الصحف الأجنبية .. تفاصيل سيناريو الصراع الداخلي في السعودية
تناولت صحف غربية الكتاب الجديد للعالم والمفكر نعوم تشومسكي، الذي يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها نظام "الليبرالية الجديدة" تحت رعاية أميركية. ويقول تشومسكي في كتابه إن الاجتياح الاميركي والبريطاني للعراق هو الجريمة الكبرى في القرن الواحد والعشرين. من جهة أخرى، تناول باحثون غربيون التغييرات التي تشهدها السعودية اذ تحدث هؤلاء عن خلافات قد تنشأ داخل العائلة الملكية في ظل مساعي محمد بن سلمان لتنفيذ مخططاته.
* تشومسكي يتحدث عن التغييرات على الساحة العالمية
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية بتاريخ التاسع من أيار/ مايو الجاري مقالة مقتبسة من الكتاب الجديد للعالم نعوم تشومسكي، وعنوانه "من الذي يحكم العالم". والتي يشير فيها تشومسكي الى أن برامج "الليبرالية الجديدة" التي وضعت الثروة والسلطة بأيدي أعداد قليلة جداً من الناس والتي قوضت الديمقراطية أوجدت معارضة لها، أغلبها في منطقة أميركا اللاتينية، ولكن كذلك في مراكز السلطة العالمية".
واعتبر تشومسكي أنه "تم تقويض الديمقراطية بينما انتقلت صناعة القرار الى بيروقراطية بروكسل، حيث ألقت المصارف الشمالية بظلالها على ما يحصل في هذه البيروقراطية". وأشار الى أن "الاحزاب الرئيسية في أوروبا تخسر الاعضاء لصالح أحزاب اليمين واليسار"، لافتاً إلى "ما يقال عن مزاج غاضب، بينما انتقلت السلطة من الزعماء السياسيين الى السوق وكذلك المؤسسات والشركات التابعة للاتحاد الاوروبي، انسجاماً مع عقيدة الليبرالية الجديدة".
وقال "تشومسكي" إن "العملية عينها تحصل في الولايات المتحدة ولأسباب مشابهة"، معتبراً ان ذلك "يشكل مصدر قلق للعالم بأجمعه بسبب القوة الاميركية".
وتحدث "تشومسكي" عن "التحدي الذي تواجهه أميركا في شرق آسيا"، منبهاً الى ان "منظمة تعاون شنغهاي، تتضمن دول آسيا الوسطى وروسيا (بالاضافة الى الصين طبعاً)، كما ستنضم كلّ من الهند وباكستان قريباً الى المنظمة بينما ستمنح ايران صفة المراقب – وهي صفة لم تمنح الى الولايات المتحدة". كما لفت الى أن "الصين تقوم ببناء نموذج محدث من طرق الحرير ليس فقط بهدف دمج المنطقة تحت النفوذ الصيني، وانما ايضاً بغية الوصول الى اوروبا ومناطق الشرق الاوسط التي تنتج النفط". و اشار ايضاً الى أن "البرنامج هذا يتضمن شق طريق سريع عبر بعض اكبر الجبال في العالم من اجل الوصول الى ميناء "جوادار" الباكستاني والذي سيحمي شحنات النفط من اي تدخل اميركي محتمل".
ولفت تشومسكي، الى أن "البرنامج قد يساهم بالتنمية الصناعية في باكستان وقد يعطي حافزاً لباكستان كي تضيق الخناق على الارهاب في الداخل، وهي قضية خطيرة جداً للصين في محافظة جيانغيانغ الغربية". وأضاف ان "ميناء "جوادار" سيكون جزءًا من "خيط اللؤلؤ" الصيني، وهو عبارة عن قواعد يتم انشاؤها في البحر الهندي للاغراض التجارية ولكن ربما ايضاً للاستخدام العسكري، اذ تطمح بيكين الى وصول نفوذها الى منطقة الخليج الفارسي لاول مرة في العصر الحديث".
ورأى "تشومسكي" أن "كل هذه الخطوات التي تتخذها الصين تبقى محصنة أمام قوة واشنطن العسكرية". كما لفت الى أن "الصين قامت عام 2015 بانشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وفيما يخص العالم الاسلامي و"الحرب على الارهاب"، أشار "تشومسكي" الى أن "الارهابيين كانوا محصورين بمنطقة صغيرة في افغانستان عندما أعنلت هذه الحرب، وهناك عوامل تفيد بأن "عملًا شرطويًّا" او حتى مفاوضات دبلوماسية حقيقية مع طالبان لربما كانت أدت الى تسليم المشتبهين باحداث الحادي عشر من ايلول الى السلطات الاميركية كي يحاكموا".
