هذا العباس يستفزني !.. وعلى المقاومة ان ترفع من مطالبها
سميح خلف
يبدو ان الرئيس الفلسطيني اذا صح هذا التعبير يعيش في كوكب اخر او في معايير اخرى للحالة الفلسطينية التي هي باستمرار تعبر عنه وعن نهجه وعن سلوكه بالنسبة للايكونة الوطنية الفلسطينية ، بل الشعب الفلسطيني .
السيد عباس لا يريد ان يعترف بفشله، ولا يريد ان يدع الفلسطيني ان يقرر مصيره وأن يضع خياراته على طاولة التنفيذ ، بل ومنذ اجتماع وزراء الخارجية في جدة وكلماته المشهورة ، عندما تساوق مع الاحتلال في سيناريو خطف الثلاث مستوطنين الذي انطلق من خلال هذه المفاهيم ليصف الحالة الاستيطانية في فلسطين المحتلة بأنهم "ابناء بشر” ولم يتطرق الرئيس الفلسطيني لحالات القتل والاجتياحات بل اصبح الان مكشوفا ً وعلى صفحة سوداء بخصوص ما تتعرض له غزة وشعبها من ابادة جماعية وخروج الاحتلال عن أي معايير انسانية او قوانين اممية تحمي الشعوب في حالة الاحتلال .
لم يخرج عباس الى شعبه اذا صح التعبير لكي يرفع من معنوياتهم ويشد من ازرهم ويشد من ازر مقاومتهم في غزة ، بل بالعكس اخذ دور رئيس لدولة اقليمية قد تكون دولة غربستان او دولة هونولو او دولة التنسيق الأمني .
لم يتحرك عباس الا عندما شاهد كل الشعب الفلسطيني يلتف حول المقاومة ويدعمها وتنصهر المقاومة في بوتقة الشعب الفلسطيني ، لقد شاهد عباس من صمود الشعب الفلسطيني تفريغ لمنهجيته وتعرية لموقفه المتصهين المتناغم مع المقولات والمعطيات السياسية التي تريد لغزة ان تبقى تحت الاحتلال ويبقى شعبها محاصر ، لم تعد القضية قضية حماس او الجهاد او كتائب الاقصى الخارجة عن برنامجه السياسي ولغته الفئوية ، بل القضية تتعلق بالشعب الفلسطيني سواء في غزة او الضفة ، لقد تنازلت حماس عن الحكم لعباس ليرأس حكومة التوفق ويحيلها الى الحمدلله وعباس الان هو المسؤول امام النظام العربي والدولي عن قطاع غزة ، هذا القطاع المصاب بالاجحاف من قبل عباس وتياره الفئوي ، فعندما تسلمت حكومة الوفاق قد زاد الحصار عن غزة ولفقت قضية الرواتب وكان التمييز بين ابناء قطاع غزة بين ما هو موالي لما يسمى شرعية عباس ومن هو غير موالي بهدف ضرب السلم الاجتماعي في غزة وانفكاكهم عن برنامج المقاومة والصمود ، كان الحصارقد يزداد شدة والانفاق تدمر وحملة شعواء على كل الشعب الفلسطيني في غزة تشارك فيها حكومة رام الله واعلامها ، كانت مقدمات لتفكيك قطاع غزة ليسهل اجتياحه من عصابات الغزو الصهيوني.
اما وان صمدت المقاومة وغزة ، فقد تغيرت جلود بعض تياره الفئوي ونهجه المقيت الذي سلم اكثر من 60% من الضفة للاحتلال من خلال الاستيطان ومن خلال برنامجه التفاوضي ، مرة اخرى تتبدل الجلود ويبقى الرئيس جلده ثابتا ً في زاوية وفي اجنحة في فنادق الـ7 نجوم يتنقل من انقرة للدوحة وللقاهرة ، ولا يعلم او ربما يسمع بجلد كجلد التمساح عن المذابح التي اطالت عائلات بأكملها في غزة ، لم يكن عباس شريكا ً وطنيا ً للشعب الفلسطيني ، فكان من الواجب ولو كان رئيسا ً لمجد بالمقاومة وانجازاتها ورفع معنوياتها .
