اردوغان وقرار الخطوة الاولى
رفعت البدوي*
تحولت تركيا اردوغان من دولة صفر مشاكل الى دولة محاطة بالمشاكل وما زاد من ازمات تركيا هو سقوط حلم اردوغان و اوغلو بقيادة العالم الاسلامي في منطقتنا بالتزامن مع سقوط نظرية احمد داود اوغلو اي تصفير المشاكل.
استقالة او اقالة احمد داود اوغلو من رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء لم تكن مستغربة بل كانت متوقعه للكثير من المراقبين بعد ان اضحت تركيا معزولة ومطوقة بأزمات داخلية واقليمية نتيجة فشل خياراتها السياسية والعسكرية اضف الى ذلك سوء ادارة الملف الانساني للنازحين السوريين واستثماره كورقة ضغط بهدف ابتزاز اوروبا فكان لا بد من تحميل مسؤولية الفشل السياسي والاداري الى شخص ما فوقع اختيار التضحية على احمد داود اوغلو ظناً من اردوغان انه قد يجد حلا للحد من خسارته المتتالية وأزماته مع العراق وسوريا وايران وروسيا واوروبا.
اسقاط طائرة السوخوي الروسية فوق الأراضي السورية جاء تنفيذاً لأوامر مباشرة من احمد داود معتقداً انه سيجبر الحلفاء الامريكيين والاوروبيين وحلف الناتو على التدخل و الوقوف الى جانب تركيا اردوغان واوغلو في مواجهة روسيا المنغمسه عسكرياً في سوريا لكن مصالح الدول الكبرى لم تكن بمستوى حلم اردوغان اوغلو ليجدا نفسيهما امام مشكلة كبيرة على صعيد الأمن القومي ما شكل خطراً داهماً على نظام اردوغان واوغلو معاً و أوقع تركيا بأزمة مزدوجة مع اوروبا من جهه ومع وروسيا من جهة اخرى.
اوروبا المستاءة من تدفق النازحين الى اراضيها انطلاقا من تركيا بدأت من البرلمان الالماني باستنهاض التاريخ معترفة بالمجزره التركية بحق الارمن في عام 1915
اردوغان توجه مرة اخرى نحو روسيا باعثاً برسائل عدة لفتح صفحة جديدة معها لترميم العلاقة السيئة بين البلدين قائلا: ارغب باعادة العلاقات مع روسيا لكن لا اعرف من أين تبدأ الخطوة لاتمام ذلك.
الرد الروسي لم يتأخر حيث قال سيرغي لاڤروڤ وزير الخارجية الروسية ان روسيا تريد اعتذارا رسميا عن اسقاط طائرة السوخوي الروسية وقتل احد طياريها الروس اضافة الى ضرورة وقف دعم الارهاب المتدفق عبر الحدود التركية لكن حتى اللحظه فان شيئا من هذا لم يحصل.
هل يقدم اردوغان على الخطوة الاولى باتجاه التغيير ؟
اميركا تدعم الاكراد في الشمال السوري عسكريا تحت عنوان محاربة تنظيم داعش، اما روسيا وبالاتفاق مع امريكا فهي لا تمانع من دعم الاكراد لا بل انها تطالب باشراكهم باي محادثات تبحث مستقبل سوريا وهذا الامر يفسح المجال امام قيام حكم كردي ذاتي في المنطقة المحاذية للحدود التركية ما اعتبره اردوغان بمثابة تهديد مباشر للامن القومي التركي ما دفعه الى توجيه كيل من الاتهامات المباشرة الى امريكا واصفاً إياها بانها تمارس سياسة النفاق والكذب ضد تركيا مع استمرار التوتر بين اوروبا وتركيا.
ادرك اردوغان انه بات معزولا وان مصالح الدول تتجمع لتشديد الطوق عليه لكبح جماحه وتحجيمه تمهيداً لاعادته الى داخل قفصه الذي تفلت منه.
لجوء اردوغان نحو اسرائيل لاعادة العلاقات بعد انقطاع دام لاكثر من خمس سنوات لم يأت صدفة بل جاء بدافع الهروب الى الامام وفك العزلة التي اصابته واللافت ان اردوغان قدم تنازلاً لافتاً عن دعمه لحركة حماس.
من المتعارف عليه ان ما من نظام غير مستقر وآخذ بالترنح الا وتزداد عليه الضغوط من كل حدب وصوب وهذا ما يحصل اليوم مع اردوغان.
المعروف عن الرجل انه برغماتي ولا يهمه الا شهوة السلطة ولن يتوانى عن الاستدارة نحو الخصوم طلباً للحصول على طوق نجاة حتى لو تطلب الامر المزيد من التنازلات والمساومات التي من شأنها ان تحفظ له السلطة.
اردوغان بدأ بالتخلي عن الاوزان الثقيلة التي تهدد مركبه من الغرق الاقتصادي والسياسي تمهيداً لتغيير مسار المركب التركي هرباً من مواجهة امواج عاتية قادمة وفي مقدمها قيام دولة كردية
نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء، قال "ان اصلاح العلاقات مع روسيا والعراق وسوريا ومصر يعتبر امراً ضرورياً لتركيا ".
ما قاله كورتولموش لن يتحقق والدولة الكردية قاب قوسين الا اذا اقدم أردوغان على انقلاب في سياسته والقيام بخطوة اولى تعتبر بمثابة طوق النجاة وهي استدارة نحو سوريا العروبة مع الاشارة إلى ان كل الدلائل تشير الى ان اردوغان اتخذ القرار للقيام بالخطوة الاولى...