الحرباء قد تكون بشراً.. وتتلون بلون المقاومة
سميح خلف
بداية وقبل الدخول في المعاني لظاهرة الحرباء في الساحة الفلسطينية، نوجه كل التقدير للمقاومة ولفصائلها التي حافظت على العهد والتي انصهرت مع طموحات شعبها وأطروحاته من التخلص من تيار الانهزام والانتفاع والانبطاح والهروب نحو الأمام في خندق العدو الصهيوني من خلال خزعبلات سياسية وأطروحات أمنية لا تعطي مفهوماً إلا الإحباط لقدرات شعبنا على مواجهة العدوان بل مواجهة النظرية الصهيونية وموطئها على أرض فلسطين ما يسمى دولة إسرائيل الورقية التي أعطوها كما هائلا من التضخيم كي يحبطوا معنويات شعبنا ويركعوه لنظرية الأمن الصهيوني وبقاءه على أرض فلسطين.
ليست المرة الأولى التي تدخل فيها دولة الكيان الصهيوني الدخيل المواجهة مع شعبنا وشبابه ومقاتليه، وعلى اعتبار أن حركة النضال الوطني الفلسطيني هي حركة مستمرة ومتجددة وان اتخذت ألوانا فكرية مختلفة ومتجددة مع تطور الوضع الإقليمي والدولي والتي أصبح لزاما على شعبنا أن يكسر حاجز المجددات الإقليمية والدولية التي فرضت تياراً انهزاميا على واقع الكينونة الفلسطينية.
إن عملية "العصف المأكول” والمسميات الأخرى التي تقترب من هذا المفهوم لفصائل العمل الوطني المقاوم قد مرغت أنف العسكرية الصهيونية في الأرض وأصبح الجيل الثالث الصهيوني في مأزق تاريخي على أرضنا فلا أمن ولا أمان لهذا الكيان مهما حاولت الاتفاقيات السابقة والمتغيرات الاقليمة أن تخدم نظرية أمنه، فالتجديد في حركة النضال الوطني الفلسطيني قد تجاوزت هذه المحددات وإن كان التيار العبثي الذي لبس ثوب الثورة منذ انطلاقتها ولبس ثوب أوسلو بعد تقديم امتيازاتها وما أثروا وما كبرت به كروشهم من أموال وبعد إنجاز كبير حققه رجال المقاومة من القسام إلى كتائب الأقصى إلى سرايا القدس إلى الناصر صالح الدين وأبو علي مصطفى، تلك الفصائل التي احتضنها الشعب الفلسطيني بكامله قد أنجزت وقد ركلت أوراق سياسية وأمنية عمل عليها وقدمها الرئيس الفلسطيني ببرنامج يراد به باطل إذا تحدثنا عن الوطنية الفلسطينية، فكل مناوراته وأطروحاته وأقاويله تؤول إلى خدمة نظرية الكيان الصهيوني الأمنية وخريطته الجغرافية التي تتهاوى يوما بعد يوم ولأن المشروع الصهيوني بدأ في انعطاف بعد انعطاف نحو فشله الذريع في استقراره على أرضنا.
بلا شك أن الحرباء المتلونة قالوا من الخرافات القديمة أنها أصلا كانت انسانا وسخطها الله لكي تكون بهذا الشكل وبهذا التلون لتكون عبرة للمتلونين والإنتهازيين الذين يلهثون وراء من يحمل الشنطة ومن يحقق مصالحهم سواء مع الاحتلال أو مع عباس وإن كان الأمر ضروريا للحفاظ على ممتلكاتهم وشخصياتهم المهترئة فلا مانع أن يمجدوا المقاومة وأن يكونوا مع المقاومة وإن لم يتخذوا هذه المواقف فسيزداد سقوطا بعد سقوط ولأن الشعب كله مع المقاومة.
