ثورة لن تخمد
مهدي منصوري
الهلع والخوف قد دب في نفوس حكام البحرين منذ الوهلة الاولى التي اندلعت فيه ثورة الشعب البحريني السلمية المطالبة بالاصلاحات بحيث كان رد فعلهم الغاضب قد انصب ليس فقط على ابناء الثورة بل امتد حتى الى المعالم التي تؤرخ لهذه الثورة وقد كان اولها تهديم معلم "دوار اللؤلؤة " والذي كان يعتبر عنوانا لهذا البلد. ظنا منهم انه وبتهديم هذا المعلم البحريني سوف ينتهي كل شيء وتعود الامور الى ما كانت عليه.
ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تمادى حكام آل خليفة الى ابعد من ذلك بحيث وصل الامر وباالاضافة الى القمع الوحشي للانسان البحريني انهم بدأوا يهدمون كل الاماكن والبيوت والاسواق وغيرها وكلما مايمت للثورة بصلة. هذا من جانب ومن جانب آخر فان سياسة تكميم الاخوان ومواجهة الاحتجاجات بمختلف الاساليب القمعية المتاحة لديهم والاعتقالات المستمرة والتي طالت حتى الاطفال الرضع وحرمان ابناء الشعب البحريني من ارزاقهم باخراجهم من الوزارات وسلخ الوطنية بابطال وثائقهم الاصلية وغيرها والذي لم يسع المقال لذكرها. كل ذلك من اجل ان يسكت هذا الصوت الحر المدوي الذي وضع حكام آل خليفة في دائرة القلق والخوف المستديم.
وقد حاولت حكومة آل خليفة ان تلصق التهم الكاذبة من العمالة اللاجنبي الى القيام ببعض الاعمال التي تستهدف الشرطة وغيرها من اجل تشويه صورة الثوار والثورة، الا ان كل اساليب النظام البحريني قد عادت الى نحره ولم يستطع ان يقنع الشعب البحريني فضلا عن العالم من ان هذه الثورة سلمية وحافظت على سلميتها ولهذه اللحظة، وهو ما دفع بالمنظمات الانسانية والحقوقية الاقليمية والدولية وحتى المستشار بسيوني الذي استقدمته الحكومة من اجل التحقيق في موضوع الثورة لم يغمض عينيه او يدوس على ضميره بحيث كشف مدى التعسف والاجرام الذي قامت وتقوم به حكومة آل خليفة ضد ابناء شعبها.
وبطبيعة الحال فان استمرار زخم الثورة والتظاهرات ولاحتجاجات اليومية التي تخرج تندد بالممارسات اللاانسانية لحكومة بني خليفة قد وضعتها في مأزق كبير، فلذلك اخذت تتخبط في ممارساتها وكان آخرها اغلاق مقر جمعية الوفاق التي اصبحت منطلق لانتشار افكار الثورة بين ابناء البحرين ظنا منها انها وبغلق هذه الجمعية والمؤسسات\ الاخرى وبعد كل الاعتقالات لقادتها وبالاخص الشيخ علي سلمان فان زخم الثورة قد يخف ، ولكن وجدت ان هذه الممارسات لم تجدها نفعا ولم تتمكن من تحقيق ماتصبوا اليه بل انها اخذت الثورة تتقد اكثر فاكثر وتتسع بحيث شملت كل ابناء الشعب البحريني.
لذلك فان حكومة بني خليفة اليوم تعيش حالة من القلق والارباك وعدم القدرة على مواجهة انتفاضة الشعب البحريني لانها قد اختطت ومنذ البداية طريقا واسلوبا خاطئا في معالجتها ، رغم ان ابناء الثورة قد مدوا يدهم نحو انهاء هذا الامر من خلال الحوار وتنفيذ المطالب التي تنسجم مع الدستور البحريني. ولكن عنجهية النظام وغروره قد ضيعت الفرصة وبصورة اخذوا اليوم يكتوون بنارها.
لذا وفيما اذا ارادت حكومة بني خليفة ان تعيد اعتبارها وان تعود للاستقرار السياسي، ينبغي عليها ان ترجع للغة العقل والمنطق وتبتعد عن التصرفات الهوجاء التي وجدت ان نتائجها جاءت عكسية وبغير ما يتوقعون. وهو الكف عن هذه الاساليب القمعية غير المجدية والذهاب الى الحوار مع ابناء الثورة ومنحهم حقوقهم المشروعة والتي لا تتنافى مع الدستور ليحفظ وجودها وكيانها من الانهيار والذي بدت بوادره تظهر يوما بعد آخر.