هل فعلاً سيقطعون تمويل الإرهاب؟
وضاح عيسى
لم تتخذ بعد الإجراءات اللازمة لوضع حدٍّ لاتساع دائرة الإرهاب العالمي وتفاقمه، لدرجة أمست مواجهته ضرورة تدعو الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً إلى تضافر الجهود للتحرك السريع والجدي لمكافحته مهما بلغت التكاليف، وخاصة أن دعوات حاملي الفكر التكفيري الإجرامي لشن هجمات واسعة في كل مكان تتزايد يوماً بعد آخر وخاصة في الدول الغربية، وسط تغاضي حكوماتها وتقاعسها عن أداء دورها في تنفيذ القرارات الدولية المرعية لمحاربة إرهاب يصعّد من منسوب إجرامه بقدر تغطيته سياسياً وإعلامياً وحجم دعمه تسليحاً وتمويلاً وتدريباً.
فبالأمس، وبعد أن قدمت دولهم كل أنواع الدعم للإرهاب في سورية، يخرج علينا وزراء مالية كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وكندا أثناء اجتماعهم في اليابان في قمة «مجموعة السبع»، بتعهدات «اتخاذ تدابير تعزيز الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب والحد من تقوية شبكاته»، لتتبعها دعوات مسؤولين أوروبيين لقطع العلاقات مع دول ينهل الإرهاب من عقيدتها الفكرية.. فهل استيقظ الغرب على التداعيات الخطرة التي يخلّفها الإرهاب، وهل فعلاً سيقطعون تمويله، أم إن الاستثمار فيه لقتل الشعوب وتدمير الدول وحضارتها سيبقى نهجاً متبعاً من طرفهم؟!
مَنْ يرد مكافحة الإرهاب فعلاً فعليه أن يقوم بفعل صادق وجدّي، وأن يكثف الجهود مع الدول التي تدفع الغالي والنفيس نيابة عن العالم أجمع لاستئصاله من جذوره، لا أن يراوغ ويماطل، أو يدّعي أمام الرأي العام ضرورة مكافحته، فيما الواقع يثبت عكس ذلك.
البعض يصنف الإرهاب زوراً بين «معتدل» و متشدد في محاولة منه للتعتيم على حقيقة إجرامه من جهة، وعلى دعمه له لأهداف سياسية قذرة من جهة ثانية، فوزراء مالية الدول السبع شددوا على إجراءات إضافية لمكافحة الإرهاب، لكن واقع الحال أثبت فشلهم في ظل الازدواجية المتبعة في تصنيف الإرهابيين وممارساتهم وأماكن استهدافهم ونوعية ضحاياهم وغيرها، متجاهلين أثر ذلك على السلم والأمن الدوليين.
مكافحة الإرهاب أولوية تفوق كل الأولويات، وحتى تتحقق لابد من تشكيل جبهة موحدة لمواجهته والقضاء عليه وعلى فكره بالتزامن مع ملاحقة الدول الداعمة له، والابتعاد عن التصنيفات المضللة للإرهاب والتخلي عن الازدواجية، ومن دون ذلك ستبقى دواعي مكافحته مبتورة، فهل من مجيب قبل فوات الأوان؟