لو كان لي من الأمر شيء!
* الداعية السعودي الدكتور حسن فرحان المالكي
لو كان لي من الأمر شيء، لألزمت جهات الفتوى والدعوة والإرشاد، ألا يعطوا شهادة لمفتٍ ولا داعية ولا مرشد ولا خطيب، حتى يطوفوا به خمس سنوات على الأقل، على ملل أهل الأرض ومذاهبهم. كلها؛ يجلس معهم؛ ويفهمهم ويطلع على فلسفاتهم الخ؛ حتى يتكلم عنهم بعلم.
معظم ما يحوس المسلمين اليوم ويدوسهم دوس البقر، هو الجهل بالآخر، وبخسه حقه، وتزكية النفس، والتكبر عن فهم الآخر، ...الخ، كل هذا ينتج كل هذا التنازع والفساد والحروب و... وعباد الشيطان يأبون إلا تمسكاً بالجريمتين:
1- تزكية أنفسهم.
2- وبخس الناس أشياءهم.
والجريمتان (الثقافيتان) تقودان لكل شر وظلم وتخلف.
نفوس بني آدم عبأها الشيطان بثقافة شيطانية؛ جعلتهم أعداء متخاصمين متباغضين على الدوام، والشيطان قد أعلنها؛ فهو لا يريد راحة لآدم ولا ذريته، فالشيطان هو عدو بني آدم كلهم؛ وليس عدو المسلمين فقط.
(ألم أعهد أليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان)؟ ولسان حال الناس ... : نحن لا نعبده؟!!!
هم لا يعرفون أنهم يعبدونه؛ لأنهم - حسب تعليمهم الجاهل - واثقون أنهم لا يصلون ولا يصومون إلا الله. وكأنهم - ما شاء الله عليهم - قد عرفوا معنى العبادة..!
لا إله إلا الله...
هذا التعريف التقزيمي للعبادة بأنه يعني الشعائر من (صلاة وصوم وحج) أتاهم من الشيطان.. ليصرفهم عن معنى (عبادة الشيطان) التي حذر الله منها.
عبادة الشيطان؛ يا ناس ياعرب يا مسلمين؛ هي: "طاعتكم له في الجهل والكبر والعداوة والبغضاء والسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.. وما يتلو ذلك من خراب وجهل وفقر وتخلف ..الخ".
والله لو عبدنا الله كما أمر لما كان بيننا مقتول ولا مهضوم ولا فقير ولا أسير.. فالشيطان حاسنا حوسة، وجهّلنا أمور ديننا، والله وحده يعلم متى نخرج من هذه الحوسة. والمتوقع أن سنبقى في مشروع الشيطان (ذلك المشروع المحذر منه قرآناً) من العداوة والبغضاء والسوء والفحشاء والتنازع والحروب والتخلف والفقر والإنهاك.... إلى أن نصحو وننتبه للمعاني الأولى كالعبادة، التي زحزحنا عنها الشيطان إلى معاني أخرى تؤدي إليها؛ لكنها ليست هي..
زحزحة ذكية شيطانية؛ كما يُزحزح قطار ليخرج عن السكة متراً واحداً فقط؛ وخروج القطار عن السكة متراً واحداً هو كخروجه عنها ألف ميل.