أوساط لبنانية: سحب "الهبة" ابتزاز مرفوض وسياسة النأي بالنفس لن تنفع لبنان
طهران - كيهان العربي:- عقد مجلس الوزراء اللبناني أمس الاثنين جلسة استثنائية في السراي الحكومي برئاسة الرئيس تمام سلام، بحث فيه آخر التطورات السياسية لا سيما بعد القرار السعودي بوقف ما يسمى "الدعم" للجيش والقوى الامنية في لبنان وما تلاه من مواقف سياسية تخللها تقديم وزير العدل أشرف ريفي استقالته من الحكومة.
وكشفت "السفير" عن مصادر مطلعة ترجيحها أن "يبقى النقاش داخل جلسة مجلس الوزراء مضبوطا بسقف حماية الحكومة وأن ينتهي الى تفعيل تسوية البيان الوزاري على قاعدة المحاصصة في السياسة الخارجية بحيث يأخذ كل طرف ما يريحه من خلال الجمع بين الالتزام بالنأي بالنفس عن الأزمة السورية والتشديد على الانسجام مع الإجماع العربي ورفض وسم المقاومة بالإرهاب".
في هذا الاطار أشار النائب السابق "اميل اميل لحود" الى ان الغيرة التي أبداها البعض على السعودية تتنافى مع ادعائهم السيادة وأظهرت أن ولاءهم الأول هو لـ"المملكة" وليس للجمهورية اللبنانية.
وقال لحود أمس الاثنين "البعض يأسف على توقف الهبة إما لأن ذلك تسبب بإضاعة الفوائد التي كانوا ينوون جنيها من تجميع المبلغ في مصارفهم أو لأنها فوتت عليهم عمولة انتظروها منذ سنوات".
واكد لحود ان "سياسة النأي بالنفس لا تنفع وهي لا تحمي لبنان بل الحاجة ملحة اليوم الى وقفة عز والى التصدي للارهاب"، وتابع ان "الأنكى أن البعض لم يكفه النأي بالنفس الذي لا يرضينا ونراه دليل ضعف بل يريدنا أن نكون في موقع الدول الداعمة للارهاب تحت عنوان التضامن العربي".
من جانبه أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية في لبنان النائب نوار الساحلي ان الموقف السعودي بسحب ما يسمى "الهبة" للبنان هو ابتزاز بكل ما للكلمة من معنى.
وقال الساحلي أمس الاثنين "يريدون أثمانا مقابل هبة مزعومة لم تر النور أصلا وهي أكذوبة كبيرة ولم يكونوا في يوم من الأيام جديين"، ولفت الى "انهم منذ اكثر من سنتين وهم يسوفون ويؤجلون والقرار كان مذبذبا وإلا لماذا لم نر شيئا من هذه الهبة".
وأوضح، "من يريد أن يساعد الجيش اللبناني أهلا وسهلا به ومن لا يريد محاربة الإرهاب فلا يختلق أعذارا واهية وغير جدية تفرح بها اسرائيل".
اما المدير العام السابق للامن العام اللواء الركن جميل السيد، رأى أن "قرار السعودية بإلغاء الهبة المخصصة للجيش والقوى الأمنية، إنما جاء في توقيته ردا على المواقف التي صدرت خلال مقابلة الرئيس تمام سلام التلفزيونية مع الاعلامي مارسيل غانم والتي جرى تفسيرها من السلطات السعودية على أنها تأييد رسمي لمواقف وزير الخارجية جبران باسيل خلال اللقاءات العربية وأنها تعبر عن سياسة الحكومة اللبنانية مجتمعة".
واوضح ان "كل ما يحكى عن التباينات السياسية بين السعودية وحزب الله هو صحيح، كما ان معظم ما حكي عن ملابسات الهبة وتجميدها عمليا بعد وفاة الملك عبدالله هو صحيح ايضا، ولكن القرار الرسمي بإلغاء الهبة كما أن توقيت الاعلان عنه يرتبطان حصريا بما سبق ذكره أعلاه، بما يشكل رسالة موجهة الى الحكومة اللبنانية لتعديل موقفها، وليس الى الوزير باسيل شخصيا ولا الى حزب الله المعروف بمواقفه السياسية الداخلية والخارجية منذ سنوات الى اليوم".
