السعودية و إسرائيل ، عدو عدوى صديقي .
أحمد الحباسى
لا يخجل كتاب الخليج الفارسي الموالون و الممولون من الصهيونية العالمية و من الدولار النفطي الخليجي الملوث بدم الأبرياء في سوريا و العراق و اليمن أن يزعموا من باب التزييف أو من باب التضليل أن هناك علاقة بين سوريا و إسرائيل أو بين إسرائيل و حزب الله أو بين إيران و إسرائيل ، لا يخجلون رغم أن إسرائيل تنفى هذه العلاقة من الأصل رغم أنه معروف عن هذا الكيان تسريب المعلومات و كشف المستور لإحراج الدول العربية التي تقبل بوجود هذه العلاقة الآثمة ، فقد كشفت إسرائيل محادثاتها مع المرحوم عرفات منذ بدايتها و لذلك تم استهداف المناضل عصام السرطاوى في مدريد بصفته المشرف على تلك المحادثات و ذلك من بعض المنظمات الفلسطينية الرافضة للحوار مع العدو و كشفت إسرائيل علاقتها بالرئيس محمد أنور السادات و لذلك تم اغتياله من طرف خالد الاسلامبولى في حادث المنصة الشهير ، لذلك لا يمكن أن يقبل عاقل بوجود علاقات مهما كان نوعها بين إسرائيل و حلف المقاومة دون أن تقوم منظومة الإعلام الصهيونية بكشف كل تفاصيلها سواء لإحراج الدول المنخرطة أو لتشجيع بقية الدول العربية للدخول في هذا النفق المظلم .
هناك فرق كبير بين تقديم دليل ملموس عن وجود هذه العلاقات بين دولة عربية معينة و إسرائيل و بين الاكتفاء بمجرد التلفيق و التضليل و الادعاء الكاذب ، و بمراجعة كل ما كتب حول وجود علاقة بين سوريا و إسرائيل من هؤلاء الكتاب العرب المنتمون للصهيونية فكرا و أخلاقا و دينا مثل صالح القلاب و طارق الحميد نلاحظ من البداية أن كل تلك الكتابات المزيفة للحقائق لا تنطلق من معلومات ثابتة أو من حقائق معلومة للجميع بل من افتراضات و كثير من التخمينات ، نلاحظ أيضا أن كتاب الدرجة العاشرة الصهاينة ينطلقون دائما من نفس البداية ليصلوا طبعا إلى نفس النهاية دون تقديم معلومة ملموسة واحدة حول هذه العلاقة ، نلاحظ أيضا أن هؤلاء الكتاب الذين جاء ذكر أسماءهم في القوائم الصهيونية كأكثر الكتاب العرب خدمة لإسرائيل لم يستطيعوا رغم علاقتهم المعلومة بالمخابرات الصهيونية تقديم هذا الدليل الذي طال انتظاره لإثبات هذه العلاقة مع أن إسرائيل معروفة بدولة التسريبات بامتياز .
على مدار سنوات وجود حكم عائلة آل سعود لم تقم إسرائيل بأي عمل عدواني ضده ، في حين أن المواجهات العسكرية و الاستخبارية المتبادلة لم تتوقف بين الجانبين الصهيوني و السوري بشكل أو بآخر و على مدار سنوات الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة كانت اللغة المتبادلة بين الطرفين خشنة و غير ودية في حين أن النظام الصهيوني طالما تحدث عن عائلة المافيا السعودية بكثير من الود و ” الصداقة ” ، على مدار السنوات الماضية كانت هناك نزاعات تتخللها حالات من لا حرب و لا سلم بين الجانبين السوري و الصهيوني في حين تميزت العلاقة بين السعودية و إسرائيل بكثير من اللين و الكلام المعسول و الرغبة المتبادلة في التطبيع حتى لو اتخذ ذلك التطبيع أشكالا متعددة فرضتها طبيعة كل مرحلة ، و لان العلاقة بين حزب الله و سوريا هي علاقة إستراتيجية معلنه فان حرب تموز 2006 التي كانت سوريا طرفا فاعلا فيها لم تكن نزهة للمؤسسة العسكرية الصهيونية كالعادة بل تكبدت إسرائيل في تلك الحرب التاريخية التي دامت ما لا يقل عن 33 يوما كاملة خسائر مؤلمة و فادحة في الأرواح و العتاد أدت إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك و إقالة وزير الدفاع و رئيس المخابرات و قائد الأركان و كبار الضباط من الصف الأول بما مثل صفعة مدوية تناقلتها وسائل الإعلام الصهيونية و العالمية خاصة بعد أن كشف تقرير فينوقراد الشهير فداحة الخسائر الصهيونية في كل المجالات ، فهل كانت تلك الحرب مزحة.
