kayhan.ir

رمز الخبر: 4010
تأريخ النشر : 2014July20 - 20:19
اميركا تفشل في عزل روسيا عن اوروبا

انابيب الغاز الروسية تشق طريقها الى اوروبا رغماً عن اميركا

صوفيا ـ جورج حداد

بالرغم من المعارضة الشديدة من قبل اميركا، والعقوبات التي تحاول فرضها على روسيا، فإن روسيا تواصل مد انابيب الغاز الطبيعي العملاقة من مكامن الغاز في سيبيريا وغيرها الى مختلف بلدان اوروبا. وأهم هذه الانابيب اثنان:

المانيا ستوزع الغاز الروسي

الاول ـ انبوب "السيل الشمالي” الذي يلتف ما وراء اوكرانيا ويمتد من الاراضي الروسية عبر بحر البلطيق الى الاراضي الالمانية مباشرة. وبواسطة هذا الانبوب ستحصل المانيا على حاجتها المتزايدة من الغاز باسعار متهاودة، ومن ثم تتولى المانيا توزيع وبيع الغاز الروسي في مختلف بلدان اوروبا الغربية. وبالاضافة الى المانيا سيتم بواسطة هذا الخط تزويد بريطانيا وهولندا وفرنسا والدنمارك وغيرها بالغاز الروسي. ولا بد ان نذكر هنا ان المستشار الالماني السابق غيرهارد شرويدر هو الان رئيس مجلس المساهمين في شركة "السيل الشمالي” المملوكة بنسبة 51% من شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم”، والتي تشرف عليها الدولة.

"نابوكو” لم يصمد امام الانبوب الروسي

ـ والانبوب الثاني هو انبوب "السيل الجنوبي”، وهو ايضا يلتف حول اوكرانيا من الجنوب، ويمر بقاع البحر الاسود الى بلغاريا، ومنها الى صربيا وسلوفينيا والمجر والنمسا وغيرها.

وكانت الولايات المتحدة الاميركية قد طرحت في السابق مشروع خط انابيب غاز بديل كان يسمى "نابوكو”، كان من المؤمل ان يتزود بالغاز من آسيا الوسطى وايران ومصر ويمر عبر تركيا ومنها الى سائر الدول الاوروبية. وشارك في التوقيع على اتفاقية "نابوكو” سنة 2009، إضافة إلى تركيا وأذربيجان، أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وهي: بلغاريا، رومانيا، المجر، النمسا، التي كان من المنتظر أن يمر بها الأنبوب. وترمز تسمية "نابوكو” الى الاسطورة التوراتية حول نضال اليهود للتحرر من الاسر والعبودية على ايدي الملك البابلي نبوخذنصر. وكان من المقرر ان يبدأ انبوب "نابوكو” بالعمل سنة 2014. ولكن تبين ان تكاليفه والاسعار التي سيبيع بها ستكون اعلى من مشروع "السيل الجنوبي” الروسي. ففشل "نابوكو” قبل ان يبدأ.

اميركا فشلت في الماضي وستفشل في الوقت الحاضر

بالرغم من كل الصعوبات التي واجهتها، فقد تابعت روسيا تنفيذ مشروع "السيل الجنوبي”. وفي الاجتماع الذي عقده مؤخرا في الكرملين مع سفراء روسيا في الخارج، قال الرئيس بوتين: "بالاشتراك مع شركائنا الاوروبيين نتابع بناء "السيل الشمالي”. وبالرغم من الصعوبات المعروفة، فإننا سوف نتابع تحريك مشروع "السيل الجنوبي” ". ووصف بوتين جهود الولايات المتحدة الاميركية لافشال مشروع "السيل الجنوبي” بأنها "مزاحمة اعتيادية”. وذكر انه منذ سنة 1962 فإن الولايات المتحدة الاميركية عارضت تزويد النمسا بالغاز السوفياتي في اطار مشروع "الغاز مقابل الانابيب”. وحينذاك كان الاتحاد السوفياتي يدخل لاول مرة في سوق الغاز الاوروبية.

والان تزمع الولايات المتحدة الاميركية الدخول في سوق الطاقة الاوروبية عن طريق بيع الغاز الصخري. وبهذا الصدد ذكر الرئيس الروسي ان الغاز المنقول بالانابيب الذي تعرضه روسيا هو في كل الاحوال أرخص سعرا من الغاز الصخري، الذي يمكن نقله الى اوروبا بشكل مسيل، حسبما نشرت وكالة ريا نوفوستي.

