kayhan.ir

رمز الخبر: 34477
تأريخ النشر : 2016February16 - 23:19

أميركا وحلفاؤها والتوظيف السيء للازمات

مهدي منصوري

عملت بريطانيا العجوز في اربعينيات القرن العشرين ومن اجل ان تستعمر المنطقة على نشر مفهوم سيء عنوانه "فرق تسد" من خلال خلق الصراعات والازمات المذهبية والعرقية والطائفية داخل الدول لكي يفسح لها المجال بتحقيق اهدافها.

ورغم انها ومن خلال هذه النظرية استطاعت ان تفرض وتستعمر الدول وتسيطر على مواردها وثرواتها النفطية الا ان وبمرور الايام ضعفت هذه النظرية بحيث لم يعد لها وجود او ذلك التأثير المطلوب منها بفضل حالة الوعي التي امتلكته الشعوب.

واليوم نجد ان هذه النظرية قد تداولتها واشنطن وحليفاتها كالسعودية والكيان الصهيوني خاصة بعد حادثة 11 سبتمبر 2001 والتي كانت المفتاح لفتح هذا الباب خاصة عندما غزت اميركا العراق وافغانستان والتي اشعلت من خلالها فتنة عمياء في المنطقة من اجل تمزيق الشعوب والاراضي لكي تستطيع ان تبقى مهيمنة على مقدرات وثروات هذه الشعوب وتصبح البديل للاستعمار البريطاني المقبور.

لذلك فانها وبسياستها الهوجاء وبسياستها الهوجاء وكما اعلن عنها بالامس القريب مرشح الرئاسة الاميركية ترامب من ان "اميركا دمرت الشرق الاوسط"، وهو اعتراف حقيقي وواقعي في كل توصيفاته لانها ومن خلال تحالفها مع السعودية وتركيا تمكنت ان تخلق ازمة ما كان لها ان تحدث وذلك بتطويع المرتزقة ومن مختلف دول العالم واعلان التشكيلات والمجاميع الارهابية وتحت اسماء متعددة من اجل خلق حالة من الصراع الداخلي وقد اختارت العراق وسوريا مسرحا لهذه الازمة للتباين العرقي والمذهبي فيهما.

ولكن واشنطن وبهذا الاسلوب الاحمق لم تدرك جيدا او في الواقع لم تحسب حساب وعي وادراك الشعبين العراقي والسوري وللذين تمكنا وبصلابة وقدرة صمودها من ان يفشلوا المشروع الاميركي الصهيوني بصورة لايمكن تصورها بحيث لم تستطع ورغم كل الامكانيات السياسية والاعلامية واللوجستية والمادية لهذا الغرض ان تحقق جزء من هدفها المشؤوم.

واليوم اخذت تبرز على السطح صورة جديدة تريد ان تغير بوصلة المعركة القائمة بين الارهاب والشعوب بحيث رسمت لها اطارا بعيدا عن الواقع الا وهو الصراع الطائفي لكي توظف الازمات القائمة خاصة في العراق وسوريا بصورة تخرج عن اطارها القائم من اجل ان توجد لها موضع قدم في المنطقة.

ففي العراق وبعد أن تمكنت القوات الشعبية المسماة بالحشد الشعبي وبمشاركة القوات العسكرية ان تحقق الانتصارات الرائعه وتطرد الارهابيين المدعومين من قبل الرياض وواشنطن من اغلب المحافظات والمدن العراقية والتي شكلت هزيمة لمشروعهما، تحاول اليوم ان تبعد هذه الشريحة من المعارك القادمة خاصة تحرير مدينة الموصل بذريعة واهية الا وهو تأجيج الصراع الطائفي من خلال نظريتها الفاسدة القائلة من ان لا يكون للشيعة دور في ادارة دفة الامور داخل هذه المدن والمحافظات في محاولة للهيمنة على القرار، مما يعكس ان البعد الطائفي بدا واضحا في سلوكها وحلفائها. وقد تساوق هذا المفهوم مع ما صرحت به مصادر صهيونية وخاصة ما جاء على لسان وزير الحرب الصهيوني يعلون كما ذكرته صحيفة هارتس العبرية من تصورات تبرز حالة الرعب والقلق الكاذب، بقوله "ان الايرانيين لديهم اليوم سيطرة ميدانية في العراق ولبنان ويسعون للهيمنة على سوريا واليمن. مما جعل هذا المحور من ايران والعراق وحزب الله يتحول الى كابوسا، معتبرا ان تبعات هذا الكابوس على المنطقة وباقي دول العالم ستكون عبارة عن كارثة."، ورأى وزير الحرب الصهيوني ايضا ان "ما حصل في سوريا جزء من الصراع السني الشيعي وان السنة ليس وارادا ان يتنازلوا للشيعة".

ولا ندري هل ان يعانون هذا الذي اطلق هذه التصريحات اما ان يكون جاهلا اوغبيا لان من المعروف ان سوريا دولة سنية ولا وجود مؤثر للشيعة فيها، فلذلك فان الادعاء بان هناك صراعا سنيا شيعيا في سوريا تكذبه الوقائع على الارض.

لذلك وفي نهاية المطاف لابد من القول ان واشطن وحلفائها من السعوديين والصهاينة وغيرهم يريدون ان يديروا بوصلة الصراع القائمة ووضعها في بوتقة الطائفية المقيتة التي رفضتها الشعوب ولم تعد لها تأثير يذكر، ولكن هؤلاء الذين اثبتوا عداءهم للشعوب المطالبة بالحرية والاستقلال وعدم المساس بسيادتها ووحدة اراضيها وجدوا انفسهم قد خسروا المعركة وان دورهم في المنطقة قد آل الى الافول لذلك لم يجدوا بدا من ان يذهبوا الى ذريعة جديدة قد تستعيد بعض ماء الوجه الذي أريق على صخرة وحدة وصلابة الشعوب.