kayhan.ir

رمز الخبر: 44739
تأريخ النشر : 2016September07 - 20:11

تل أبيب: حزب الله قادرٌ اليوم وغداً على القتال في الجبهتين السورية واللبنانية

زهير اندراوس

من نوافل القول والفصل أيضًا إنّ هناك العديد من العوامل، التي تمنع "إسرائيل" من خوض حربٍ جديدةٍ ضدّ حزب الله اللبنانيّ، بعد مرور عقد من الزمن على المُواجهة الأخيرة بينهما. ربمّا، يكون العامل الأوّل، أنّ الجبهة الداخليّة في الدولة العبريّة، والتي ستتحوّل، وفق المصادر الأمنيّة والعسكريّة في تل أبيب، إلى ساحة حرب، غيرُ جاهزةٍ بالمرّة، الأمر الذي في حال اندلاع المُواجهة، سيُوقع المئات، إنْ لم يكن الآلاف من القتلى والجرحى في صفوف المُواطنين، وهو الأمر الذي لا يقدر المجتمع الإسرائيليّ على تحملّه بتاتًا، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار، أنّ فرضية العمل لدى الجيش الإسرائيليّ تؤكّد أنّ "الوجبة الأولى” من صواريخ حزب الله ستصل إلى 1000 صاروخ يوميًا، على مدار ثلاثة أشهر، زد على ذلك، أنّ كلّ بقعة في دولة الاحتلال، تؤكّد المصادر عينها، باتت في مرمى صواريخ الحزب، ناهيك عن أنّ الجيش أعلن مرارًا وتكرارًا بأنّ منظومات الدفاع التي يملكها، ستُوظِّف فقط للدفاع عن المنشآت العسكريّة والأماكن الحساسّة، الأمر الذي يزيد من خطورة الإصابات في صفوف المدنيين.

في السياق عينه، تناول مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، المُرتبط عضويًا مع الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، تناول تقديرات الاستخبارات المتعلّقة بالجبهة اللبنانية قبيل حرب لبنان الثانيّة في صيف العام 2006، حيث قال إنّها كانت تقديرات متفائلة جدًا. وأشار إلى أنّه في العام 2005، اغتيل رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، والاغتيال أدّى إلى موجة عارمة من التظاهرات انتهت بانسحاب الجيش السوريّ من لبنان تحت ضغط دولي كبير، مًوضحًا، أنّ أفراد قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية قدّروا أن الهزّة (التي تمرّ على لبنان) قوية إلى درجة أنّها تُبشّر بتفكيك الساحة الشمالية إلى ساحتين منفصلتين: واحدة سورية وأخرى لبنانية.

وأكثر من ذلك، قال المُحلل، نقلاً عن مصادره الرفيعة في تل أبيب، القائد العام لهيئة الأركان في حينه، الجنرال دان حالوتس، ذهب أبعد من خبراء الاستخبارات، وفي خلاصة التقدير السنويّ الذي رفعه إلى القيادة السياسية نهاية عام 2005 رأى أنّ الردع الإسرائيليّ في مقابل حزب الله فعال. ولفت هارئيل ان حالوتس، لم ينصت إلى تحذير الخبراء له بشأن تفاؤله الجارف، والنهاية معروفة: بعد سبعة أشهر بالضبط من خلاصة التقدير الاستخباري التي عرضها رئيس الأركان، خطف حزب الله الجنديين، واندلعت حرب لبنان الثانية، ثم استقال حالوتس وانتهت حياته المهنية.

السؤال الذي يطرحه هارئيل وآخرون في هذا السياق هو الأتي: هل تُكرر "إسرائيل" نفس الخطأ في التقدير، وهي تُحلل اليوم الوضع على الساحة الشمالية؟ ذلك أنّ الرأي السائد لدى كل أجهزة الاستخبارات يرى أنّ هناك احتمالاً كبيرًا بأنْ يسود الهدوء على الحدود الشمالية، لأنّ حزب الله غارق في معركة صمود النظام السوريّ.

مع ذلك رأى المُحلل الإسرائيليّ أنّ احتمال خروج حزب الله عن سياسة ضبط النفس سيكون نتيجةً واحدةً من سيناريوهين محتملين: أزمة سياسيّة داخليّة في لبنان، أوْ سلسلة حسابات خاطئة متبادلة بينه وبين "إسرائيل"، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، على حدّ تعبيره.

