kayhan.ir

رمز الخبر: 4008
تأريخ النشر : 2014July20 - 20:14
التحالف الاميركي - السعودي : خزان للنفط والتكفير

مسار سنوات العلاقة السعودية – الاميركية بين الاجرام والارهاب

أدى انتصار الثورة الاسلامية الإيرانية عام 1979، إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية الاميركية لا سيما في التعامل مع ملفات المنطقة. حينذاك كانت الحرب الباردة بين واشنطن والاتحاد السوفياتي في اوجها والعمليات السرية لوكالة الاستخبارات الاميركية ( c.i.a ) تركز عملها على انشاء مجموعات تعتمد على الفكر الوهابي التكفيري بتمويل سعودي بهدف مواجهة التوسع الشيوعي بعد ان خاضت هي نفسها حربا شعواء على الاتجاه القومي الذي كان يمثله جمال عبد الناصر والتيار القومي العروبي.

محمد مرتضى


فبعد إطاحة الثورة الايرانية نظام الشاه المدعوم أمريكيا، سعت الولايات المتحدة، في العقود اللاحقة لاعادة هيمنتها ولا سيما في منطقة الخليج الفارسي، حينها كانت الرغبة الأميركية لفرض سيطرتها الوحيدة على المنطقة جامحة بعد البروباغندا القوية التي خاضتها ضد الاتحاد السوفياتي.

إستغلال أميركي

وفي عام 1980 وعند بداية الحرب العراقية المفروضة على إيران استخدمت الولايات المتحدة الحرب كأداة لإقامة قواعد عسكرية في دول الخليج الفارسي. وقد عمل الرئيس الاميركي رونالد ريغان آنذاك على طمأنة النظام الملكي السعودي، بعد ان صور ان الثورة الايرانية تهدد وجود المملكة، من اجل السعي لاقامة قواعد أمريكية عام 1985، ما فتح الباب لدول خليجية اخرى لتحذو حذو الرياض.

لقد سعى الاميركيون بكل ثقلهم لتسويق ما يمكن تسميته " ايران فوبيا " ليكون عامل خوف اضافي لدى حكام الخليج الفارسي ، يضاف الى الخوف من الشيوعية وإمكانات انتفاضة ضد الأنظمة الملكية الحاكمة.

وفي حرب الخليج الثانية عام 1991 استمرت سياسة الحرب المبنية على الخداع، فدفعت السعودية 36 مليار دولار من اصل 60 مليار دولار كانت هي تكاليف الحرب .

لقد اوجدت الادارة الاميركية وفق برنامج للاستخبارات الاميركية ما يسمى بتنظيم "القاعدة” لمحاربة الاتحاد السوفياتي في افغانستان، وبعد الانسحاب من افغانستان وانهيار هذا الاتحاد ووضع الحرب العراقية الايرانية اوزارها تسللت الى الادارة الاميركية ، لا سيما مع المحافظين الجدد فكرة " الاسلام الراديكالي” ليكون بديلا عن " العدو الشيوعي”. وقد برز هذا التوجه بشكل جدي في تقرير القدس الرابع حيث نشرت فكرة استبدال الشيوعية "بالراديكالية الإسلامية”.

لقد شكلت افكار بعض المحافظين الجدد امثال دوغلاس فيث، وديفيد وورمسر، وريتشارد بيرل ( المدافعين عن التحالف بين المحافظين الجدد والعسكرتاريا في واشنطن) تاثيرا كبيرا لتشق هذه النظرية طريقا الى مصانع القرار في واشنطن. حيث كانت البداية من مؤسسة بحثية مقرها القدس المحتلة، ومعهد للدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة. وقد نشرت العديد من الورقات الاستراتيجية ، وأهمها "استراحة نظيفة: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة” في عام 1996 - ينظر إليها من قبل العلماء كمخطط لغزو العراق عام 2003.

ففي شراكة بين المملكة العربية السعودية و المحافظين الجدد تم غزو العراق في عام 2003. كان الدور السعودي كالعادة محطة وقود، لضخ النفط إلى وقود حرب أميركا.

بعد غزو العراق جاءت المكافأة الاميركية للسعوديين سريعا: تم تعيين اياد علاوي رئيس الائتلاف الوطني العراقي (الوفاق الوطني العراقي) المدعوم من السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة كرئيس للوزراء في عام 2004 وذلك لمكافحة النفوذ الايراني المتوقع .

