السعوديون في حملة الشتائم للأزهر وللسيسي، فيما رأى البعض أن خطوة المؤتمر ما هي إلا البداية لتشكّل كتلة معادية للمدرسة السلفية، من شأنها أن تشكّل رقماً في الساحة الإسلامية في المستقبل القريب. كذلك قال الداعية السعودي عادل الكلباني في تغريدة على «تويتر»: «ليكن مؤتمر الشيشان منبِّهاً لنا بأنَّ العالَم يجمع الحطب لإحراقنا!».

من جهة أخرى، ذهب الداعية السعودي المعتدل حسن المالكي إلى القول إن «إخراج مؤتمر الشيشان لفرع ابن تيمية ليس إخراجاً للسلفية، ولكن فرع ابن تيمية توسع كثيراً وبدع المذاهب السنية الأخرى وكما تدين تدان»، مضيفاً أن المؤتمر «يبقى مذهبياً إلا أنه يؤكد التصدي للغلاة وكشف توظيفهم للدين الإسلامي في سفك دماء المسلمين والمسالمين وهذه إيجابية».

لكن الداعية القرضاوي اختار أن يتحدث بصفته رئيساً لـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، بوصفه مؤتمر غروزني بأنه «مؤتمر ضرار». وقال في بيان نشره موقعه الإلكتروني: «أزعجني هذا المؤتمر بأهدافه وعنوانه، وبطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه، كما أزعج كل مخلص غيور من علماء الإسلام وأمته، فرأيت أن أصدقَ ما يوصف به أنه مؤتمر ضرار». وتابع القول: «البيان الختامي للمؤتمر بدلاً من أن يسعى لتجميع أهل السنّة والجماعة صفاً واحداً أمام الفرق المنحرفة عن الإسلام، المؤيدة سياسياً من العالم، والمدعومة بالمال والسلاح، إذا به ينفي صفة أهل السنّة عن أهل الحديث والسلفيين من الوهابيين، وهم مكوِّن رئيسي من مكونات أهل السنّة والجماعة».

والواضح أن تبعات المؤتمر لن تمرّ بسهولة، خاصة أنه لم يرُق السعوديين وأحرجهم مشاركة الطيب فيه، ما قد ينتج في المستقبل القريب مؤتمراً مماثلاً برعاية سعودية يدّعي التمثيل لنفسه، خاصة أن المملكة حريصة منذ مدة على ما تسميه تصدُّر «زعامة العالم الإسلامي».