وحسب البرنامج الموضوع فإن مشروع مد انبوب "السيل الجنوبي” الذي يصل الى الاتحاد الاوروبي عبر قاع البحر الاسود، سينتهي سنة 2015. ومن شأن الانبوب زيادة امكانية توريد الغاز الى اوروبا وتخفيض مخاطر الترانزيت عبر اوكرانيا، ولا سيما خطر الشفط غير المشروع للغاز من الانبوب المار في اوكرانيا، وهو الخطر الذي برز مجددا بعد الزام شركة "نفطوغاز” الاوكرانية بنظام الدفع المسبق للغاز المورد الى اوكرانيا ذاتها.

وفي الوقت ذاته دعا بوتين الى عدم اعتبار بناء انبوب "السيل الجنوبي” ناتجا عن الرغبة في "الالتفاف حول اوكرانيا”، والى عدم تسييس المشروع. وحسب تعبيره فإن هذا المشروع هو "حراك طبيعي لتوسيع البنية التحتية للنقل”. واكد ان من بين المشاركين في المشروع شركات ايطالية، المانية وفرنسية.

"اللجنة الاوروبية” تخضع للضغوط الاميركية

وكان قد تم ايقاف بناء "السيل الجنوبي” تحت ضغط "اللجنة الاوروبية”، مما اثار استياء البلدان المشاركة في المشروع وبالاخص النمسا. وفي موسكو، تم تفسير مواقف بروكسل، بعد اتخاذ كل القرارات الخاصة بالتوظيف للشروع في تنفيذ هذا المشروع الضخم، بأنها ذات دوافع سياسية.

الغاز الاميركي اكثر كلفة

ان محطات الغاز الطبيعي المسيل ستبدأ بالعمل في الولايات المتحدة سنة 2016. وفي ذلك الوقت لن يكون لدى الاتحاد الاوروبي مشكلة في البنية التحتية لاستقبال وتوزيع الغاز الاميركي. ولكن اسعار الغاز الآتي من وراء المحيط، مع حسبان كلفة الاستخراج، وتجهيز معامل التسييل، والنقل، واعادة الغاز المسيّل الى الحالة الغازية في اوروبا، ستكون ارفع من اسعار الغاز الروسي، الذي يتم توريده بواسطة انبوب الغاز.

روسيا ستلبي كل حاجات اوروبا

هذا وفي الاجتماع السنوي لمجلس المساهمين في شركة "غازبروم” الروسية العملاقة، صرح رئيس الشركة الكسي ميلر بأنه سيتم زيادة استخراج الغاز الروسي لاجل تلبية الطلبات الاوروبية المتزايدة سنة 2014.

الغاز الروسي

انبوب غاز

وحول العراقيل السياسة التي توضع امام بناء انبوب "السيل الجنوبي” اشار ميلر الى المصلحة الاقتصادية للبلدان المشاركة في ان يتم انجاز المشروع. وقال ان انجاز المشروع سيتم في الوقت المحدد. واكد ميلر "انه في نهاية سنة 2015 سيتم توريد اول دفقة غاز”. ان مد الانبوب في قاع البحر الاسود سيبدأ في خريف 2014. وحسب قوله فإنه "باطلاق العمل بـ”السيل الجنوبي” فإن قدرة انابيب الغاز البحرية ستصل الى تأمين ثلثي صادراتنا من الغاز”. ويمتد انبوب "السيل الجنوبي” في قاع البحر الاسود من مدينة أنابا الروسية الى مدينة فارنا البلغارية. وهو ستكون له امتدادت في اراضي عدة بلدان ويصل الى النمسا وايطاليا. ودارت في الآونة الاخيرة نقاشات حول بناء الانبوب. وفي هذا الصدد صرح المفوض الاوروبي لشؤون الطاقة غيونتر ايتينغر انه ينبغي ايقاف مد الانبوب لانه لا يستجيب لمتطلبات الامن الطاقوي للاتحاد الاوروبي. وقد ردت "غازبروم” على ذلك بالقول ان هذا يعتبر تمييزا ضد الشركة.

وصرح الكسيي ميلر امام الصحفيين ان اول شحنة غاز عبر الانبوب، اي بدون المرور في الاراضي الاوكرانية، ستصل الى بلغاريا في شهر كانون الاول 2015.

واكد ميلر للصحفيين: اذا حدثت انقطاعات في توريد الغاز الى اوروبا عبر الاراضي الاوكرانية، فإن شركة غازبروم ستزيد التصدير بواسطة انبوب "السيل الشمالي” وانبوب "يامال ـ اوروبا” (الذي يمر عبر الاراضي البيلاروسية والبولونية)، كما ستبدأ شحن الخزانات تحتالارضية على اراضي الاتحاد الاوروبي، كما جاء في وكالة ريا نوفوستي.