ليس غريبا ً على عباس ان يكون بعيدا ً عن الشعب الفلسطيني في هذا الواقع ،فشتان بين شعب يضحي من اجل الحرية ومن اجل حياة افضل لابنائه ، ورئيس يرى من الاعمار في قطاع غزة واعادة الاعمار فرصة لنمو شركات ابنائه وزبانيته من هذه الفرصة التي تعبر عن سيكولوجيته النرجسية ، لم يتحدث عباس عن جلاء الاحتلال والمستوطنات ، بل لم يفكر عباس وحكومته التي كانت حكومة فياض افضل منها بكثير ، أي افضل بحكومة الحمد لله ، ان يأتي ليقود شعبه ويعيش محنة شعبه في غزة ، بل بقي في الفنادق في عواصم مختلفة يتنقل حتى خارج سلطته المهترئة في المقاطعة في رام الله ، التي مازالت تعليماته تصدر للاجهزة الامنية لكي يلاحقوا النشطاء ويلاحقوا أي نشاط يساند ابناء غزة او يشعل انتفاضة ضد الاحتلال ، هكذا ما تقول عنه الوقائع في الضفة الغربية ، اذا ً هل نستطيع ان نقول محمود عباس وبشكل غير مباشر مازال يساهم مساهمة فعالة في حصار غزة والعدوان عليها من اجل تنفيذ برنامجه السياسي الذي يرى من صعود المقاومة تفريغ لمنهجيته بل بقائه على رأس السلطة الفلسطينية !
لابد هنا ان نحدد متجهاتنا وعلى المقاومة ان تحدد متجهاتها بينما هو مطروح تكتيكا ً ومرحليا ً وبين ماهو استراتيجيا ً ، لقد استطاعت المقاومة بفصائلها الجبارة المحنكة قتاليا ً ان تخترج اسوار العدو وتنقل المعركة جزئيا ً الى حصونه الداخلية في داخل فلسطين المحتلة ، لقد تكبد العدو من المقاومة خسائر فادحة اعترف بها وزير الحرب الصهيوني يعلون واعترف بها نتنياهو ، حيث قال الاثنين انهم يخوضون معركة من اشرس المعارك منذ قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين .
نستطيع القول هنا ان المعركة معركة مصيرية ، ومهما كانت التضحيات فلا حرية للشعوب بدون تضحيات ودفع الكثير من ابنائها للشهادة ، انها معركة مصير للشعب الفلسطيني ومعركة مصير للغزاة الصهاينة ايضا ً ، ولذلك يجب ان نحدد ماهو مرحلي من فتح معابر ومنافذ بحرية في ظل حصار اقليمي مطبق على قطاع غزة ، وبين اطروحاتنا السياسية الاستراتيجية التي قد نتخلى فيها عن 242 و 338 وخارطة الطريق والمبادرة العربية لكي نعود لقرار التقسيم 181 كرفع سقف المفاوضات والمطالب السياسية ، يجب ان نتخلى او ندمج الاهداف المرحلية مثل الاسرى والمعابر من خلال برنامج سياسي متكامل للمقاومة يسقط اطروحات عباس في خارطة الطريق والتنسيق الامني ، فمازال هناك مطلبا ً ضروريا ً وملحا ً لتصعيد العمل في الضفة للوصول الى انتفاضة كبرى ، يشارك فيها ابناء فلسطين عام 1948.
ان العدو الصهيوني في مأزق لاول مرة، ولذلك يندفع باسلوب الارض المحروقة ليقتل مزيدا ً من المدنيين لانه يعتبرها معركة مصير لوجوده ، ولذلك على الشعب الفلسطيني ان يعتبر المعركة الحالية هي معركة مصير لوجوده على الارض وعلى الكرة الارضية ، فمزيدا ً من التعبئة العامة للشعب الفلسطيني وتثوير المجتمع الفلسطيني وتوزيع السلاح على كل شباب فلسطين لكي يخوضوا معركة الاشتباك المباشر مع العدو الصهيوني ان قرر هذا الاحتلال مزيدا ً من التوغل في قطاع غزة ، لكي تكون نهاية هذا الجيش في قطاع غزة ، ونباشر في عملية تطهير القرى والمدن المجاورة لقطاع غزة .