داعش يواجه خطر خسارة معاقله في العراق وسوريا
مارتن شولوف
للمرة الاولى على مدى عامين، ومنذ اعلان الارهابي (ابراهيم عواد البدري السامرائي) المكنى "أبو بكر البغدادي” قيام "دولة الخلافة المزعومة” التي تبسط نفوذها على اراضي سوريا والعراق، تواجه الجماعة الارهابية خطر خسارة معظم الأراضي التي كانت تستولي عليها مواجهة حقيقية. فاليوم تتعرض أربعة معاقل لـ”داعش”، اثنان منها في سوريا واثنان في العراق، لهجمات مركزة، والإرهابيون الذين يحاولون الدفاع عنها في كل حالة من هذه الحالات الأربع يحاولون بكل ما لديهم احتواء هذه الهجمات الحسنة التنسيق التي استغرق توفير الامكانيات والتخطيط لها اشهراً عدة. هذه الهجمات تتلقى دعماً مركزاً من جانب الولايات المتحدة التي صعدت منذ شهر نيسان الماضي شدّة حملتها لتدمير وإضعاف المنظمة الارهابية في معاقلها الرئيسة في شرق سوريا وغرب العراق. هذا الجهد الذي استغرق سنتين، والذي تعرض للسخرية من جانب الحلفاء والاصدقاء على حد سواء باعتباره محاولة شديدة الحذر محدودة الاثر، بدأ اليوم يكتسب زخماً عسكرياً جديداً. ففي العراق دخل الهجوم على مدينة الفلوجة، التي بقيت "داعش” معششة فيها منذ كانون الثاني 2014، اسبوعه الثاني. وفي الشمال صارت مدينة الموصل، ذات الاهمية المحورية في تحديد مصير "داعش”، تبدو أقل منعة اليوم بعد التقدم الذي احرزته قوات البيشمركة من جهة الشرق. ففي الاسبوع الماضي، وبينما الانظار متجهة الى الفلوجة، تمكنت القوات الكردية من انتزاع تسع قرى كانت خاضعة لقبضة العصابات الارهابية. وفي سوريا تحولت مدينة الرقة، التي تعتبر عاصمة فعلية لـ”داعش”، وكذلك المناطق المحيطة بها، الى مسرح صدامات متجددة مصحوبة بموجة جديدة من اللاجئين الذين اخذوا يخلون المدينة استباقاً للهجوم البري المؤكد، ولو أنه قد لا يكون وشيكاً. وعلى الحدود الجنوبية لسوريا مع العراق تفرض وحدة انشئت حديثاً يطلق عليها اسم "جيش سوريا الجديد”، بدعم من القوات الخاصة الأميركية والاردنية، وجودها في المناطق القريبة من خط للجبهة كان يعتبر ارضاً حراماً بالنسبة لسائر الجماعات المعارضة الأخرى منذ منتصف 2013. مع انكسار "داعش” وبداية تداعيه هناك خلافات اخذت تطل بين صفوف القوى التي تقاتل العصابات، وهي خلافات قد تعرض تلك المكاسب للخطر. وعلى ميدان المعركة، المستمر بالتحول بشكل ثابت لغير صالح "داعش”، تلوح مسألة مهمة لم يتصد لها أحد بعد، وهي كيف ستعالج العملية السياسية مشاعر الغبن التي يبديها السنة في البلدين والذين تزعم "داعش” أنها المدافع عن حقوقهم. كلما جاء سقوط الجماعة اسرع دون التوصل الى خطة لما سيحدث لاحقاً فسوف يتصاعد خطر وقوع انشقاقات مستعصية العلاج على اسس عرقية وطائفية بين مجتمعات نجحت حتى اليوم في التعايش جنباً الى جنب. تمثل الحزازات العرقية تهديداً لنجاح أحدث هجوم انطلق يوم الاربعاء الماضي على الجيب في منطقة منبج، الذي يمتد جنوباً مبتعداً عن الحدود التركية والواقع على بعد نحو 160 كيلومتراً الى الشرق من حلب بين بلدة الباب ومدينة الرقة. هذه العملية، التي تسير بتوجيه الولايات المتحدة ودعم طائراتها، كانت حركة تمويه للتغطية على الاندفاع نحو منبج، مثلها مثل التقدم الذي حدث على مدينة الرقة في الاسبوع الماضي. اما المقاتلون الذين يخوضون المعارك فهم من القوات المتحالفة مع اميركا التي يهيمن عليها الكرد الى جانب بعض العرب من المناطق القريبة. بيد أن الجمع بين هذه العناصر لا يجري على ما يرام رغم تأكيدات واشنطن على العكس.
عن صحيفة الغارديان