عام على مجزرة مِنى...
- الشيخ عفيف النابلسي
عام على مجزرة مِنى التي أودت بآلاف الحجاج من دون أن يرفّ لـ آل سعود جفن. لم يجروا تحقيقات علنية وشفافة. لم يقبلوا بمحققين من الخارج، خصوصاً من الدول التي سقط لها شهداء. لم يقدّموا تبريرات منطقية عن أسباب الحادثة. لم يعتذروا. لم يدفعوا تعويضات. لم يبادروا إلى عزل أو معاقبة أيّ متعمّد بالضرر أو مقصّر. لم يبادروا إلى إعلام أحد عن الإجراءات التنظيمية المستقبلية التي تمنع تكرار هذه الحادثة.
عام من الاستخفاف بأرواح الحجيج الذين سقطوا والتي تشير معظم المعلومات إلى أنهم قتلوا بقرار متعمّد من قبل السلطات السعودية التي ارتكبت في السنين الماضية أيضاً مجازر بحق الحجيج من دون أن ترى أنها مسؤولة عن أيّ تبعات إنسانية وأخلاقية وإسلامية.
وبدلاً من أن تصحّح صورتها أمام الرأي العام الإسلامي، إذ بها تمعن في التكبّر والاستعلاء والضلال فتمنع حجاج هذا البلد وذاك وكأنها هي المُنصّبة من قِبل الله عز وجلّ بقبول أو حرمان أيّ راغب في الحج، وكأنّ الأماكن المقدسة في مكة والمدينة هي حكر لآل سعود خاصة.
في الواقع، إنّ السياسات التي يتبعها آل سعود سواء المتعلقة بالحج أو غيرها هي سياسات متعسّفة وبغيضة.
ومن أجل البقاء على كرسي العرش، فإنهم مستعدّون لممارسة أقذر وأبشع أنواع الظلم، وهو ما يحصل تماماً في أكثر من بلد في العالم الإسلامي.
في العراق هم شركاء في قتل آلاف العراقيين وتهجير آلاف ودمار وخراب مئات المدن.
في سورية هم أساس الفتنة والقتل والفوضى التي مزقت البلد، وها هو عدد الضحايا يربو على نصف مليون مع دخول الأزمة عامها الخامس.
في اليمن يستمرّون في عدوانهم على مرأى من العالم أجمع حتى وصل عدد الضحايا إلى الآلاف معظمهم من الأطفال والنساء.
وقد قصفت الطائرات السعودية مستشفيات ومدارس ودمّرت أماكن أثرية ومساجد من دون أن يرفّ لها جفن.
في لبنان كانت فاعلة في إدامة الصراعات وتسعيرها، وفي خذلان المقاومة والتآمر عليها خلال العدوان الإسرائيلي العام 2006 وما زالت تعطل عمل المؤسسات الدستورية بتدخلها السافر.
أما في فلسطين، فلم تكن يوماً مع المقاومة بل قدّمت مشروعات تسوية مذلة مع الكيان الصهيوني، وها هي اليوم تتقدّم في تطبيع علاقاتها معه، متغافلة أنّ للفلسطينيين أرضاً وحقوقاً يفترض بخدام الحرمين أن يكونوا مساندين وداعمين لاسترجاعها. أما في البحرين فإنّ آل سعود هم الذين يمنعون حقوق الشعب البحريني، وهم من يتدخل عسكرياً لمنع هذا الشعب من نيل حقوقه وحريته. ها هم حكام آل سعود الذين يُمعنون بغدرهم لهذه الأمة التي تجتاحها نيران الفتن بسبب قوة التكفير وقوة المال التي يمتلكونها.
المهمة واضحة: نحتاج وحدة إسلامية صادقة وقوة إسلامية أصيلة تستأصل هذا المرض الخبيث من الأمة.