مجازر الشعانبي ,هل يحصد التونسيون إلا ما زرعت الترويكا؟
ميلاد عمر المزوغي
الثورة التي قيل عنها انها ناعمة وأطلق عليها ثورة الياسمين, اعداد القتلى ابان الانتفاضة لا يكاد يذكر اذا ما قورن ببقية الدول, خلت تونس في الايام الاولى بعد اسقاط النظام من اية اعمال عنف,قوى الامن والجيش لم تنهار لأن قادة الجيش رفضوا قمع الشعب, فكان ان فر رأس السلطة,مجنبا الدولة اعمال عنف قد تخرج عن السيطرة وتؤدي الى ضياع البلد.ركب المتسلقون موجة التغيير,فما الذي قاموا به وقد سيطروا كاملا على امور الدولة؟
في خضم ما يشهده الوطن العرب من انحطاط على مستوى الاصعدة الاخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية,اظهر الثالوث المقدس في تونس”الترويكا” دعمه اللامحدود لأعمال الاجرام في سوريا, قطعت تونس علاقاتها مع النظام السوري, وقفت الى جانب قطر وتركيا في تأجيج الفتنة بين مكونات الشعب السوري,وتشير الدلائل الى ان غالبية المتطوعون العرب للجهاد في سوريا هم من تونس, ناهيك عن ان غالبية الاناث اللواتي ذهبن الى سوريا للقيام بما عرف بجهاد النكاح, هن من القطر التونسي الشقيق.نعرف ان النظام السابق في تونس كان علمانيا بامتياز,فمن ادخل فكرة الجهاد في ذهن هؤلاء الشباب والشابات,هل البطالة السبب؟ لا اعتقد ذلك, فالإنسان لا يقتل من اجل المال,لكن المخطط اكبر من ذلك العزف على الوتر الديني ونصرة المظلومين ومقاومة الطغاة والفوز بالجنة والحور العين,اليست هذه خطب جهابذة اللاهوتيين في هذا الزمن لإقحام الشباب في اتون حرب لا تبقي ولا تذر,بينما ابناء هؤلاء الذين يدعون المشيخة يدرسون في اوروبا بل قد نجد البعض منهم يمارسون حياتهم اكثر من طبيعية ويعتبرونها جنة الدنيا.
تونس كانت في ظل حكم بن علي تتمتع بأمن واستقرار منقطعي النظير,سقوط النظام في ليبيا الذي كان يمنع القوى الاجرامية التكفيرية التي كانت تختار من الجنوب الجزائري ملاذا لها, من التنقل شمالا الى ساحل البحر المتوسط,في ظل الفوضى تغلغل العديد من الجهاديين الى تونس,مصحوبين بمختلف انواع الاسلحة من ليبيا التي اصبحت مصدرا رئيسيا لإمداد المجرمين بالسلاح, قاموا بأعمال اجرامية ضد المواطنين, طالت الناشط السياسي بلعيد والنائب البراهمي,لم تعلن الحكومة عن المرتكبين,ربما فشلت في الحصول على ابسط المعلومات التي تقودها الى ذلك. لقد هادنت الترويكا المتشددون,فكان ان استولى العديد منهم على المساجد واخذوا ينشرون افكارهم الفتنوية التي لا تحترم الرأي الاخر.
المقاتلون الاجانب في سوريا, انكسرت شوكتهم بفعل ضربات الجيش السوري وقوى المقاومة,ادرك هؤلاء ان سقوط النظام ليس بالأمر الهيّن,عاد غالبيتهم الى بلدانهم ومنها تونس, قد يكون بعض هؤلاء عاد اليهم رشدهم,لكن غالبيتهم تحمل افكارا هدامة لا يمكن التفاوض معهم,اتخذوا من الاماكن الوعرة بيوتا لهم,جبل الشعانبي حصد العديد من افراد الجيش والمدنيين,اعلنت حالة الطوارئ في العديد من المناطق, اعلن مختلف القادة السياسيون المتحكمين في زمام الامور,ان تونس اصبحت في مأمن,تباهوا بذلك واعتبروه انجازا غير مسبوق,ومنّة على الشعب الذي حمّلهم مسؤولية قيادة البلد, لم يستمر الامن طويلا ربما استراحة محارب ارادها التكفيريون, للتخطيط لعمليات اكثر اجرامية,سقوط 15 عسكريا دفعة واحدة اضافة الى الجرحى,في الثامن عشر من رمضان الحالي,وهي الذكرى السنوية الاولى لمجزرة حدثت في نفس الشهر المعظم,ما يدل على ان اجهزة الدولة الامنية والعسكرية تقف عاجزة عن ملاحقة المجرمين.اعمال اجرامية متكررة في حق الشعب التونسي في نفس المنطقة فأصبح الجبل بفضل الترويكا مشهورا يمثل كابوسا لكل التونسيين.
اعود الى القول بأن الشعب التونسي يحصد ثمار ما زرعت الترويكا,من حيث دعمها للتكفيريين في سوريا ومهادنتا لهم في الداخل,لقد اتضح ان حركة النهضة لم تأتي للسلطة لأجل اقامة الدولة العصرية ولكنها سعت لتحقيق مصالحها,فهي لم تقم بإقفال اماكن اللهو والفجور او منع تصنيع الخمور, تخلت عن السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية خوفا على مستقبلها السياسي علها تحظى ببعض المقاعد في البرلمان المقبل,ولكن وللأسف على حساب الشعب التونسي الابي. فهل سيعيد التونسيون الترويكا الى الحكم مجددا؟ ويصدق القول,على نفسها جنت براقش, ذاك ما سنلحظه في الانتخابات القادمة.