بين سوريا و أعداءها ، كلام كثير .
أحمد الحباسى
الذين يقفون ضد سوريا و ضد النظام و ضد الرئيس بشار الأسد مع من يقفون في الحقيقة ؟ خذ مثلا ، ” أصدقاء سوريا ” ، السعودية ، قطر، تركيا ، الأردن ، إسرائيل ، الولايات المتحدة ، فرنسا ، ألمانيا و تيار سعد الحريري في لبنان ، هؤلاء "الأصدقاء” هل يمكن الثقة فيهم ؟ هل يمثلون الحقوق العربية و يدافعون عنها ؟ هل إسرائيل صديق للشعوب العربية ؟ هل اميركا حليف للشعوب العربية ؟ ثم هل يثق مجرد مغفل في أن مصلحة اميركا في سوريا هي الدفاع عن هموم و تطلعات الشعب السوري ؟ هذا الشعب الذي تحتل إسرائيل أرضه بقرار و سلاح و ضغوط اميركية ، هذا الشعب الذي سلطت عليه اميركا عقوبات اقتصادية منذ سنوات باسم قانون محاسبة سوريا لمجرد أنها وقفت مع المقاومة العراقية ضد الوجود الاميركي في العراق ، ثم بإيجاز شديد كيف لتحالف تكون إسرائيل و اميركا راس الحربة فيه أن يكون نافعا للشعب السوري ؟ .
هناك من يتحدث عن "ثورة” في سوريا تم قمعها بالحديد و النار ، فجاء "الديمقراطيون ” في العالم لنصرة الشعب ضد النظام ، هكذا بسطوها و جملوها و حملوها إلينا حتى كدنا نصدقهم و نقبل جباههم و نمدهم بالورود ، هؤلاء "الديمقراطيون” و على رأسهم اميركا هم من بشروا العراق بيمن ديمقراطيتهم و بركتها ، أطاحوا بالرئيس صدام حسين و وضعوا علم ديمقراطيتهم القذر على تمثاله في ساحة الفردوس ، بعدها اكتشف العراق النعمة الديمقراطية الاميركية في معتقل ” أبو غريب” و كيف تعرت اميركا من قذارتها لتمثل بالكرامة العراقية في مشهد قبيح سيبقى طويلا في ذاكرة أحرار العرب ، اليوم ، و من البداية ، كان واضحا أنها ثورة قذرة بكل المقاييس ، كانت حصان طروادة التي تخفت وراءه المؤامرة لإسقاط النظام ، كانت الشعارات جاهزة ، كانت الأسلحة جاهزة ، و كانت الأنفاق جاهزة لبداية حرب العصابات ضد النظام ، كان هناك من خطط و من مول و من نفذ ، و تلك "المعارضة” الكرتونية كانت مجرد واجهة لمشروع صهيوني كبير .
يقول النائب البريطاني المعروف جورج قالاوى أن ” ثورة” تقف وراءها اميركا و إسرائيل لا يمكن أن تكون ثورة ، و بالتفصيل فكيف يمكن القبول بالسعودية و قطر كدول تريد إسقاط النظام لنشر الديمقراطية و حقوق الإنسان و فرض الحق في الانتخابات ؟ نظام يسجن شاعرا خمسة عشر عاما من أجل قصيدة ، نظام يعدم معارضا لمجرد رأى معارض ، فأين المنطق في مشاركة السعودية و الأردن و قطر في مؤامرة إسقاط النظام السوري ، و أين المنطق في تمويل الإرهاب التكفيري لإسقاط نظام عربي ؟ أين المنطق في إعطاء الولايات المتحدة ورقة على بياض لضرب دولة عربية تحت البند السابع ؟ أين المنطق في حجب المحطات التلفزيونية السورية من القمر عرب سات ؟ أين المنطق في فرض عقوبات اقتصادية و سياسية على الشعب السوري ؟ أين المنطق في الوقوف جنبا إلى جنب مع إسرائيل و اميركا لضرب نظام عربي مهما كانت المؤاخذات عليه ؟ ثم أين هي هذه المعارضة السورية و من تمثل و لماذا جاءت السعودية و قطر و تيار الحريري بالجماعات التكفيرية لضرب الشعب و المصالح السورية عوضا عنها ؟ .
من البداية كانت هناك "معارضة” اختيرت على المقاس التركي ، ثم معارضة أخرى على المقاس القطري ، ثم في النهاية نشهد اليوم معارضة "جديدة” على المقاس السعودي ، كل هذه ” المعارضات” رابطها الوحيد أنها تدين بالولاء لإسرائيل و تعبر بطلاقة لسانها على استعدادها لربط العلاقات الدائمة مع الكيان الصهيوني ، هذه تصريحات المعارضة و هي موثقة لمن يريد أن يعلم و يتبصر ، و من البداية شهد المتابعون حالة من الانقسام العربي ، محور سوري ، محور المؤامرة ضد سوريا ، هكذا صنف المتابعون المحورين بكل بساطة ، محور سوريا يضم إيران ، حزب الله ، روسيا ، الصين و محور ” أصدقاء سوريا ” السالفى الذكر ، سقط محمد المرزوقي و حاشيته النهضوية في "الإثناء” ، اليوم ، يحقق الجيش السوري انتصارات متتالية و يتحدث الجميع عن ارتباك في المحور السعودي القطري التركي ، سقط الحديث الفاسق عن ضرورة رحيل الرئيس الأسد حالا ، يعنى منذ سنة 2011 ، هناك حديث عن وقف إطلاق النار لا يضم المجموعات الإرهابية السعودية و عن ضرورة تقيد داعمي هذه المجموعات بعدم الدعم ، هناك بشائر هزيمة خليجية صهيونية و انتصار سوري إيراني لبناني عربي مقاوم للهيمنة الاميركية ، يبقى هناك متخاذلون من الصف الأخر يتحدثون عن هزيمة إيرانية في سوريا و عن تمدد شيعي و عن فزاعة إيرانية ،و عن جرائم الرئيس السوري ، دون أن ينبسوا ببنت شفة حول جرائم الإرهاب الخليجي في سوريا ، دون أن يتحدثوا بمجرد كلمة واحدة عن هذه الجرائم التكفيرية الوحشية ، هم هكذا تعودوا لا ينظرون للأشياء إلا بمنظار واحد ، بعين واحدة ، لنتركهم ، لنتركهم يتحدثون ، هكذا تعودوا و سيبقون .