يصر بعض كتاب الخليج الفارسي على انه لا توجد حالة عداء معلنة بين سوريا و إسرائيل ، و ما يصدر عن الجانبين من أقوال أو أفعال هي عملية تبادل أدوار و تمثيل على الشعوب العربية ، يصر هؤلاء أيضا على أن آل سعود هم أعداء إسرائيل ، طبعا يتجاهل هؤلاء عمدا وثائق ويكيليكس و تصريحات كبار قادة الصهاينة و تسريبات المخابرات العبرية، لكن الحرب الإرهابية التي دبرتها السعودية و عدة دول عربية و غربية بما فيها إسرائيل فى سوريا منذ ما يزيد عن الخمسة سنوات قد كشفت العلاقة ألاثمة و المتطورة بين نظام الميز العنصري السعودي و نظام الاحتلال الصهيوني ، بحيث تمت معالجة الجرحى الإرهابيين السعوديين في تل أبيب بطلب من الأمير بندر بن سلطان و بعلم القيادة السعودية المنحرفة ، و في نفس سياق هذه العلاقة أثار أحد مراكز الأبحاث الصهيونية التابع لجامعة تل أبيب مسالة العلاقة الصهيونية السعودية مشيرا إلى وجود تقارب معلن بين البلدين و حالات من اشتباك المصالح بحيث اعتبرت الرياض سوريا العدو الأول في المنطقة في هذه الفترة مما أدى بإسرائيل إلى مزيد تعميق العلاقات و الوقوف إلى جانب نظام أل سعود في سعيه لإسقاط النظام السوري من باب ” عدو صديقي فهو عدوى ” .
تسعى السعودية منذ سنوات إلى إشعال فتيل الحرب بين إيران و إسرائيل تحت ذريعة الملف النووي الإيراني ، كما تدرك السعودية أن الضربة العسكرية الصهيونية المؤلمة لإيران ستضعف علاقتها بالشام و بحزب الله و ستضطر حكام إيران إلى البحث عن حلول سلمية خاصة في ظل الحصار الاقتصادي المتواصل ، و بعد سقوط هذه الخطة القذرة و حصول الاتفاق بين إيران و الدول الكبرى ، توجهت أنظار المملكة إلى تأليب تركيا على إيران لدفع هذه الأخيرة إلى تقسيم جهودها و بعثرتها خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها الحرب الإرهابية في سوريا و انتزاع النظام السوري بمساعدة حزب الله و روسيا عدة انتصارات مهمة أدهشت المتابعين و فرضت على المجموعات الإرهابية الهروب و التخلي عن عدة مدن سورية مهمة ، و رغم محاولات الحليف الصهيوني للسعودية لابتزاز إيران فالظاهر أن الإدارة الأمريكية لم تعد تستسيغ مثل هذه الأفعال الصبيانية الرعنة التي تدل على قصر نظر نظام آل سعود و نرجسية السلوك الصهيوني خاصة أن هذه الإدارة الفاشلة تعانى من تفرع المشاكل و قلة الحلول و اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي سيدخلها حزب الرئيس الأمريكي مضرجا بالخسائر المتتالية في العراق و سوريا و لبنان و مصر و اليمن ، لذلك يمكن القول أن التحالف السعودي الصهيوني قد فشل من البداية في التحكم في قواعد اللعبة و بات أسيرا للتحولات على الجانب السوري ، و حتى اغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين على يد هذين النظامين لن يزيد سوريا إلا رغبة في تحقيق الانتصار النهائي رغم كلفته الباهظة .