kayhan.ir

رمز الخبر: 4303
تأريخ النشر : 2014July26 - 21:26

تركيا وحرب غزة: عجز.. واستغلال!

محمد نور الدين

شنّت الصحف التركية المعارضة لرئيس الحكومة رجب طيب اردوغان اوسع حملة انتقادات لسياساته تجاه العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.

واجمعت هذه الكتابات على ان اردوغان غير جدي في هذه الانتقادات، وانه يستخدم مأساة غزة لحسابات داخلية، بهدف كسب العطف الشعبي عشية الانتخابات الرئاسية في العاشر من آب المقبل.

وتساءلت هذه الصحف عن السبب الذي يجعل اردوغان لا يقدم على اي خطوة، مهما كانت صغيرة، ضد اسرائيل تعكس الغضب الشعبي في الشارع التركي.

ولعلّ الأكثر مفارقة انه بدلاً من أن تبادر تركيا الى تخفيض علاقاتها الديبلوماسية او حتى قطعها، فإن اسرائيل هي التي قامت بذلك، فأجلت رعاياها وخفضت العلاقات مع تركيا.

ووضع العدوان الاسرائيلي على غزة والمجازر التي يرتكبها العدو الاسرائيلي حكومة اردوغان امام امتحان لا يبدو انها ستخرج منه فائزة، اذ ان تصريحات اردوغان في الأيام الأخيرة عكست اولويات في السياسة الخارجية لا تقع غزة في رأسها، ذلك ان ما يحرك السلوك التركي هو خلافه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدم الرغبة في منحه اي فرصة للقيام بدور، فالسيسي، من وجهة نظر اردوغان، يريد ان يقوم بدور يمنحه الشرعية. وفي ذلك تذهب غزة ضحية مزايدات اردوغان من جهة، وخلاف مصر والدول الخليجية مع حركة "حماس” من جهة أخرى.

وعلى صعيد المواقف الداخلية انتقد المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية صلاح الدين ديميرطاش رئيسَ الحكومة رجب طيب اردوغان على موقفه من اسرائيل قائلاً ان احدا لا يأخذ مواقف اردوغان على محمل الجد.

واعتبر ان اردوغان لا مصداقية له، فهو لا يستطيع ان يقول لإسرائيل "لا تقتلي”، في حين يمارس هو القتل ضد المدنيين الأكراد في أولوديري.

ورأى ديميرطاش أنه في حال كانت تركيا جادة، فلا يجب ان تكتفي بالإدانة لأحداث غزة، بل تستخدم ما ملكت من قوة ضدها، فهي من جهة تدين احداث غزة، ومن جهة ثانية، تفتح قواعدها وراداراتها وقواعدها العسكرية لإسرائيل.

وفي تعليقات الصحف التركية، تساءل جونايت ارجا يوريك في صحيفة "جمهورييت”: "ما الذي يفعله أسد الشرق الأوسط، رجب طيب اردوغان، من أجل انقاذ فلسطين و(اخوتنا) هناك من الفاجعة التي يعيشونها؟ كل يوم يصرخ ويصرخ. وبما يفيد الصراخ؟”، مضيفاً ان اردوغان "لا يفعل شيئاً سوى اتهام الغرب والعالم الاسلامي. انه رجب طيب اردوغان الغارق في العجز. يصف تصريحات الغرب بالألاعيب وبأننا امام حلف صليبي جديد. حسناً تقدّم والعب دور صلاح الدين هذا القرن. اخرج من كرسيك، وهذا مستحيل، وانهض لهذا الدور”.

ووجه الكاتب احمد حاقان في صحيفة "حرييت” أسئلة الى اردوغان منها:

1- لماذا لا تقطع كل انواع العلاقات مع اسرائيل؟

2- هناك ادعاء جدي جداً عن بيع الوقود لاسرائيل... لماذا لم تجب حتى الآن عن ذلك؟

3- لماذا لا تخاطب اوباما المدافع عن اسرائيل بالقول "يا أوباما” كما تخاطب زعماء مسلمين آخرين؟

4- بقيت اسرائيل خمسين عاماً خارج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بفضل الفيتو التركي... لماذا رفعتَ هذا الفيتو وسمحت لها بالانضمام؟

5- لماذا لا تعيد "ميدالية الشجاعة” اليهودية التي اعطيت لك؟ ولماذا تقول ان هذا الأمر لا علاقة له بأحداث غزة؟

وتحت عنوان "فلسطين وحزب العدالة والتنمية” كتب علي أونال في صحيفة "زمان” ان رئيس الحكومة اردوغان هو الزعيم الذي مُنح جائزة الشجاعة اليهودية في اميركا والتي تمنح باسم تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية.

ويذكّر اونال بقول نائب وزير الدفاع الأميركي السابق بول وولفوفيتز بأنهم كانوا مترددين في غزو العراق لكن اردوغان شجعهم على ذلك. أما حادثة "وان مينيت” (دافوس) فكانت الأكثر فبركة لكسب الشعبية. ولا يزال براق، ابن اردوغان، يسيّر سفينتيه الى اسرائيل حاملتين البضائع. وخلال السنوات الأربع الأخيرة ارتفع حجم التجارة بين الدولتين بنسبة اربعين في المئة. وفي ايار العام 2013 لم يكن من قال في ألمانيا امام الجماعة اليهودية "ليس لنا ضد اسرائيل واليهود اي شيء” سوى نائب رئيس الحكومة بولنت ارينتش.

وكتب جنكيز تشاندار في صحيفة راديكال عن افلاس السياسة الخارجية التركية قائلاً ان تركيا فقدت ثقلها الاقليمي والدولي في السياسة الخارجية. وأضاف انه من دون النظر الى صورة القنصلية التركية في الموصل، لا يمكن فهم عجز السياسة التركية في غزة، وهذه اللامبالاة في اتخاذ خطوات عملية ضد اسرائيل، ذلك ان الأنباء المؤكدة هي ان تنظيم "داعش” قد اتخذ من القنصلية التركية في الموصل مقرا لقيادته وعملياته.

وأشار تشاندار الى أن محافظ الموصل اسيل النجيفي، وشقيق رئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، المعروف بأنه "رجل تركيا” في العراق، كان قد حذر انقرة من غزوة "داعش” قبل حصولها، لكن وزير الخارجية احمد داود اوغلو أصر على عدم اخلاء القنصلية لأنه لا يجوز للعلم التركي ألا يرفرف هناك.

وأضاف أن كل سلوك تركيا يعكس تنسيقا ومودة بينها وبين "داعش” وفقا لما تؤكده وسائل الاعلام الغربية، وبذلك فإن احتجاز "داعش” للرهائن الأتراك جعل من تركيا مشلولة اليدين عن القيام بأي تدخل. وفي ظل تبخر المعارضة السورية التي تدعمها تركيا، واحتمال استرجاع النظام السوري لمدينة حلب، وسيطرة "داعش” على مناطق شاسعة في سوريا والعراق فإن صورة تركيا هي الفاقدة الحول والقوة.

ورأى انه من دون النظر الى هذه الصورة فإنه لا يمكن فهم هذه السهولة في اطلاق يد اسرائيل في عمليتها العسكرية في قطاع غزة، معتبراً أن هذه الصورة تعكس بالكامل افلاس السياسة التركية في الشرق الأوسط، وفي رأس من يدفع الثمن الآن لهذا الافلاس هو الشعب الفلسطيني في غزة.