kayhan.ir

رمز الخبر: 37820
تأريخ النشر : 2016May01 - 19:36

لماذا يخافون من تسليح الجيش اللبناني كما يجب؟

شارل أبي نادر

تميزت العملية التي نفذتها وحدات خاصة من الجيش اللبناني في عرسال بالأمس، وبالتحديد في محلة وادي الحصن، بالمستوى اللافت أمنيًّا وعسكريًّا، ما يُظهر أنه يدير وينفذ من خلاله معركة عنيفة ضد داعش، الذي يمثل أشرس التنظيمات الإرهابية التي تخوض حربا دموية واسعة في المنطقة والعالم .

هذه العملية التي قتل فيها أمير التنظيم الارهابي في عرسال وجرودها نايف شعلان "أبو الفوز" ومرافقه "احمد مروة" وأوقف المسؤول الامني للتنظيم محمد موصللي "أبو ملهم" وجميعهم سوريون، لا يمكن اعتبارها عملية نوعية خاصة نتج عنها ما نتج وحسب، بل انها تشكل بمدلولاتها ووقائعها محطة مهمة في سياق الحرب المفتوحة بين الجيش اللبناني والتنظيم الارهابي.

لم تعد هذه الحرب المذكورة عبارة عن عمليات مستقلة في الزمان والمكان والاهداف، بل هي تشكل سلسلة مترابطة من العمليات النوعية في سياق معركة متواصلة تتميز بنموذج من القتال الخاص خلقه وفرضه الجيش اللبناني من خلال خبرته الواسعة في قتال هذه المجموعات ومن خلال التزامه واصراره الواضح على الذهاب حتى النهاية في هذه الحرب العنيفة والتي برهن للقاصي وللداني انه من بين اوائل الجيوش في المنطقة وربما في العالم كفاءة وحرفية في خوضها بطريقة منهجية متواصلة تجمع ما يلي:

الجيش اللبناني

- قدرة استعلامية لافتة، تمثلت بحصوله على معلومات أمنية حساسة عن أماكن تواجد الارهابيين المطلوبين بالتحديد ضمن مساحة واسعة من الاحياء السكنية المتداخلة والمتشابهة، والتي تغصّ باللاجئين والعمال والمزارعين والمواطنين والذين يجمعهم مع الارهابيين، أشكالهم الخارجية واللباس وطريقة التصرف والتنقل وغيرها كاللهجة واللغة واللون والنظرة وما الى ذلك.

- قدرة عملانية واضحة تمثلت بالدخول وبعدد ليس ببسيط من العناصر الخاصة الى منطقة عدوة تنتشر فيها مجموعات ارهابية محترفة ومعروفة بخبرتها القتالية والتنظيمية، وذلك بعد عزل بقعة الهدف عن باقي المناطق والاحياء تلافيا لفرار المطلوبين او منعا لاستفادتهم من دعم ومساندة مجموعات اخرى من الطبيعي انها متواجدة في اماكن قريبة لتأمين الحماية المتبادلة معهم .

- قدرة عسكرية تقنية دقيقة، من خلال تنفيذ عملية خاصة موضعية تتطلب جرأة وإقدامًا ومهنية عالية في بقعة خطرة، وبمواجهة عناصر إرهابية متمرّسة على العمليات الانتحارية وحيث اصبح يعتبر الحزام الناسف سلاحا فرديا تُجهز به اغلب عناصرها.

ما يميز هذه العملية ايضا، والتي تضاف الى عمليات اخرى كان قد نفذها الجيش اللبناني في فترات سابقة ليست ببعيدة، وبطريقة مماثلة في التنفيذ، وفي أمكنة قريبة من البقعة التي نفذت فيها العملية الاخيرة، هو في مقارنتها مع عمليات تنفذها وحدات خاصة تابعة لجيوش اقليمية ودولية ومنها الوحدات الاميركية في العراق بشكل واسع وفي سوريا بشكل محدود، حيث تأتي نتائجها متواضعة بالنسبة لنتائج عملية الجيش اللبناني هذه، وذلك من ناحية تحقيق اهدافها ونوعها واهميتها وسرعة وفعالية تنفيذها.

بالمبدأ، تأتي العبرة فيما يميز عمليات الجيش اللبناني هنا مقارنة مع عمليات الوحدات الغربية التي ذكرناها، في الفرق الشاسع بين الامكانات المتواضعة التي يمتلكها هذا الجيش وبين تلك التي تمتلكها هذه الوحدات العسكرية الغربية، التي تمتلك الطوافات المتطورة القادرة على نقل العدد الكافي من الوحدات الخاصة الى بقعة قريبة من الهدف، والمجهزة بصواريخ مختلفة اهداف الرمي، من التدميري ضد التحصينات، الى الحراري ضد الاليات، الى الحارق والمتفجر ضد الاشخاص، والتي تتمتع جميعها بجهازية متطورة لتحديد الهدف والتسديد عليه بطريقة فائقة الدقة وعن مسافات بعيدة تتجاوز 10 كلم احيانا، بالاضافة إلى أجهزة الرصد والمراقبة المتطورة والتي تواكب الوحدات الخاصة في تقدمها وفي تحديد اهدافها وتأمين حمايتها وانذارها من كافة الاتجاهات، الامر غير المتوفر بتاتا لدى الجيش اللبناني الذي ينفذ اغلب عملياته الخاصة والنوعية باسلحة عادية وبقاذفات صاروخية متواضعة ومع غطاء من الرصد محدود في المسافة وفي ظروف الرؤية الصعبة ليلًا، إضافة إلى اضطرار وحداته الخاصة للانتقال سيرا لمسافات طويلة قبل مهاجمة الهدف والاطباق عليه.

واخيرا... قد يكون هذا المستوى اللافت والذي تتمتع به الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني أو حتى اغلب وحدات هذا الجيش بشكل عام، من الجرأة والحرفية والإقدام هو السبب الرئيس لمنعه من امتلاك اسلحة وقدرات وتجهيزات تقنية متطورة، لان في امتلاكه لهذه الامكانيات والتي ستضاف الى خبراته وحرفيته وجرأته، والتي مع إضافتها ايضا الى التزامه وإصراره الواضح والثابت على محاربة الإرهاب حتى النهاية، سيشكل ذلك مشكلة كبرى لمن لا يريد وحتى الساعة تدمير وهزيمة الارهاب في تلك المنطقة المتداخلة بين الاراضي اللبنانية وجرودها مع بعض الأراضي السورية على الحدود المشتركة، والتي ما زال هؤلاء ينظرون إليها كثغرة جاهزة دائما لارسال رسائل دموية في غير اتجاه، ولتشكيل نقاط ضغط استراتيجية ما زالوا يحتاجونها في مناورتهم الغريبة ما بين العراق وسوريا واطراف لبنان الشمالية الشرقية .