السعودية في مسعى لملمة حلفائها اليمنيين
أحمد داود
ضربات أنصار الله "الحوثيين” مؤخراً آلمت كثيراً جماعة الإخوان المسلمين التي فضلت الدخول منذ أشهر في مواجهات مسلحة مع الحوثيين يساندهم في ذلك فصائل من تنظيم القاعدة وقيادات عسكرية كبيرة لها تأثير كبير على صناعة القرار في الدولة وعلى رأسهم اللواء علي محسن الأحمر المستشار العسكري لرئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي.
منذ أشهر كان الإخوان والقاعدة يحاولون السيطرة على محافظة صعدة المقر الرئيس للحوثيين، وذلك عن طريق فتح جبهة قتال في منطقة "كتاف” المحاذية للحدود مع المملكة العربية السعودية.
وخلال هذه المواجهات قدمت السعودية دعماً كبيراً للإخوان ولمسلحي القاعدة الذين توافدوا إليها من معظم الدول العربية، كما شاركت الفضائيات الممولة من السعودية في تغطية الحرب والتحريض الطائفي الواضح ضد الحوثيين باعتبارهم "مجوس” الأمة، وأن قتلهم واجب على كل سني.
غير أن المعركة لم تدم طويلاً، حتى تمكن أنصار الله من كسر الهجوم الكبير عليهم، وإلحاق هزيمة قاسية بالتكفيريين لم يكونوا يتوقعونها إطلاقاً، وبالتالي خرج هؤلاء المسلحين من "كتاف” هاربين إلى محافظة عمران المحاذية لمحافظة صعدة.
وعمران هي المحافظة الكبيرة التي يستند إليها الإخوان المسلمين، وكان يسيطر عليها أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الموالين للسعودية وللإخوان المسلمين.
وفي هذه المحافظة كان يتواجد اللواء 310 بقيادة العميد الركن حميد القشيبي الموالي أيضاً للإخوان وللسعودية، وكان على رأس الحربة في قتال الحوثيين في الحروب الستة الماضية والتي بدأت في العام 2004.
انتقلت المعركة سريعاً إلى محافظة عمران، وساند الحوثيون قبائل المحافظة المتذمرين من سياسة الإخوان ومن بطش العسكريين الموالين لهم.. وتمكن الحوثيين من السيطرة بشكل كامل على المحافظة في سرعة كبيرة أذهلت الجميع.
وبمجرد سقوط محافظة عمران، بدأت السعودية والقوى السياسية في البلاد بالتحرك العاجل، سيما في ظل المخاوف من انتقال المعركة مباشرة إلى صنعاء وتوقعات بسيطرتهم عليها.
استدعت السعودية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد سقوط عمران بساعات، وهناك عرضت المملكة على هادي ضرورة إجراء مصالحة وطنية بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح واللواء علي محسن الأحمر من جهة، وبين حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح من جهة أخرى وهم الذين دخلوا في خصام كبير بعد ثورة الشباب السلمية عام 2011 والإطاحة بنظام صالح.
مبادرة السعودية تهدف إلى إعادة التحالفات القديمة، لغرض مواجهة المد الحوثي، والدخول في حرب موحدة ضد أنصار الله "الحوثيين” ومنعهم من التقدم إلى العاصمة صنعاء كما يزعمون.
إجراء المصالحة كما يبدو قد تتم، سيما وأن الملك عبد الله يريد أن يشرف عليها شخصياً، لكن لا أعتقد أنها ستتم سريعاً بفعل العداء الكبير الذي نشب بين الحلفاء بفعل ثورة الشباب السلمية، وعدم قناعة أي طرف بالاندفاع نحو الطرف الآخر.
في المقابل.. يحظى الحوثيون بشعبية كبيرة تزداد يوماً بعد يوم، نتيجة تعاملهم المرن والإيجابي مع المناطق التي يسيطرون عليها، وعدم انجرارهم نحو العنف والاعتداء على ممتلكات الدولة ومنازل المواطنين، وحرصهم الكبير على الأمن والاستقرار وإصلاح الأوضاع في البلاد، وهي خطوات جذبت إليهم الكثير من المؤيدين.
شعبية الحوثيين تتوسع كل يوم، فالحوثيون بات بمقدورهم حالياً إخراج المسيرات الشعبية المليونية في معظم محافظات الجمهورية وخاصة أمانة العاصمة.. وبات لهم أنصار كثر داخل صنعاء وفي المناطق المحاذية لها.
لا أتوقع أن السعودية قد تفلح في مسعاها للملمة حلفائها القدامى والجدد لمواجهة الحوثيين.. فالدولة اليمنية رخوة بكل ما تعنيه الكلمة، والوضع الاقتصادي معقد للغاية، والفساد ينخر كل مؤسسات الدولة.. والجيش ما يزال منقسماً، والإخوان أصبحوا الآن أمام مفترق طرق..إما ترك خيار العنف المسلح مع الحوثيين والاعتراف بهم كقوة سياسية موجودة على الأرض وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، أو الاستمرار في مشروعهم العنفي، وحينها لن يحصدون سوى الخيبة والدمار.