لبنان في خطر !
ثريا عاصي
أظن أنه يمكننا القول أن أعداء حزب المقاومة اللبنانية (حزب الله) كشفوا في الأشهر الأخيرة، صراحة عن انهم يخوضون حرباً حقيقية شاملة ضده، وأن غايتهم هي تصفيته أو بالأحرى إبادته، كما لو كان جرثومة تسبب مرضاً معدياً وخطيراً، يُخشى انتشارها في بلاد العروبة أي في البقعة الممتدة على طول السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، من طنجة في المغرب حتى أم قصر في العراق على ضفة الخليج العربي، بالإضافة إلى اليمن .
أعداء حزب المقاومة الذين نفخوا في النفير في الآونة الأخيرة، هم آل سعود والولايات المتحدة الاميركية . الأولون ذهبوا إلى مجلس الأمن الدولي أملاً باستصدار قرار بتوصيف المقاومة اللبنانية «منظمة إرهابية «. فلقد أسسوا، كمثل الولايات المتحدة الأميركية، شركة أمنية اسمها «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» . صارت شهادات حسن السلوك في هذا الزمان فضلاً عن الأوسمة والإجازات الجامعية العليا، ممهورة بالخاتم الملكي السعودي ! أما الأميركيون، فلقد ضربوا الحصار على المقاومة : عسكرياً ومالياً وإعلامياً . كل خرق لهذا الحصار يـُعرض الأفراد والجماعات والدول المخالفة للمساءلة.
بكلام واضح وصريح لا بد في موضوع المقاومة اللبنانية من أن نأخذ بعين الإعتبار المتغيرات والمتبدلات التي طرأت في مسألة الصراع العربي ـ الإسرائيلي . لا شك في أن أبرزها هو أن الأطراف المشاركة فيه جميعاً كشفت أوراقها . صارت، المقاطعة العربية في خبر كان. أو بالأحرى توافق أعضاء مجلس التعاون الخليجي، والحكومة المصرية على إجهاض المقاومة العربية ضد المستعمرين الإسرائيليين. على تطويقها تمهيداً لخنقها ! تجدر الملاحظة هنا، إلى أن الدول الخليجية ومصر حرضت العراق على شن الحرب على إيران، فقدمت له الدعم ثم تخلت عنه، ثم حاربته مع الأميركيين!
مجمل القول، انه سيكون على المقاومة، كشرط رئيسي من أجل بقائها والإستمرار في تأدية دورها دفاعاً عن شعبها وأرضه، أن تصد أعداءها عن مهاجمتها وأن تبطل مفاعيل الحصار المضروب من حولها . كان أعضاء مجلس التعاون الخليحي والحكومة المصرية يكيدون فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في الخفاء ويطعنوها كلما سنحت الفرصة، في الظهر . صاروا الآن أكثر جرأة ووقاحة بسبب حالة الإحباط التي تتولى الجماهير العربية، نتيجة لسياسة تفريغ العقول والتهميش والإذلال التي دأبت على ممارستها نظم الحكم تمويهاً لإفلاسها . فعلى المقاومة اللبنانية ان تواجههم، في عقر دارها، ومن أمامها ومن خلفها ومن الميمنة والميسرة.
السؤال المحوري في هذه المسألة هو: من سيقف مع المقاومة اللبنانية في ظل الحصار الأميركي والسعودي؟ من سيلزم الحياد ومن سيتجند في جيش السعوديين من أجل محاربتها؟ بتعبير آخر، من سيتنكر للمقاومة التي حررت الأراضي اللبنانية من المستعمرين الإسرائيليين، بين عامي 1982 ـ 2000 ؟ الإجابة عندي هي ان اللبنانيين لن ينسوا حساباتهم الفئوية والشخصية . على الأرجح ان نصفهم بالإضافة إلى مؤسسات الدولة، سوف يمتثلون للإملاءات الأميركية فيقبلون بمقاطعة المقاومة، ومن المحتمل أن يتجند البعض في الحرب ضدها . لن يقف إلى جانبها إلا قليلون.
مجمل القول، ان المقاومة في لبنان، سوف تكون مضطرة للدفاع عن نفسها ضد جزء من أهل لبنان رغم انها قاتلت المستعمرين الإسرائيليين من أجلهم . أي انه لن يكون باستطاعة اللبنانيين التوافق فيما بينهم، على مسألة وطنية كمثل احتلال التراب الوطني والتحرير، بمعزل عن الإملاءات الأميركية والتأثير السعودي ! مفارقة لا بد من أخذها في الحسبان في أي نقاش محتمل مستقبلي، لمشروع وطني في لبنان!
وما يزيد من غرابة هذه المسألة هو أن الإجراءات الأميركية ـ السعودية سوف تعمّق الأزمة الدستورية في لبنان إلى درجة يستحيل فيها بقاء الحكومة على شكلها الحالي، فضلاً عن استحالة استبدالها بحكومة لا يشارك فيها حزب المقاومة . ينجم عنه انه من غير المستبعد أن يكون القصد من تصعيد الضغوط الأميركية والسعودية هو انهيار الدولة في لبنان، انسجاماً مع المقولة السعودية «لبنان كذبة»، حتى يتسنى للذين يريدون إشعال الحرب ضد المقاومة اللبنانية، إضرام نارها في لبنان، أي في عقر دار المقاومة . فلا يكون لدى هذه الأخيرة مبرر لقصف مواقع المستعمرين الإسرائيليين في فلسطين المحتلة، كون المحاربين ومصدر النيران، في لبنان نفسه ! وليس من إسرائيل مباشرة !. بمعنى آخر، ان الهدف هو إدخال «داعش» وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة إلى لبنان، أو تحريك خلايا هذه التنظيمات النائمة !