ولفت تشومسكي الى "ما قاله الزعيم المناهض لطالبان عبدالحق، الذي أدان بشدة التدخل العسكري الاميركي في افغانستان عام 2001"، اذ اعتبر الأخير أن "التدخل الاميركي هذا شكّل "نكسة كبيرة" لمساعي منظمات المعارضة الافغانية الرامية الى الاطاحة بطالبان "من الداخل". ولفت في هذا الاطار الى ما قاله "Richard Clarke" الذي كان مستشار البيت الابيض لشؤون الارهاب (في فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش)، اذ يقول "Clarke" ان بوش وعندما قيل له ان العمل العسكري ضد افغانستان سيشكل انتهاكاً للقانون الدولي، قد صرخ قائلاً: "لا ابالي بما يقوله المحامون الدوليون".
كما وصف تشومسكي التدخل العسكري "الاميركي - البريطاني" في العراق بانه الجريمة الكبرى في القرن الواحد والعشرين، معتبراً ان الولايات المتحدة تلقت هزيمة كبيرة. ورأى أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا قوض امكانية التوصل الى تسوية سلمية عبر المفاوضات وتركت ليبيا تحت سيطرة الميليشيات المتحاربة وأدت مؤخراً الى انشاء قاعدة لـ"داعش"".
واشار الى ما كُتب عن تجاهل المقترحات الدبلوماسية "المعقولة" التي تقدم بها الاتحاد الافريقي والتي وافق عليها مبدئياً معمر القذافي. و اعتبر ان "تدفق الاسلحة و"الجهاديين" من ليبيا قد نشر الارهاب والعنف من غرب افريقيا الى بلاد الشام".
* سيناريو الصراع الداخلي في السعودية
الباحث الاميركي "Simon Henderson" كتب مقالة نشرت على الموقع التابع لمعهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى بتاريخ التاسع من أيار/مايو الجاري، اعتبر فيها أن "استبدال وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي بخالد الفالح انما يدل على ان محمد بن سلمان ربما يركز أنظاره على استهداف ايران والحد من قدرتها على الاستفادة من الارباح الناتجة عن تخفيف العقوبات". و قال ان "بن سلمان قد "أذل" النعيمي خلال اجتماع للدول المنتجة للنفط الشهر الفائت في قطر، عندما رفض في اللحظة الاخيرة اتفاقاً على تجميد الانتاج لان الاتفاق لا يشمل ايران".
واعتبر الكاتب ان استبدال النعيمي وغيرها من التغييرات التي أجريت في السعودية ترمي الى توفير هيكل لرؤية ابن سلمان لعام 2030. كما رأى ان "دور ابن سلمان في صناعة القرار قد بلغ مرحلة متقدمة، حيث يمكن السؤال عما اذا كان الملك سلمان سيعين نجله محمد بمنصب رئيس الوزراء (و هو منصب يحتله الملك نفسه حالياً)". اعتبر ان "تسلم ابن سلمان هذا المنصب سيجعل من شبه الحتمي أن يصبح الاخير الملك المقبل، اذ ان ذلك سيهمش أكثر ولي العهد الحالي محمد بن نايف، الذي هو من المفضلين لدى واشنطن والذي لديه تجربة اكبر بكثير في الحكم".
كما تحدث الكاتب عن امكانية "استهداف" ابن سلمان قريباً لوزير الحرس الوطني السعودي متعب بن عبدالله، نجل الملك عبدالله الراحل وأحد الحلفاء القريبين من محمد بن نايف. وأشار الى ان "ابن سلمان يريد ضم الحرس الوطني الى وزارة الدفاع (التي يرأسها وزيراً للدفاع الى جانب منصبه كولي ولي العهد)". وعليه حذر من أن "أي خطوة ضد الحرس الوطني قد تشعل ازمة داخل العائلة الملكية"، معتبراً بالوقت نفسه ان "ابن سلمان يبدو انه لا يهتم كثيراً بالاجماع داخل العائلة الملكية"، منبهاً "من ان مثل هذه الخلافات الداخلية في السعودية قد تكون لها عواقب دولية، وقد تقلص كذلك نفوذ الولايات المتحدة في الرياض بشكل كبير".
الباحث في مركز الامن الاميركي "Jon Alterman" كتب على موقع المركز بتاريخ التاسع من أيار/ مايو الجاري أن محمد بن سلمان يواجه تحديين اثنين في مساعيه لتحقيق "رؤية عام 2030".
التحدي الاول بحسب الكاتب يتمثل بالعائلة الملكية نفسها وشركائها من رجال الاعمال الكبار، اذ لدى هذه الاطراف مصالح اقتصادية كبيرة في هيكل النظام الموجود حالياً. بالتالي نبه الى ان ما يخطط له ابن سلمان يهدد "ارزاق" عشرات المليارديرات.
واعتبر الكاتب ان ابن سلمان لم يتمكن من تحقيق أي انجاز حقيقي يعطي له "مصداقية فورية"، اذ أن الحرب على اليمن استمرت اكثر مما كان يتصور احد، وبالتالي من الصعب أن تحظى مشاريعه الاقتصادية بمصداقية كبيرة. وأشار ايضاً الى ان كبار الشخصيات في العائلة الملكية قد يحاولون تقويض نجاح ابن سلمان، وعليه قال ان "ادارة سياسات" المقترحات الاقتصادية ستشكل صراعاً حقيقياً.