kayhan.ir

رمز الخبر: 34493
تأريخ النشر : 2016February16 - 23:27

انقرة والرياض تلعقان جراحهما

شهدت الساحة السورية وجوارها خلال الـ 72 ساعة الاخيرة جملة تطورات ومفاجآت لافتة استوقفت الكثير من الكتاب والمحللين خاصة غياب لغة العنتريات والعربدة السعودية في الحرب البرية على سوريا والاندفاع التركي بهذا الاتجاه لزيادة الضغط والتهويل عن الساحة الاعلامية مما اوقع الطرفين في مهاترات اعلامية صاخبة طبلت لفترة بان القوات السعودية ومقاتلاتها وصلت الى تركيا فيما تضاربت الاخبار حول مصير القوات الى ان المقاتلات السعودية استقرت في قاعدة انجرليك. وكاد البسطاء من الناس ان يصدقوا ان الحرب البرية على سوريا على الابواب وان المنطقة ذاهبة الى الجحيم بل ذهب البعض الاخر بالقول باننا على مقربة من حرب عالمية ثالثة. كل هذا التهويل الفارغ كان في الواقع رسائل سياسية للابتزاز والتخويف لدفع جهات اخرى للوساطة وحلحلة الامور.

واليوم وبعد كل هذا الصخب الاعلامي يعلن امس الثلاثاء داود اوغلو رئيس الوزراء التركي بان بلاده لن تنوي دخول الحرب في سوريا لكنها تتخذ بعض الاجراءات لحفظ امنها. هذا يأتي في وقت اعلن جاويش اوغلو وزير الخارجة التركي السبت الماضي ان تركيا والسعودية قد تشارك في تدخل عسكري في سوريا.

ولحرف انظار الرأي العام السعودي والتركي والعالمي عن الواقع المر، تحركت قيادتا هذين البلدين وللتستر على فضائحهما وعربدتهما ان يتلافيا الموقف ويختصرا الحرب على سوريا باطلاق مناورات جوية في منطقة "كونيا" وسط تركيا بمشاركة ست مقاتلات سعودية من نوع "اف 15" وتغطيته اعلاميا على انهما حققا انجازا عسكريا في هذا المجال.

والاسخف من ذلك خروج بعض المسؤولين في دول مجلس التعاون وفي مقدمتها السعودية على الاعلام بالقول "باننا لم نشارك بحرب برية في سوريا الا تحت قيادة اميركية" وهو الهروب الى الامام لان اميركا لا ترتكب مثل هذه الحماقة.

لكن الاكثر مفاجأة هو وصول المبعوث الدولي دي ميستورا الى دمشق في وقت قد حدد الـ 25 من شباط لجولة ثانية بين الحكومة السورية والمعارضة ولم يكن ما يستدعي ذلك لكن تطورات الميدان في الايام الاخيرة دفعت بالاطراف الدولية ايفاده الى دمشق للوقوف عن كثب لما يجري فيها مع الاخذ بنظر الاعتبار ما كشفته السيدة موغريني وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي لصحيفة السفير البيروتية "باننا نتواصل بهدوء مع دمشق".

لكن اللافت الاكبر في الساعات الاخيرة هو الانكسار التركي المفضوح في ارياف حلب، فرغم قصفها المدفعي وامدادها المستمر للارهابيين استطاعت القوات الكردية السورية من تحرير بلدة تل رفعت الاستراتيجية ابرز معاقل المجموعات التكفيرية في المنطقة وهذا يعني ان الجيش السوري والقوات المتحالفة معها تمسك بالميدان حيث استطاع الجيش السوري امس فرض سيطرته على محطة حلب الحرارية وفي نفس الوقت بات يتقدم باتجاه مدينة الرقة المقر الرئيس لقوات داعش الارهابية حيث سيطر على المناطق الجبلية المشرفة على المدينة.

هذا التحول اللافت في الميدان اربك بشدة انقرة والرياض ومعهما الكيان الصهيوني وحماة هؤلاء جميعا في الغرب لان ورقتهم الاخيرة اي المجموعات الارهابية باتت في طريقها الى الانهيار النهائي وهذا اصبح مفروضا على اميركا التي احرجت فيما تدعيه بانها تحارب الارهاب. الوضع الميداني المتقدم في الشمال السوري احرج رئيس الوزراء التركي داود اوغلو لدرجة فقد توازنه وصوابه ليحذر من سقوط اعزاز ويؤكد بانه لن يسمح بوقوعها بيد الاكراد السوريين وكأن الامبراطورية العثمانية قائمة اليوم وتتحكم بالارض السورية والشعب السوري.

ورغم ان هذا الموقف مستهجن ومدان في كل الاعراف والقوانين الدولية لدعمه العلني للارهاب فانه يعد تدخلا سافرا تفوح منها الوقاحة السياسية والعسكرية المرفوضة جملة وتفصيلا.