الامام الجواد.. عظمة آية الامامة الالهية
جميل ظاهري
الامامة أمتداد للنبوة وهي موهبة إلهيّة يَمنحُها الله سبحانه وتعالى لِمَنْ هو أهل لها من عباده المصطفين، ولا دخل للعمر في ذلك.. ومن هذا المنطلقنرى أنها منحت للطفل الصغير كما الكبير على شاكلة النبوة ولا دخل لنا بالذين يشككون في المسألة، فهم إمتداد لمن شكك في النبوة أيضاً جهلاء منافقون كافرون ملحدون حتى لو تقمصوا بحلة الاسلام الأموي المزيف منذ سقيفة بني ساعدة .
الحديث عن إمامة الاماممحمدبنعليبنموسىبنجعفربنمحمدبنعليبنالحسينبنعليبنأبيطالبأميرالمؤمنينعليهمالسلامالملقببالجواد، هو ذات الحديث عن نبوة النبي يحيى والنبي عيسى عليهما السلام يمنحها الخالق المتعال جل وعلا لعباده الذين أصطفاهم دون غيرهم من البشرية وأهليّـتهم لهذا المقام الرفيع، قال تعالى: "يا يحيى خُذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً"- مريم 12، وقال تعالى: "قالوا كيف نكلم مَن كان في المهد صبياً * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" - مريم 29 ـ 30 ؛ فاذا إن لم يكن هناك مانعاًلأن يعطي الله سبحانه وتعالى جميع العلوم لطفل صغير مثل يحيى أو عيسى عليهما السلام في النبوة، فما المانع لأن يعطيها لصبي في الثامنة أو التاسعة من عمره وهو الامام الجواد عليه السلام أو لحفيده الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وهو في الخامسة من عمره،في الامامة ؟.
الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام الذينعيشاليومالعاشرمنرجبالأصبلسنة 195 للهجرةبالمدينةالمنورة؛ هو أروعصورالفكروالعلمفيالاسلام؛حوىفضائلالدنياومكارمها،وفجرينابيعالحكمةوالعلمفيالأرض،فكانالمعلّموالرائدللنهضةالعلمية،والثقافيةفيعصره،وقدأقبلعليهالعلماءوالفقهاء،ورواةالحديث،وطلبةالحكمةوالمعارف،وهمينتهلونمننميرعلومهوآدابه.
رغم كل ذلك تعرض الامام محمد الجواد (ع) لأذى الأعداء والجهال والطعن بإمامته لصغر سنه، وأقدموا على إختباره مرات عديدة لتتجلى العلوم الالهية على يده (ع) ببراهين ساطعة صاعقة جعل اعداءه يذعنون ويقرون بعلمه وإمامته، لكن حقد أمية وجهلها لاحقه كأبائه وأبنائه وشيعته ومحبيه وأنصاره دون توقف منذ تلك المؤامرة حتى يومنا هذا يفتك بالأمة ويمزق أوصالها ويسفك دماءها ويعبث بمقدراتها وينتهك مقدساتها ويرسم صورة إجرامية وحشية بشعة من الدين الاسلامي الحنيف، دين الرحمة والمحبة والمودة والألفة دعماً للاسلام فوبيا التي خطط لها بني صهيون منذ بزوغ نور الهداية المحمدية بولادة الصادق الأمين في عام الفيل وحتى عصرنا الحاضر مستنجدين بالفكر التكفيري الوهابي الذي يعبث بالأمة الفساد والدمار والنهب والتعدي على الحرمات والأعراض ويحرق الأخضر واليابسة من العراق وحتى الجزائر ومن سوريا وحتى اليمن مروراً بفلسطين والبحرين وبلاد الحرمين الشريفين وشبه القارة الهندية وغيرها من بلاد المسلمين .
