kayhan.ir

رمز الخبر: 3771
تأريخ النشر : 2014July14 - 22:23

لا تغضبوا المرجعية والشعب العراقي!!

مهدي منصوري

منذ الوهلة الاولى التي سقط فيها النظام البعثي الشمولي الدكتاتوري في العراق عقدت المرجعية الدينية العليا العزم وبمساندة الشعب العراقي ان تجري الاوضاع في العرا ق ضمن الاطر الديمقراطية التي تعطي لكل ذي حق حقه وحسب الاستحقاقات التي تفرضها صناديق الاقتراع.

وقد تسالمت كل مفاصل الشعب العراقي وطوائفه على هذا الامر، لذلك جاءت المرحلة الاولى الاساسية والتي تحقق هذا الهدف هو الموافقة على الدستور بعد ان تدخلت المرجعية العليا وبصورة مباشرة في حث القيادات السياسية العراقية على كتابة الدستور، وكذلك دعوتها المباشرة لابناء الشعب العراقي بالاستفتاء عليه ، وبهذا التصرف تمكنت ان تضع حجر الاساس لدولة تقوم على أسس توافقت عليها الجميع، وقطعت الطريق وبصورة نهائية امام كل المحاولات التي ارادت للعراق ان يبقى اسيرا للارادات الاجنبية والاقليمية خاصة الاميركية التي كانت محتلة للبلد آنذاك.

الا ان ما افرزته صناديق الانتخابات وفي الوهلة الاولى قد وضع العالم والمنطقة امام صورة جديدة للواقع العراقي والتي كانت مطموسة معالمها ابان الدولة العراقية وعلى مدى عقود من الزمن بحيث اثار حالة من الذهول لدى بعض الدول الاقليمية التي كانت ترى في العراق لا كما اظهرته صناديق الاقتراع ولذلك فانها قررت عدم الاعتراف واتخذت حالة العداء للعراق الجديد، فلذلك وبناء على هذه النظرة بدأت باستخدام مختلف الاساليب من اجل اعادة الصورة الى ما كانت عليه قبل عام 2003.

ولكن كل المحاولات التي استخدمت والتي وصل الامر الى قتل الابرياء من ابناء الشعب العراقي من اجل زرع حالة اليأس والقنوط من الحكم الجديد القائم واثارة الشارع العراقي لاتفه الاسباب، وذلك من خلال شراء الضمائر الميتة لبعض السياسيين الذين كان لهم دور فاعل في عرقلة مسيرة التقدم والتطور كما يتمتعون به من مواقع متقدمة في الحكم يتيح لهم ذلك.

الا ان الشعب العراقي الذي وقف صامدا امام هذه المحاولات العدائية البائسة تمكن ان يحافظ على التجربة الجديدة ولم يفرط بها قيد أنملة مسترشدا برأي المرجعية العليا التي كانت حاضرة في الساحة والتي كانت منارا مضيئا للجميع وبنفس الوقت كانت نعم العون لان تسير سفينة العملية السياسية رغم كل الامواج والعواصف الهائجة لكي تصل الى بر الامان.

ومن الطبيعي جدا ان هذا الامر لم يرق لاولئك الذين نصبوا العداء للعملية والذين وجدوا ان الفشل كان من نصيبهم ولذلك حاولوا الالتفاف وباساليب وطرق ملتوية على العملية السياسية ومحاولة لاحباطها وبصورة جديدة تختلف عن سابقاتها من خلال التحالف البغيض بين ازلام النظام السابق وفلوله في الداخل من طرف وارهابيي داعش من جهة اخرى وبعض الاطراف التي كانت تتصيد الفرص ضد العملية السياسية وخلقوا الاجواء القائمة اليوم ظنا منهم ان يستطيعوا من خلال ذلك ان يفرضوا ارادتهم خارج اطار الدستور.

الا ان وعي المرجعية العليا قد كان لهم بالمرصاد بحيث جات الفتوى المهمة في مواجهة الارهابيين ومن دعمهم ضربة قاصمة لم يحسبوا حسابها، وبذلك احبطت اركان كل المؤامرة الحاقدة التي كانت تستهدف العراق ولا ننسى في هذا المجال الاستجابة الواسعة من قبل كل ابناء الشعب بمختلف طوائفهم كان عاملا مساعدا وكبيرا في ان تحقق الفتوى مغزاها الكبير.

ولم يقف الامر عند هذا الحد بل ان المرجعية العليا والتي تنظر للاوضاع نظرة ثاقبة وموضوعية وجدت ان هناك محاولات لبعض القوى والكتل السياسية للقفز على الدستور والعملية الديمقراطية، فلذلك دعت وبصورة قاطعة وعلى ضوء نتائج الانتخابات الاخيرة دعت الى الاسراع في تشكيل الحكومة وحسب الاستحقاق الدستوري لكي تدفع عن البلد المزيد من التداعيات التي فرضتها الاحداث الدائرة في العراق. وقد جاء رأي الشعب العراقي مطابقا في هذا المجال لرأي المرجعية وذلك من خلال المطالبات الشعبية لاجراء هذا الامر.

ولكن وللاسف الشديد وكما اسلفنا ان بعض الاطراف السياسية التي وضعت ارادتها في خدمة ارادة بعض الدول الاقليمية المعادية للعملية السياسية تحاول ان تعرقل تشكيل الحكومة العراقية من خلال بعض التصرفات اللاقانونية واللااخلاقية بفرض بعض الشروط التعجيزية التي تتنافى والعملية الديمقراطية من اجل تبقى الازمات مستمرة تعصف بحياة العراقيين الامنية والسياسية.

ومن خلال ما تقدم يفترض اليوم على الكتل السياسية العراقية الوطنية ان تتحمل مسؤوليتها التأريخية الكبرى تجاه العراق والشعب العراقي، وذلك بالوصول الى اتفاق حازم وسريع الى تشكيل الحكومة العراقية واخراج البلد من هذا المأزق الخطير، وان أي تلكؤ او تأخير في هذا الامر سيضعهم امام حالة جديدة يمكن تصنيفها بعدم الاعتناء والاهتمام الى ما ذهبت اليه المرجعية العليا او مخالف لارادة الشعب العراقي وبذلك سيكونون في مواجهة مباشرة معهما مما قد تدفع ان تفرض على السياسيين وبمختلف توجهاتهم حالة جديدة قد تدخل في دائرة غضب المرجعية والشعب العراقي وهو ما لا يتمناه ولا يريده أي مواطن حريص على مستقبل العراق والعراقيين. ولذلك لا مفر لاعضاء مجلس النواب وعلى مختلف توجهاتهم سوى ان يقفوا صفا واحدا لتحقيق آمال وطموحات ابناء شعبهم الذين وباصواتهم تمكنوا ان يستظلوا مجلس النواب. وعليهم ان لا يغفلوا ان "ارادة الشعب اقوى وهي القاهرة.