kayhan.ir

رمز الخبر: 37135
تأريخ النشر : 2016April18 - 22:05

القمة الإسلامية ، إيران ، ماذا يحدث بالضبط ؟ .


أحمد الحباسى

استطاعت الرياض أن تنتزع بعض التنازلات السياسية من الدول الإسلامية في المؤتمر المنعقد أخيرا بالعاصمة التركية ، أقول تنازلات مفروضة نتيجة ضغوط سعودية و صهيونية و أمريكية ، فالجميع يعلم أن السعودية و منذ صعود الملك سلمان قد شعرت بهبوط نسبة ” المشاهدة” للدبلوماسية السعودية و باتت تتحفز خاصة بعد التخلص من عائلة الملك عبد الله بما فيها وزير خارجيته سعود الفيصل إلى إعادة فرض نفسها بقوة المال النفطي و التعزيز السياسي الصهيوني كأهم لاعب في المنطقة العربية مستثمرة خروج قطر من اللعبة و اختفاء الدور المصري من المشهد ، و لان روسيا قد فرضت بتدخلها العسكري المباشر وقائع معينة على الأرض ليست في صالح الجماعات الإرهابية السعودية و بات الفشل حليف السعودية بالتزامن مع الفشل المعلن في اليمن فقد فضلت الرياض التركيز على بعض الملفات و من بينها ملف حزب الله و ملف العلاقات السعودية الإيرانية .

بطبيعة الحال تملك السعودية كثيرا من الأوراق المهمة على صعيد الجامعة العربية أو على صعيد منظمة المؤتمر الإسلامي ، و قد كان منتظرا أن يتجه نظام المافيا لاستثمار ما يملكه من أوراق في هذا المجال لمحاولة ضرب حزب الله و علاقته سواء بحلفائه أو بما يسمى المعارضة اللبنانية ، و يأتي "القرار” المنتزع من مجلس وزراء خارجية الدول العربية بتوصيف الحزب بالإرهاب نتيجة منتظرة لهذا الضغط السعودي في الجامعة العربية ، و بين حقيقة قناعة الدول المصوتة لفائدة هذا القرار اللئيم و بين ما حدث من ضغوط لتمرير هذا القرار هناك مجال للقول بأن هذا القرار قد ولد ميتا لان كل الدول العربية أو غالبيتها على الأقل تعلم أن هذا القرار هو منتج سعودي للافتخار و لإرضاء الأمريكان و الصهاينة و خدمة مجانية للمشروع الإعلامي الصهيوني في المنطقة ، فعلى حد علمنا حزب الله لا يمثل خطرا على الرياض ، و القرار في حد ذاته لا يمثل خطرا على حزب الله ، لكن من الواضح أن شعور النظام بالفشل السوري و اليمني قد جعله يفتخر بانتزاع هذا القرار و هو ما يظهر من الحملة الإعلامية السعودية الصاخبة التي رافقت خروجه للعلن .

كان منتظرا أيضا أن يقدم الرئيس التركي للنظام السعودي هدية إعلامية يحتاجها في هذا الظرف خاصة بعد مرارة هزيمة الجماعات التكفيرية في الشام ، و كان منتظرا أن يصوب الرئيس التركي سهامه المسمومة على إيران بعد أن فشل في سوريا ، فشل يعرف أنه نتاج مساهمة إيرانية فعالة عجلت بانهيار كل خططه لإسقاط النظام السوري ، و عندما تنتقل التفجيرات الإرهابية إلى كامل التراب التركي فمن الواضح أن سوريا قد استطاعت نقل معركة الإرهاب من أراضيــــها إلى أرض ” المـــوزع الإرهابي ” التركي ، و من الواضح أن حزب الله و إيران قـد استطاعا تحقيق انتصار معنوي على الجانب التركي السعودي القطري الصهيوني ، و رغم أن تلميحات البيان الختامي لقمة مؤتمر الدول الإسلامية المنعقد بالعاصمة التركية قد جاء مستجيبا للضغوط الصهيونية التركية السعودية فان إيران كانت مستعدة لهذا "الخبر” كأحد إرهاصات مؤامرة اغتيال الشهيد باقر النمر التي نفذها نظام السعودية لإشعال فتنة شيعية سعودية تمكنت طهران من وئدها في المهد رغم بعض مناوشات المتظاهرين قرب السفارة السعودية في طهران، لذلك يمكن اعتبار بعض إشارات البيان مجرد ترضية تركية للسعودية حتى تحفظ ماء وجه النظام بعد كل الخيبات المتتالية بما فيها خيبة فشله في فرض سليمان فرنجية رئيسا للبنان في لعبة صبيانية أخفق في تنفيذها سعد الحريري.