برهنالامامأبوجعفر الجواد (ع) بمواهبهوعبقرياتهوملكاتهالعلميةالهائلة التي ملكتعقولكلمنعاصرهوتطّلعالىشخصيتهالعملاقةواطلععلىعظمةفكرهوكمالعلمه، بانهأعلمأهلزمانهوأفضلهمرغم صغر سنه،حيث أمدّاللهسبحانهوتعالىأئمةأهلالبيت(عليهمالسلام) بالعلموالحكمةوفصلالخطابكماأمدَّأُوليالعزممنأنبيائهورسلهعليهمالسلام؛ ولذلك فكان أهلاً لتقلد الامامةوالزعامةالدينيةبعدوفاةأبيهالامامالرضا (ع) وكانعمرهالشريفلايتجاوزالتسعسنين..عاشحياتهمتجهاًصوبالعلمفرفعمنارة الاسلام المحمدي الأصيل،وأرسىأصولهوقواعده،وأستثمرمدّةحياته المباركةفيالتدريسونشرالمعارفوالآدابالاسلامية،واحتفّبهجمهوركبيرمنالعلماءوالرواةينهلونمنهالعلومالإسلاميةمنعلمالكلاموالفلسفة،وعلمالفقه،والتفسير.. فكان كل من يراهلميقدرأنيتمالكنفسهأمامهويخرجمنعندهإلاّوالإعجابوالخضوعيتسابقبينيديه.
قالعنهالشيخكمالالدينمحمدبنطلحةالشافعيالمتوفّىسنة (652 هـ ): "وانكانصغيرالسنفهوكبيرالقدررفيعالذكر.. مناقبأبيجعفرمحمدالجوادمااتسعتحلباتمجالهاولاامتدّتأوقافآجالهابلقضتعليهالأقدارالإلهيةبقلّةبقائهفيالدنيابحكمهاوسجالهافقلّفيالدنيامقامهوعجّلعليهفيهاحمامهفلمتطللياليهولاامتدّتأيّامهغيرأناللهخصّهبمنقبةأنوارهامتألّقةفيمطالعالتعظيموأخبارهامرتفعةفيمعارجالتفضيلوالتكريم.. ثمذكرتلكالمنقبةالتياعترفبعدهاالمأمونلهبالفضلوالسموّ" -راجعمطالبالسؤول: 239،والفصولالمهمة: 252.
ساهمالاماممحمدبنعليالجواد (ع) خلالمدةإمامتهالتيدامتنحوسبعةعشرعاماًفيإغناءمعالممدرسةأهلالبيتعليهمالسلام مدرسة الاسلام الناصعوحفظتراثها،فاعتمدأسلوبالتدريسوتعليمالتلامذةوالعلماء،القادرينعلىاستيعابعلومالشريعةومعارفها؛ فحثهم علىالكتابة،والتدوين،وحفظمايصدرعنأئمةأهلالبيت(ع)،وأمرهمبالتأليف،والتصنيف،ونشرمايحفظون،لبيانعلومالشريعة الاسلامية السمحاء،وتعليمالمسلمينوتفقيههم،أوالردعلىالأفكارالمنحرفة،والفهمالخاطىء،الذيوقعفيهالكثيرون .
وهكذاصارحولالامامالجواد(ع)تلامذةورُواة،ينقلونويروُونويكتبون؛ عدهم الشيخالطوسي (رضواناللهعليه) نحومِائةمنالثقات،ومنهمأمرأتان،كلّهمتتلمذواعلىيديه المباركتين.. فصنَّفوافيمختلفالعلوموالمعارفالإسلامية..نذكرعلىسبيلالمثاللاالحصربعضاًمنأصحابالامام ألى جعفر(ع) الذينروىعلماءالرجالوالمحققونعنهم :
1- أحمدبنمحمدبنخالدالبرقي: صنّفكتباًكثيرة،بَلَغتأكثرمنتسعينكتاباً.
2- عليبنمهزيارالأهوازي: لهأكثرمنثلاثةوثلاثينكتاباً.
3- صفوانبنيحيى: لهكتبكثيرة،ومسائلعنالامامالكاظم (ع).
4- أحمدبنمحمدبنأبينصر: كانعظيمالمنزلة،لهكتابا"الجامع"و"النوادر".