نظرية الحرباء المتلونة وإن استقرت على لون فهي تستقر بناء على البيئة، فبيئة أوسلو والكازينوهات والملاهي وصالات المجون في تل أبيب والقدس الشرقية هي لون من ألوان هؤلاء الإنتهازيين الذين أظافرهم وأناملهم قد تجرحها هبوب الرياح من نعومتها فلا يمكن أن ينطبق عليهم أن يكونوا مع الثورة ولا مع الثوار ولا مع المقاومة، فالغريب أن يدعوا الآن مساندتهم للمقاومة وإنجازات المقاومة، فهم مصاصي دماء ومصاصي تراث الشهداء، فقد تسلقوا على تلك المواقع من إرث الشهداء ودمائهم ومنذ انطلاق حركة فتح إلى إختراقها من هذا التيار اللعين الذي عبث في الشؤون الوطنية الفلسطينية باسم المقاومة والكفاح المسلح، هم يعيدون الكرة مرة أخرى لاقتناص واحتواء ما تنجزه المقاومة، ولذلك الحذر الحذر من هذا الصنف المتلون كالحرباء، إن كانوا صادقين فاليضعوا أموالهم بكاملها تحت إمرة الإنجازات التكنولوجية والتقنية في تطوير السلاح، هذا إن كانوا صادقين، وإن كانوا قد راجعوا أنفسهم وعرفوا خطيئتهم وخطاياهم إن سامحهم الشعب والمقاومة، وإلا فهم منافقين وإنتهازيين وهناك مؤشرات في قرآننا الكريم على هذا الصنف من البشر المنافق المتلون.
إن شرفاء حركة فتح قد عرفوا طريقهم منذ الانطلاقة الأولى وعرفوا طريقهم عندما تصدوا للفاشي والطاغية الذي لا يملك طغيانه إلا على شعبه وهو مجرد حصوة صغيرة ربما أمام الإحتلال الذي مازال يبرر تصرفاته ويبرر منطق الإحتلال، شرفاء فتح وهم كتائب شهداء الأقصى وكوادر سياسية وتنظيمية وقادة قد قالوا لا لهذا النهج المدمر تعرضوا للفصل والقهر والتشويش والتشويه وحالات منع الطعام عنهم بقطع الراتب وغيره، وبرغم ذلك كانت تصريحاتهم وقبل المواجهة مع الإحتلال وفي أكثر من مواجهة انتمائهم دائما لصف المقاومة والبناء في الساحة الفلسطينية وفي غزة المحاصرة المستهدفة ها هم أبناء حركة فتح الشرفاء جيل العاصفة وأبنائهم وأحفادهم من كتائب العاصفة وشهداء الأقصى، ومن هنا يجب أن نسجل أن هذا الانتصار الذي حققته المقاومة هو انتصار للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية بدون تمييز أو تشرذم مما يحتم علينا بعد هذه المعركة وإنجازاتها رسم خطوط من الوحدة الوطنية تتجاوز الأوراق السياسية والأمنية التي فرضها رئيس السلطة ونهجه على الساحة الفلسطينية ومنظمة التحرير فيجب أن يكون هناك جيش الشعب واللجنة العلمية وللتطوير التكنولوجي وبناء الكادر الفلسطيني بشكل عام في كل الميادين في مرحلة البناء المستمر على طريق معركة التحرير التي اقتربنا منها كثيراً.
هذا هو جيل المقاومة والكفاح المسلح والثورة الذي ينجز ولكن هم كعادتهم يحاولون إختراق جدار الصمود وجدار النصر عندما يخدعون الآخرين بأقاويلهم الشفوية التي مجدت أوسلو ومجدت نهج عباس سابقا، هم يحاولون أن يفرضوا نفسهم وواقعهم وسفالتهم ووجودهم أيضا في ساحة المقاومة ولذلك نحذر ثم نحذر لأن لا يحدث لحركة المقاومة كما حدث لحركة فتح من إختراقات وتحية مرة أخرى للقسام وكتائب الأقصى وكوادر فتح الشرفاء الذين يجب أن يعودوا إلى أرض الوطن لحشد كل الإمكانيات في صف المقاومة والبناء ولأن المعركة السياسية والوطنية قد تكون أصعب كثيراً من المواجهة مع الاحتلال التي سينتصر فيها شعبنا حتماً.