هناك حقائق مهمة واضحة على الأرض تؤكد أن أمريكا قد تخلت عن السعودية لان الإدارة الأمريكية قد تفهمت أخيرا أن المشكلة الحقيقية في سوريا و العراق و في المنطقة إجمالا تتمثل في كيفية مواجهة الإرهاب ، و أن مواجهة الإرهاب تقتضى إنتاج حل سياسي في سوريا مع إقصاء الجماعات الإرهابية السعودية من المشهد نهائيا، لذلك سعت الإدارة الأمريكية إلى جر ما يسمى بالمعارضة السورية إلى حلبة المفاوضات في جينيف 3 منذرة النظام السعودي بعدم وضع العصا في العجلة ، معتبرة أن النظام يتحمل فاتورة التفجيرات الإرهابية التي ضربت بعض الدول الغربية مثل باريس و بروكسل منذ أيام ، و رغم أن المعارضة ما زالت تبدى بعض التحفظات نتيجة بعض الأفكار السلبية السعودية فان أمريكا استطاعت بفضل مجهود جون كيري إقناع هذه المعارضة الفاشلة بأن هذا الاجتماع ما كان لينعقد لولا التفاهم بين القوتين الكبار في العالم و هو يمثل فرصة أخيرة لهؤلاء العملاء ، بل من الواضح أن الوزير قد لمح إلى فشل هذه المعارضة سياسيا و عسكريا و أن جينيف 3 قد جاء لينقذها من السحق الكامل لتأخذ بالسياسة ما لن تستطيع الحصول عليه بالمواجهات الدموية ،و مجرد انعقاد هذا المؤتمر يمثل فشلا سعوديا تركيا صهيونيا مضاعفا في عيون كثير من المراقبين.

تؤكد كل التقارير و التحاليل أن وضع الرئيس التركي سيء للغاية و أن تركيا مقبلة على صيف سياسي و أمنى ساخن بكل المقاييس ، و بعد أن شل الطيران الروسي الوجود التركي على الحدود السورية التركية و شل الاقتصاد التركي بحزمة العقوبات التي تلت قتل الطيار الروسي الذي سقطت طائرته على الحدود السورية بحيث بات الحديث عن منطقة عازلة و عن إسقاط النظام السوري مجرد أحاجيات عجائز تركية ، فان رئيس تركيا بمحاولته البائسة إحراج إيران سياسيا في القمة الإسلامية الأخيرة قد ضاعف حالة العداوة المخفية بين النظامين بما أثار المعارضة و الصحف التركية التي رأت في هذه المناورة القذرة لصالح السعودية سقطة سياسية تركية ستضاعف من حجم الأعداء و تؤثر في الاقتصاد التركي و تزيد في عزلته الإقليمية و هي أمور تسعى إليها إسرائيل لإعادة سلطة العسكر و التخلص من هذا النظام العميل ، و بالنهاية تؤكد السياسة الدبلوماسية الإيرانية أن العبرة ليست باتخاذ القرارات المنزوعة الدسم بل بالعمل المتواصل على إنهاك القوى الإقليمية المعادية للمقاومة العربية و هذا لن يتم طبعا بالخطب العصماء و القرارات الفارغة من المضمون بل بالصبر و الثبات على المواقف و السعي لامتلاك كل عناصر القوة و عناصر ما يسمى بعامل الردع مع العدو الحقيقى للعرب السعودية و إسرائيل .