هذا وقد عرضت شركة النفط والغاز النمساوية OMV على شركة غازبروم الروسية الحصول على حصة للمشاركة في بورصة الغاز النمساوية. وجاء هذا العرض في فيينا على لسان غيرهارد رويس رئيس شركة OMV. وجاء في تصريحه " كنا دائما نقول ان كل من يورد الغاز الى النمسا ينبغي ان يكون بامكانه المشاركة في هذه البورصة”. وحتى الان لم يصدر اي تعليق من رئيس شركة غازبروم على تصريح نظيره النمساوي. ولكن غيرهارد رويس نفسه لاحظ ان المشاركة في البورصة ليست جزءا من الاتفاق بين المساهمين على تأسيس الشركة المشتركة South Stream Austria، التي سيعود لها تحديد مبادئ العمل في تحقيق مشروع "السيل الجنوبي” على الاراضي النمساوية.

الشركة الروسية ـ النمساوية المشتركة

وقد تم التوقيع على وثيقة تأسيس هذه الشركة المشتركة من قبل رئيسي شركتي غازبروم و OMV، في اطار الزيارة التي قام بها مؤخرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى النمسا. وستمتلك كل من الشركتين نسبة 50% من الشركة المشتركة.

ويحدد الاتفاق حقوق وواجبات المساهمين، ومبادئ التمويل وتوزيع الارباح فيما بينهم.

والنمسا ستوزع الغاز الروسي

وستصل اول دفقة غاز عبر انبوب "السيل الجنوبي” الى النمسا في اواخر 2016 ـ اوائل 2017. وستصل هذه الدفقة الى محطة توزيع الغاز النمساوية "باومغارتن”. ويبلغ طول القسم النمساوي من انبوب "السيل الجنوبي” 50 كلم. وتبلغ قدرة خط الانابيب الى 32 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.

حاجة اوروبا الى روسيا ستزداد

ويقول رئيس مؤسسة الطاقة الوطنية سيرغيي برافوسودوف "ان التوقعات القائمة على تقديرات اغلب مراكز التحليل في العالم، تشير الى ان الفجوة بين الطلب وقدرة الاستخراج الخاص في اوروبا سوف تكبر باستمرار، اي ان الاستخراج سوف ينخفض، والطلب سوف يزداد. ومن ثم فإن الحاجة الى استيراد الغاز ستبلغ 145 مليار متر مكعب سنة 2025، و185 مليار متر مكعب سنة 2035. وهذا يعني ان حجم استيراد اوروبا من الغاز الروسي سينمو باستمرار وقدرة انبوب "السيل الجنوبي” ستبلغ اقصاها”.

الرئيس النمساوي يدعم المشروع الروسي

ان روسيا تعتبر مشروع "السيل الجنوبي” له اهمية ستراتيجية لجهة التزويد الثابت بالطاقة لجميع البلدان الاوروبية. هذا ما اعلنه الرئيس فلاديمير بوتين في ختام محادثاته مع الرئيس النمساوي، كما جاء في وكالة ايتار ـ تاس. وذكر الزعيم الروسي انه منذ 1968 فإن النمسا هي اول بلد اوروبي غربي عقد اتفاقا لتوريد الغاز مع الاتحاد السوفياتي. "ومنذ ذلك الحين فإن الشراكة على هذا الصعيد تعمل بشكل جيد”. واشاد بوتين بالاتفاق الذي وقعته شركتا غازبروم و OMV لتأسيس الشركة المشتركة "السيل الجنوبي ـ النمسا”.

من جهته، لاحظ الرئيس النمساوي هاينز فيشر ان مشروع بناء انبوب الغاز "السيل الجنوبي” هو مناسب ومفيد جدا.

صربيا تدعم روسيا

وفي الوقت نفسه اجتمع وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف مع نظيره الصربي إيفيتسا داتشيتش، واكد الطرفان الحرص على تنفيذ جميع الاتفاقات المتعلقة بتنفيذ القسم الصربي من مشروع انبوب "السيل الجنوبي”، وسيقوم خبراء التفجيرات في وزارة الطوارئ الروسية بتلغيم وتفجير القطاعات الجبلية الصعبة التي سيمر فيها الانبوب.

وتطرقت المحادثات الى موضوع كوسوفو، فأعلن لافروف دعم روسيا لموقف صربيا بضرورة اجراء حوار يضمن المصالح القومية المشروعة لصربيا. ومن جهته استبعد الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش ان تشارك صربيا في العقوبات التي تريد بعض الاطراف فرضها على روسيا. وقال الرئيس في تصريح اذاعي "لا يمكن ان نتصور ان صربيا تقر العقوبات في العلاقات مع روسيا”.