واشار اللواء السيد في بيانه الى ان "فريق تيار المستقبل و14 آذار، الذي يعلم بعضه بخلفيات توقيت القرار السعودي، إنما وجد فيه فرصة للملمة صفوفه وتوحيد مواقفه وتناقضاته عبر توجيه اللوم الى"حزب الله بالتسبب في إلغاء الهبة".
من جهته أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ان الوضع اللبناني المحتقن والهش لا يحتمل مثل هذه المهاترات السياسية التي نشهدها والتي قد تؤدي الى الانزلاق نحو الفتنة. معتبرا ان "هذه الثرثرة التي تلت قرار السعودية بوقف الدعم عن لبنان تؤدي الى الهرهرة".
وقال بري حسب صحيفة "السفير" أمس الاثنين إنه "لا مانع بعد صدور الموقف الموحد عن الحكومة في أن يتوجه وفد الى السعودية لإعادة تصويب العلاقة اللبنانية - السعودية"، ورفض "ردود الفعل التي أعقبت القرار السعودي بإيقاف الهبة للجيش اللبناني والقوى الأمنية"،
ولفت بري الى انه "شجع على انعقاد جلسة مجلس الوزراء امس الاثنين"، واعتبر "أنها ضرورية لإعادة تثبيت سياسة لبنان الخارجية وفق القاعدة المتفق عليها وهي النأي بالنفس عن الأزمة السورية والتمسك بالإجماع العربي في ما يتعلق بالقضايا المشتركة".
وقال: إن "ايران التي تمثل قوة إقليمية أساسية تؤكد في كل مناسبة حرصها على إقامة علاقات جيدة مع الرياض وحتى عندما هوجمت السفارة الإيرانية في طهران سارعت القيادة الإيرانية الى استنكار ما حصل وتوقيف الفاعلين"، ولفت الى انه "من الطبيعي أن نكون نحن أيضا من المتمسكين بإبقاء جسور التعاون والتواصل ممدودة مع الدول العربية"، وسأل "هل لبنان أقوى من إيران حتى نذهب أبعد مما ذهبت اليه؟".
اما نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، أن "سلاح السعودية اليوم، هو بأيدي العصابات التكفيرية في سوريا، وبات يشكل خطرا حقيقيا على استقرار لبنان"، مضيفا "كيف أن السلاح السعودي يجد طريقه بسرعة إلى العصابات التكفيرية في سوريا، ولا يجد طريقه بالمقابل لنصرة الجيش اللبناني، الذي لو كان ينصاع لإرادة السعودية في محاربة المقاومة، لكان السلاح السعودي وجد طريقه إليه بسرعة فائقة كما يجده إلى العصابات التكفيرية في سوريا".
وقال الشيخ قاووق "النظام السعودي يمكن أن يشتري إرادات وقرارات عواصم كبرى في العالم بماله ونفوذه، ولكنه لا يستطيع أن يغير هوية الجيش اللبناني، ولا هوية لبنان وموقعه ودوره، أو أن يشتري إرادة اللبنانيين، أو أن ينتقص من كرامتنا..".
وتابع قائلا : نقول للنظام السعودي ولكل أدواته في لبنان أننا لسنا ممن يساوم على كرامة، ولا ممن يباع أو يشترى، ولا ممن يركع على أعتاب الملوك، فكرامتنا غالية، ونحن بغنى عن سلاح السعودية لتحرير أرضنا وحماية وطننا من العدوان التكفيري.. لبنان بتعاون الجيش والمقاومة حصن حصين أمام أي عدوان إسرائيلي أو تكفيري ..".
واعتبر "أن اسرائيل لا يخيفها ولا يقلقها رعد الشمال وسلاح السعودية الذي هو بيد العصابات التكفيرية في سوريا، فكفى فضيحة.. هذا السلاح لا يقاتل إسرائيل ولا يقلقها، بل يطمئنها وهي ماضية في امتداحه، وكفى فخرا لسلاح إيران أنه يقلق إسرائيل ويخيفها، وكفى فخرا ومجدا للمقاومة أنها بسلاحها تغرق الاسرائيليين ببحر الرعب..".