كيري والتحذيرات الثلاثة للرياض
كثرت التساؤلات عن فحوى زيارة جون كيري وزير الخارجية الاميركي للرياض عشية انعقاد اجتماع فيينا لـ "المجموعة الدولية الداعمة لسوريا"، في وقت لم يستجد شيء او تطور في المنطقة خاصة في الازمتين السورية والليبية التي ستطرح على طاولة النقاش في هذا الاجتماع، حتى يستدعى القيام بهذه الزيارة ووضع المسؤولين السعوديين في مجريات الاجتماع الذي هدفه حلحلة الامور والتوصل الى حلول سياسية في ليبيا وسوريا.
لكن من خلال المؤشرات واللقاءات المنتقاة في الرياض وما تسرب بعض منها ان الهدف الاساس من زيارة كيري كانت توجيه ثلاثة تحذيرات: الاولى تتعلق بالبيت السعودي خاصة بعد الاخطاء الفادحة للملك سلمان في ظل ابنه الماسك بالسلطة محمد سلمان، في اليمن وتصاعد حدة الصراع داخل العائلة التي تعرضها للانهيار فيما اذا استمر الوضع على حالة فكان لابد من ان يحذر الملك سلمان الذي التقاه من اي تصرف ارعن يسمح بصعود الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد الى سدة الحكم ومخاطره الجسيمة على المملكة والذي استثناه من لقاءاته بل خص لقاءه بولي العهد محمد بن نايف فقط ووضعه في الصورة على ان المساس به خط احمر.
اما تحذير كيري الثاني للرياض كان يخص الشأن اليمني الذي غرقت السعودية في رماله ولم تحقق اي انجاز طيلة اكثر من عام بالرغم من الدعم المعلوماتي واللوجستي التي تحظى به من الدول الغربية وعلى رأسها اميركا و كذلك من دول الاقليم واذا ما استمر هذا الوضع فانه سينذر بعواقب وخيمة ليست للسعودية فقط بل على جميع داعميها وتسجل لهم المزيد من الفضائح والتداعيات التي لا يستطيعون تحمل نتائجها لذلك ابلغ الملك سلمان وولي عهده باستثمار فرصة مباحثات الكويت بين وفدي صنعاء والرئيس الهارب منصور هادي التي ترعاها الامم المتحدة لتثبيت وقف اطلاق النار والتوصل الى حلول تنهي الازمة اليمنية التي طالت اكثر من وقتها وقد تعرض اليمن الى زلزال لايمكن السيطرة عليه في ظل تمدد القاعدة وداعش في جنوبه وهذا ما لا يسمح به الغرب باي حال من الاحوال.
اما التحذير الثالث والاهم هو الوضع السوري الذي اذا ما خرج عن طوره فان شظاياه لم تتوقف عند حدود المنطقة بل ستتجاوز ذلك وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة التي ذهبت بالتنسيق مع موسكو حيث تعهدت روسيا واميركا في المضي لبذل جهودهما من اجل التوصل الى تسوية سياسية للازمة السورية خاصة وان اجتماع فيينا لـ " مجموعة الدعم الدولية لسوريا " خلال يومي الاثنين والثلاثاء الجاريين وبمشاركة اعضائه السبعة عشر ومنها ايران هو لدعم محادثات السلام بين وفدي الحكومة السورية و " المعارضة " المسلحة عادة هو اطلاق حزمة المفاوضات بين الطرفين نظرا الى ان الجولة الثالثة من المباحثات التي جرت بينهما في جنيف نهاية نيسان الماضي لم تسفر عن اي تقدم ملموس في هذا المجال. لذلك بدأت واشنطن تحس بالخطر الاكبر في ظل هزائم المجموعات المسلحة السورية والتقدم المستمر للجيش السوري وحلفائه في الميدان من ان تعيد الرياض حساباتها قبل ان تتلقى الضربة الساحقة وهي اليوم قد خسرت كل ذلك وسيخرجها من معادلة المنطقة ان بقي لها حياة سياسية لان اميركا لاتطيق من الان فصاعدا تحمل اعباء وممارسات هذا النظام الذي فاته الزمن وزادت تكاليفه اكثر من ما يتصور.