تحصين الوضع الامني والسياسي في لبنان اولوية
سركيس ابو زيد
هذه الحالة ايقظت المخاوف عند البعض فاستنفرت للمواجهة بينما البعض الاخر خفف من مخاطرها للهروب من مواجهتها. بعيدا عن التضخيم والتهويل والتعامي نستعرض هذه التطورات حسب تسلسلها الزمني:
- رفع رايات "داعش” وأعلامها ومبايعتها على غرار ما جرى في بعض مناطق طرابلس وداخل مخيم عين الحلوة، بعدما وضعت تنظيمات إسلامية حراك "داعش” عراقيا في خانة "الانتفاضة "، وسارعت الى الاستفادة معنويا مما يجري وتوظيفه في ساحتها المحلية لاستنهاض الهمم واثارة الغرائز .
- استيقاظ وتحرك خلايا إرهابية نائمة ومنفصلة (مجموعة زريقات ـ خلية القلمون ـ خلايا الفنادق ـ بقايا حالة أحمد الأسير) في ظل وهج "انتصارات داعش” في العراق وما أحدثته من إعادة بعث الحركة الاسلامية التكفيرية في المنطقةولبنان بعدما كانت هذه الحركة تلقت ضربة موجعة بعد سقوط الاخوان المسلمين في مصر... وهذا الامر أثار خشية من أن تكون "داعش” نجحت في الفترة الماضية في تجنيد خلايا نائمة وغب الطلب، ومن أن تقوم "داعش” بإغواء مجموعات أصولية للانخراط معها.
- تعيين "داعش” بعد إعلانها قيام الخلافة الاسلامية أميرا لها على لبنان هو "عبد السلام الاردني”، وهذا يعني أن الساحة اللبنانية ملحوظة في خطة "داعش” واستراتيجيتها الساعية الى الخلافة والى خلق بنية تحتية وبيئة حاضنة لها مستقبلا...
- توكيل مجموعة خاصة من المجاهدين لتطهير إمارة البقاع الاسلامية بشكل خاص وإمارة لبنان بشكل عام من "كنائس الشرك” وإيقاف قرع "أجراس الشرك”... كما نشر هذا اللواء صورة غير واضحة لمن قال إنه قائد المجموعة الموكلة باستهداف الصليبيين في لبنان "المجاهد عمر الشامي " في غرفة عمليات خاصة بتصنيع العبوات الناسفة... وهذا الاعلان أحدث موجة من البلبلة والتصريحات والتحركات لمرجعيات دينية، ودفع الى إجراءات أمنية جديدة.
- بث المكتب الاعلامي لـ "جبهة النصرة في القلمون” تسجيلا صوتيا من أبي مالك الشافعي، توجه به إلى من سماهم "اسرى في سجون لبنان”، وخص بالذكر "أسرى سجن رومية”، مهددا باقتحامه لاخراجهم منه، مشيرا إلى أنه "أصبح لدينا مجاهدون بالالاف، وهم ينتظرون الاشارة ليبدأوا المعركة داخل لبنان” وختمها بقوله: "هي بوادر الحرب قد لاحت في الافق في لبنان، فانتظروا”.
مصادر سياسية ورسمية في بيروت تنظر الى هذا الوضع المستجد وتتعاطى معه على أساس أنه لا يمكن التقليل من شأن خطر "داعش” وسعيه للتمدد والتسلل الى لبنان، ولا يجب بالمقابل المبالغة في تضخيم هذا الخطر والوقوع في حال هلع غير مبرر. وفي التفاصيل التي رسمتها جهات متعددة لمواجهة خطر داعش:
1-لبنان أصبح ساحة مشرعة على الاخطار الوافدة من العراق وسوريا ويدخل في نطاق الارتدادات المتأتية من "الحدث الداعشي”، ولا يمكن تجاهل وإغفال هذا الخطر مع وجود احتمال لجوء طرف إقليمي أو محلي الى استخدام حالة "داعش” لبنانيا وتكبير حجمها واستخدامها كـ”فزاعة” أو وسيلة تأثير على الوضع.
2-لبنان ليس العراق وسوريا وليس بيئة واسعة متماسكة حاضنة للارهاب والتطرف لانه يملك مقومات حضارية وسياسية لمنع هذا المد المذهبي من الوصول إليه، وحيث إن كل الطوائف تشعر بأنها مهددة بخطر الارهاب وتقف صفا واحدا لمواجهته. لبنان بتركيبته السياسية والطائفية لا يمكن أن يشكل مرتكزا للحالة "الداعشية” التي تناقض الحالة اللبنانية القائمة على الاعتدال والانفتاح وتوازنات دقيقة. لذلك هذه الحالة تبقى هامشية ومعزولة قادرة على عمليات امنية ولكنها غير قادرة على اقتطاع منطقة واسعة لاعلان امارتها .
3-ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية وإقفالها بشكل شبه كامل في وجه المجموعات المتطرفة ساهم الى حد بعيد في فك معابر الموت التي ربطت الداخل اللبناني بأزمتي سوريا والعراق. هذا الوضع لا يعني أن لبنان في وضع مستقر وفي مأمن ومنأى، لا بل من المتوقع ومن الطبيعي أن تحصل خروقات واهتزازات وتفجيرات لكنها اذا وقعت تظل معزولة في مكانها ومفاعيلها.
كما يطرح البعض ضرورة سد ثغرات سياسية وأمنية تساعد على ضبط الوضع منها ثلاث خطوات أساسية: انتخاب رئيس للجمهورية، الالتفاف السياسي والشعبي حول الجيش والقوى الامنية، وإحياء الحوار الوطني لتطويق المسائل الساخنة أو على الاقل لتنظيم الخلاف حولها...
داعش اصبحت في لبنان علنا او عبر اخواتها ومن يحمل اسماء مستعارة لارهابها وقبل ان تتوسع وتولد "نكسة " امنية كما حصل في العراق لا بد من تحصين الساحة اللبنانية امنيا وسياسيا.