kayhan.ir

رمز الخبر: 38140
تأريخ النشر : 2016May08 - 19:13

حلب ، سقطت البيادق و كشف المستور

أحمد الحباسى

لم يفهم بعض المتابعين لما يحدث في سوريا أنه مع تقدم الوقت و عدم سقوط النظام السوري بالسهولة المتوقعة سيذهب العدو السعودي القطري إلى أقصى ما يمكنه فعله و القيام به لانتزاع مجرد انتصار يرد إليه الاعتبار و يبرر الكم الهائل من الخسارة المالية المفجعة التي جعلت نظام المافيا السعودي يلتجأ للاقتراض لأول مرة في تاريخ إنشاء هذه المملكة المشبوهة.

الفشل السعودي بات واضحا و معلوما و لم تقدر ماكينة الإعلام التضليلي الخليجية برمتها على إخفائه أو التعتيم عليه رغم ما صرفته الخزانة السعودية من أموال نفطية لتغطية كلفة مرتبات كتاب الخليج و بعض كتاب لبنان و الأردن الذين جاءت أسماؤهم القذرة في إحدى التسريبات الصهيونية منذ فترة.

في كل الأحوال الفشل السعودي القطري بالذات لم يكن متوقعا في بداية الأحداث في الشام بل كان حديث الجميع عن بعض الأيام و بالأقصى بعض الأسابيع لسقوط النظام و حصول التغيير المطلوب لحماية الأمن الصهيوني و بداية حلقة جديدة من حلقات التآمر الصهيونية على المقاومة أو من تبقى منها .

أن تتجمع كل هذه الدول المتآمرة على سوريا لإسقاط النظام و أن تحشد كل هذه القوات المادية و العسكرية الإرهابية و الإعلامية المتخصصة في التضليل في مواجهة دولة تعيش على اقتصاد الحرب و في وضعيات اقتصادية هشة في كل المجالات نتيجة إرهاصات الحرب الأمريكية في العراق و ما سمي بقانون محاسبة سوريا فهذا مؤشر يصب في صالح دول المؤامرة و لذلك علقت كثير من الآمال على سرعة القضاء على هذا النظام و اعتبر البعض هذا العمل مجرد نزهة على اعتبار أن الشعب السوري سيقابل الغزاة الإرهابيين بالورود و القبل ، و أن ما جدث من تمثيلية قذرة في ساحة الفردوس العراقية سيحصل في ساحة المسجد الأموي الذي سيستقبل الخليفة رجب طيب اوردغان ليضع العلم التركي بجانب علم الانتداب الفرنسي التابع لما سمي بالائتلاف السوري المعارض ، و لعل أول ضربة قاصمة و بداية إعلان الفشل لهذه المؤامرة القذرة قد بدأ فعلا برفع الجانب الروسي يد الفيتو الشهيرة في مجلس الأمن و في سابقة غير متوقعة في مجال الدبلوماسية بين الكبار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .

لأنها مؤامرة و ليست ثورة كما نازع الكثيرون فقد سارع نظام المافيا السعودي لشراء ذمة الروس حتى لا يرفعوا أصبع الفيتو من جديد ، و بالطبع ندرك بداهة قيمة العرض السعودي الخيالي الذي قدم للرئيس بوتين حتى يتنازل عن مساندة حليفه السوري ، لكن و كما لم يتوقع أكثر المتفائلين فقد رد الرئيس الروسي العرض و رد المبعوث السعودي خائبا مكسورا ذليلا و هو موقف سياسي روسي كان يراد منه من البداية رسم خريطة التعامل مع الحادث السوري على كل المستويات و إرسال إشارات واضحة للجميع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية بأن عصر القوة الواحدة قد ذهب إلى غير رجعة و أن الدب الروسي عائد إلى مكانه الاستراتيجي الطبيعي المطلوب من المصالح الروسية ، هذا الموقف الروسي كان يتطلب من القيادة السورية الارتفاع إلى مستوى المسؤولية التاريخية و انتهاز هذه الفرصة التاريخية لإعادة رسم خريطة التحالفات الإستراتيجية في المنطقة و العمل على ضرب الوجود الصهيوني الامبريالي في أدق اللحظات التاريخية سخونة و صعوبة .

اليوم و بعد أن تكسرت شوكة العدو السعودي القطري التركي على يد حلف المقاومة في سوريا و تم القضاء و دحر كثير من الجماعات الإرهابية من عديد المناطق الإستراتيجية المهمة في سوريا تحسس الأعداء الهزيمة مباشرة و لذلك تم تسخير ما تبقى من قوات إرهابية و سلاح و إعلام تضليل لمحاولة الإيحاء بأن ميزان القوى لا يزال لصالحهم في حلب و أن النظام قد اضطر إلى ارتكاب مجازر للتغطية على ما يزعمون من فشل ، لكن من الواضح أن ما حدث في حلب هو بداية انتصار سوري محقق و بداية عودة حلب إلى حضن الوطن و أن معركة حلب قد أجهضت حلما تركيا بضمها إلى تركيا و المساومة عليها بعد أن تتحول إلى قاعدة عسكرية سعودية تركية قطرية صهيونية ضخمة بإمكانها تغيير موازين القوى العسكرية لصالح "أصدقاء سوريا” ثم إجبار الرئيس السوري على الخضوع و الاستسلام أو القبول بوضع اللاسلم و لا حرب أو التنازل على هذا الجزء الغالي من التراب السوري لتكوين دولة معادية تخدم المصالح الصهيونية .

لقد ظن العدو السعودي أنه سيحقق انتصار فحقق هزيمة مكتملة الأركان ، و ظن العدو التركي أن خيانة سوريا و طعنها في الظهر سيجعله الحاكم الفعلي للشرق فحقق انفجارات متوالية في قلب تركيا و بداية حالة من التفكك و الانهيار في حزبه الحاكم بعد الكم الهائل من الفضائح المدوية التي كشفها الإعلام رغم تعرضه للمضايقات البوليسية و المحاكمات الظالمة ، و بالنتيجة و بعد خمسة سنوات من المؤامرة الخليجية الصهيونية التركية الأردنية تجد هذه القوى العميلة نفسها في مأزق متصاعد بل تجد نفسها مجرد بيدق تم التلاعب به من القوى الاستعمارية الكبرى و لذلك فان انهيار الخزانة السعودية بسبب إنفاقها الخيالي على الإرهاب المدمر في سوريا و اليمن هو بداية انهيار كامل مشروع الفوضى الخلاقة الذي بدأ تنفيذه بمجرد سقوط بغداد سنة 2003 ، و لعل التعبير الأكثر تقييما للانتصار السوري هو ما يأتي دائما على لسان سماحة السيد حسن نصر الله : إن عهد الهزائم العربية قد ولى و أتى زمن الانتصارات رغم الأحزان و الدموع و هي الضريبة التي تدفعها حلب الشهباء لتتطهر من نجاسة آل سعود.