kayhan.ir

رمز الخبر: 36739
تأريخ النشر : 2016April11 - 19:49

سوريا: سباق بين الحسم على الأرض والتسوية في جنيف


سركيس ابو زيد

الأوضاع في سوريا تتطور ميدانيًّا وسياسيا، على الأرض وفي جنيف، وتسير قدما وفق المسار المرسوم والمتفق عليه بين موسكو وواشنطن أو ما بات يُعرف بـ”تفاهمات كيري - لافروف”. وتشير معلومات دبلوماسية الى وجود مسودة حل سياسي لمستقبل الأوضاع في سوريا متفق عليها بين الأميركيين والروس ويتم التداول بها مع كل الأطراف الإقليمية، وخاصة إيران والسعودية وتركيا.

وجرى مؤخرا الإعلان عن أحدث تقييم إسرائيلي لتطورات الوضع في سوريا، وذلك استنادا الى نتائج بحوث استراتيجية إسرائيلية، جرت في أعلى الهيئات العسكرية بمشاركة المخابرات، توصل فيها التقييم إلى ما يلي:

- وقف النار والإعلان الروسي عن سحب القوات في سوريا هما بمثابة فرصة يستخدمها الروس من أجل تقويم الإنجازات العسكرية، وللبحث في إمكان معاودة المعارك من جديد، إذا اتضح أنه من الممكن تحقيق هذا الحسم العسكري من دون التورط في حرب استنزاف دموية لا نهاية لها. لذلك فإن الانسحاب الروسي من سوريا ليس نهاية التدخل العسكري بل هو تغيير في شكله وطريقة عمله فقط.

- يسود التفاؤل الحذر في إسرائيل، حول إمكانية هزيمة "داعش”، على الأقل في سوريا. مستندين في ذلك أن "داعش” يواجه صعوبة في مواصلة السيطرة على المناطق الواسعة الخاضعة له، خاصة في سوريا. حيث وجد التنظيم نفسه يخوض الحرب مع أكثر من جهة. كما ان العمليات التي بادر إليها تنظيم "داعش” أو وقعت بإلهام منه في باريس وبروكسل وكاليفورنيا وسيناء، زادت من العداء له. يضاف على ذلك أن "داعش” مُنيَّ بضربة اقتصادية صعبة، بسبب الأضرار التي لحقت بآبار النفط وبمنظومته المالية.

تصرح جهات اسرائيلية عن مؤشرات إيجابية لإمكانية تسوية سياسية تمنع استمرار الحرب في سوريا، ولا سيما بسبب مشكلة اللاجئين الذين يُغرقون أوروبا، وعليه، فإن احتمال التسوية يبدو أقرب، وليس واضحا أي تعهدات حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة أو من الروس بالنسبة للتسوية في الجولان.

ولكن مهما يكن، الروس والأميركيون ينسقون فيما بينهم في التسوية السورية، وهم عمليا باعوا الحلفاء القدامى، واشتروا حلفاء جددا وصفُّوا الحسابات. فالرئيس التركي رجب أردوغان مثلا، لا يمكنه أن يعوّل على أوباما في المسألة الكردية، لأن الروس والأميركيين قرروا منذ الآن بأن الأكراد هم أقلية ولهم دور في إطار التسوية.

أما هولاند الرئيس الفرنسي فقد أدرك أن الروس والأميركيين يتفاهمون متجاهلين أوروبا. وهم لا يتعاملون معه كشريك وإنما يبلّغونه بالقرارات. وهو الآن محتاج للمعلومات السورية. لأن كثير من الإرهابيين الذين كانوا حتى الأمس القريب "طلاب حرية” وفُتحت لهم المطارات والمرافئ لتدمير سوريا، ولدوا في الغرب وها هم يرتدون إليه، وسيفجرون خلاياهم النائمة الكثيرة.

من جهته كشف رئيس الاستخبارات الفرنسية سابقاً برنار سكوارسيني أنه عرض على رئيس الوزراء مانويل فالس لائحة "الجهاديين” الفرنسيين في سوريا والتي حصل عليها من دمشق لكن فالس رفضها.

رئيس الوزراء الفرنسي السابق وأحد منظري اليمين الديغولي آلان جوبيه قال: "كنا نريد جميعاً التخلص من الرئيس بشار الأسد، ولكننا فشلنا. ربحت استراتيجية روسيا التي تريد الإبقاء على الرئيس بشار الأسد. يجب تغيير أولوياتنا. فهل الأهم سحق "داعش” أم استبدال الرئيس بشار الأسد، الجواب واضح يجب التخلص من "داعش” وبعدها نرى”.

أما النائب جاك مايار عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان فقال: "ليس الرئيس بشار الأسد من يقتل الفرنسيين هنا، وعلينا إعادة فتح ملفات قطر والسعودية والتوقف عن دفن رؤوسنا في الرمال”.

هذا الارباك في المواقف والتصريحات المتناقضة يأتي وسط التحضير لمؤتمر جنيف الذي سينعقد في منتصف الشهر الجاري، ومن المفترض أن يستمر نحو 15 يوما، يسجل خلاله أولى محاولة جدية للبحث في المرحلة الانتقالية وتصورات الطرفين، النظام والمعارضة.

وسط مخاوف من أن عدم إحراز تقدم في جولة المفاوضات المقبلة سيؤدي الى نسف الهدنة المترنحة في سوريا، من دون إحراز تقدم سياسي، لذلك ثمة ترابط بين الأمرين.

من هنا يمكن تحديد الصعوبات التي تتهدد المفاوضات والهدنة بما يلي:

1- اتساع دائرة الخروقات للهدنة خصوصا في ريف حلب، حيث تدل المؤشرات الى جولة جديدة من القتال، وتتحدث أوساط النظام السوري عن أن المسألة لم تعد مسألة "خروقات” وإنما مسألة عمليات عسكرية منظمة ومنسقة ميدانيا ومعلوماتيا شاركت فيها مجموعات داخلة في اتفاق وقف القتال، كما تتحدث عن "قرار إقليمي” (تركي – سعودي) بإنهاء الهدنة. مع معطيات عن تحركات أمنية وعسكرية في محيط دمشق الأمر الذي دفع بقيادة الجيش السوري الى إعداد خطط للرد ...

2- القلق الأوروبي من وصول المفاوضات الى طريق مسدود .

وما يرفع درجة الحذر والتشاؤم لدى الأوروبيين أن النجاحات العسكرية التي حققها النظام السوري مؤخرا، خصوصا في تدمر، ستجلعه أكثر تشددا وأقل ميلا لتقديم تنازلات سياسية.

3- اقتراب معركة الحسم في حلب من قبل الجيش السوري وحلفائه..

من جهة أخرى الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة في شرق سوريا لاستئصال الدولة الإسلامية من هناك، تجري بالتفاهم مع الروس على المستقبل السياسي لهذه المنطقة بعد خروج "داعش” منها. وأن مستوى التفاهمات السياسية بين موسكو وواشنطن أعمق وأوسع مما هو متداول ومعروف... كما ان تقدم الجيش السوري ومساعدة المقاومة وايران سيكون لهما الفصل ميدانيا في تقرير مستقبل سوريا .