ارتفع عدد القتلى والاعتداءات بعد الغزو الاميركي للعراق ، فيما المذابح وحّدت العراقيين ضد المحتل الأميركي، ما دفع البعض للقول: "ما يحدث الآن يحدث لجميع العراق. لا يوجد فرق بين السنة والشيعة والعرب والكرد. اننا جميعا تعرضنا للغزو ".

ارهاب

العلاقة بين السعودية واميركا

ضرب وحدة العراق

لقد اصبح من الضروري في دوائر القرار تقويض وحدة العراق عبر تقليب العراقيين على بعضهم بعضا بدلا من محاربة المحتلين.

وفي هذا التكتيك لا يبدو شيء اكثر فائدة من الاستعانة بالملك الأردني عبد الله فكان تقديم استراتيجية لتقسيم العراقيين مع اطلاق مفهوم "الهلال الشيعي” في أواخر عام 2004.

ركزت وسائل الإعلام الرئيسة والمتعاونون معها في العراق والمنطقة على هذا المفهوم فانتشر كالنار في الهشيم، وحرق الجسور بين مختلف الطوائف.

ثم بدأت بعدها الاحداث تتوالى:

في كانون الاول/ ديسمبر 2005، أعلن أن جيش النخبة الإسرائيلي يدرب الأكراد في شمالي العراق. في كانون الثاني يناير 2006، السعودية تعمل على مخطط لتأمين وتطوير سياج يهدف إلى اغلاق الحدود بين العراق والسعودية لوقف تدفق الإرهابيين.

في شباط/ فبراير 2006 تم تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء. وبين هذا وذاك انطلق وبسرعة فائقة اسم ابو مصعب الزرقاوي " كجهادي سني” لم يمض على خروجه من سجن الاستخبارات الاردنية وقت طويل حتى اسندت اليه الاتهامات بانه يقف خلف هذه التفجيرات.

في ايار مايو 2006، اقترح جو بايدن تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء. وفي شهر آب/ أغسطس، اصدر "فالي نصر” ، من مجلس العلاقات الخارجية الاميركية كتابه "انبعاث الشيعة”. وفي 30 كانون الاول ديسمبر 2006، سُرب شريط اعدام صدام حسين وصور على انه استهداف للسنة وانتقام للشيعة.

وفي عام 2007 تم تفجير مرقد الإمامين العسكريين للمرة الثانية، وفي العام نفسه بدأ العمل على تهجير المسيحيين العراقيين تبعا لمخطط التقسيم الطائفي.

وفي عام 2008، عارض رئيس الوزراء الحالي، نوري المالكي وجودا أميركيا دائما ورفض اعطاء الحصانة للجنود الاميركين في الاتفاقية الموقعة بين الطرفين والتي حددت تاريخ انسحاب القوات الامريكية من العراق بحلول كانون الاول /ديسمبر 2011 .

هذا الجدول الزمني يقود الى ما كان يخطط لسوريا عبر تسليح ارهابيي ما يسمى بداعش من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الذين شاركوا في أنشطة إرهابية سواء داخل سوريا او العراق، كاعادة لخيار السلفادور وفرق الموت التي انشئت في السلفادور والهندوراس ونيكاراغوا.

وبالمحصلة، فقد سعى المحافظون الجدد لفترة طويلة للسيطرة على الخليج واستخدامه كمنصة للانطلاق في الاستراتيجية الكبرى للهيمنة العالمية. وشكلت التنظيمات التكفيرية رافعة لتبرير هذه الهجمة بعد هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر. ويعتبر التقسيم الطائفي النقطة المحورية للقضاء على المقاومة ورفض الهيمنة الاميركية. لقد عبر الاستراتيجي الشهير مايكل بورتر خير تعبير عندما قال "وأخيرا، يجب أن يكون لدينا استراتيجية الاستمرارية. ان اختراع داعش هو بمثابة الاستمرار”.

وفي النهاية تظهر القيمة الحقيقية لتحالف الولايات المتحدة الاميركية مع السعودية، وهي ان المملكة بالنسبة للولايات المتحدة ليست مجرد خزان للنفط واداة للتحكم باسعاره، بل هي ايضا خزان للفكر التكفيري الذي " ينبغي " ان يسود في الشرق الاوسط الجديد.