علاوة على ذلك، لفت هارئيل إلى أنّ هذا فعلاً ما كاد أنْ يحصل في كانون الثاني (يناير) 2015، في أعقاب إقدام "إسرائيل" على اغتيال جهاد عماد مغنية وجنرال إيرانيّ في مرتفعات الجولان. فحزب الله ردّ بكمين من الصواريخ المضادة للدروع قتل فيه ضابط وجندي في مزارع شبعا، وهو كمين كان يمكن أنْ يؤدي إلى مقتل ما بين 10 و12 جنديًا، وفي هذه الحالة الضغط على حكومة نتنياهو للردّ بشدة كان سيكون غير محتملٍ، وفق تعبيره. واستحضر هارئيل النتائج البحثية التي توصل إليها نداف بولاك، باحث زميل في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط، الذي نشر الشهر الماضي دراسة موسّعة حول تدخل حزب الله في سوريّا، معتمدًا على سلسلة أحاديث طويلة مع خبراء وضباط استخبارات في "إسرائيل" والولايات المتحدة ولبنان. فمن زاوية نظر إسرائيلية، النتائج التي خلص إليها بولاك أقل تفاؤلاً من الموجود لدى المسؤولين الإسرائيليين الذين يغرقون في إحصاء الأثمان التي دفعها حزب الله في سوريّا.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ بولاك على أنّ حزب الله راكم الكثير من الأرباح إلى جانب الأثمان التي دفعها، لافتًا إلى أنّ الحزب تطور من كادر صغير من النشطاء إلى منظمة كبيرة، ومنها إلى منظمة عسكرية نصف نظامية، وبات لاعبًا مهمًا على المستوى الإقليميّ وشريكًا حيويًا في التحالف الإيرانيّ السوريّ، وفق تعبيره.

وتابع الباحث الأميركيّ قائلاً إنّ التقديرات التي تُشكك بقدرة الصمود لدى حزب الله في الوقت الراهن تذكر بشبيهاتها التي سادت في "إسرائيل" عشية حرب 2006، إلى أنْ أتت الحرب وأثبتت أنّ الحزب قادر على الصمود، مُوضحا في الوقت عينه: صحيح أنّ حزب الله لا يريد في الوقت الراهن مواجهةً عسكريّة ضدّ الدولة العبريّة، ولكن هذا الأمر، لا يعني أنّه ليس قادرًا على القتال على جبهتين في وقتٍ واحدٍ، أيْ الجبهة السوريّة والجبهة الإسرائيليّة، وفق المُحلل الأميركيّ في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.

وقال أيضًا إنّه على الرغم من التقارير المكثفة عن انخراط "حزب الله” في سوريّا، إلا أنّه لم يتم إيلاء اهتمام كبير بالخبرة التي اكتسبها الحزب هناك أو بالعواقب التي يواجهها في لبنان. وساق قائلاً إنّ وحدة "حزب الله” في سوريّة تَنشر في أيّ وقت كان ما بين 5000 و8000 مقاتل من "القوات الخاصة” المعروفة بـ”كتيبة الرضوان”، والقوات الدائمة المؤلفة من كلّ الوحدات، ومن العناصر بدوام جزئي ("عناصر التعبئة”) والمجنّدين الجدد الذين خضعوا لتدريب سريع على القتال لمدة 60 إلى 90 يومًا، في ما يعدّ تطورًا غير مسبوق.

وأشار إلى أنّ عناصر "حزب الله” ليسوا كبش فداء يُرسَلون طُعمة للمدافع، بل إنّهم غالبًا ما يقودون المعارك ويتولّون إمرة القوات السوريّة والإيرانيّة في القتال بحسب تعبيره.

واستند بولاك لدراسة أعدّها ضابط في الجيش الإسرائيليّ في 2014، ليقول إنّه من المرجّح أن ينتهج حزب الله إستراتيجية قتالية أكثر هجومية في أي حرب مستقبلية مع "إسرائيل"، بهدف تقصير مدة الصراع، على حدّ تعبيره.