عماد مغنية ... حكايات تنشر للمرة الأولى
يصعب إقناع أحد بأن هناك أموراً لا يمكن كتابتها، عن مشاعر راودتنا، ونحن نقرأ عماد مغنية في شهادات من عرفوه ، تأتي حكاياته كغيمة مرت فروَت . و نسأل ، كمن يحوم حول سرّ : "هل كان عماد مغنية حقيقة؟” ، و ليس صعباً أن نؤكد، أن الحكاية ولو رويت لن تنتهي ، ما دامت الحياة تعدنا، عاماً تلو آخر، بكشف المزيد عن حياة شهيد عزَّ نظيرُه ، لذا ، لن تكون الحكاية كاملة ، لكن عساها تروي قليلاً من شوق كثيرين آمنوا به ، وصدَّقوا دمه ودموعهم ، وأيقنوا أنه ، من دوننا جميعاً، أتقن الحب... والشهادة .
تعود الذاکرة بالحاجة أم عماد إلى العام 1962 . تسرد الحادثة بتفاصیلها: سارت بهم السیارة التی تضمّ سبعة أشخاص ، على طریق المصیلح ، و کان عمر عماد مغنیة یناهز الـ 40 یوماً. تعرّضوا لحادث، انقلبت بهم السیارة ثم احترقت، ونجوا من الموت بأعجوبة. "کلکم نجیتوا؟” سأل جدّها. ثم أجاب نفسه: "کلکم نجیتوا بحسنة هذا الطفل. هیدا الطفل بدو یطلع منه شی کتیر مهم بالحیاة”.
منذ سمعت أم عماد هذه العبارة، راحت تترّقب الیوم الذی یصبح فیه ابنها صاحب شأن فی المجتمع . مرّت الأیام، والسنون، وظهرت شخصیة عماد صاحب القدرة على التأثیر على الآخرین من دون أن یتعمّد ذلک . "منذ کان فی السادسة من عمره، کان یتحمّل مسؤولیة رفاقه الذین یلعب معهم”، یقول والده. کما کان قادراً على المسامحة منذ صغره " اختلف مرة مع ابن جیراننا، الذی اعتدى علیه، لکن عماد قال له الله یسامحک ومشى، وتضایق من شقیقه فؤاد لأنه عاد وضرب ابن الجیران قائلاً له: ما انا سامحته”.
شبّ عماد مغنیة فی بلد یعانی من اعتداءات اسرائیلیة متواصلة ، و بدایات حرب أهلیة، وکان مهتماً بمتابعة مجریات الحیاة السیاسیة . یروی صدیقه الشیخ مالک وهبی أنهما کانا فی العاشرة من العمر، عندما کان الحاج عماد یحاول أن یتعرّف إلى الأحزاب والحرکات السیاسیة والإسلامیة. وعندما کان یرى ما لا یعجبه، یدخل ویناقش. وکان فی السادسة عشرة من عمره عندما انضمّ إلى حرکة "فتح”، واستطاع أن یکون مؤثراً فیها على مجموعة من الشبّان رغم صغر سنه . وفی بدایة الثمانینیات، التحق بالحرکة الإسلامیة. کان لإنتصار الثورة الإسلامیة فی إیران عام 1979 واستشهاد السید باقر محمد الصدرعام 1980، دور حاسم فی هذا الخیار . شارک وساهم مع بعض إخوانه فی تأسیس حرکة جهادیة إسلامیة بعدما اقتنعوا بأنه لا بد أن تکون لدیهم قدرة دفاعیة. وقد تشکلت هذه القدرة، التی واجهت الاجتیاح "الاسرائیلی” ، إذ شارک هو بشخصه، مع بعض رفاقه المؤسسین ، فی التصدی لـ”الإسرائیلیین” فی معرکة خلدة. هذه کانت نواة المقاومة الإسلامیة فی لبنان، وعندما دعا قائد الثورة الإسلامیة فی إیران الإمام الخمینی للجهاد، کان حزب الله من الحاضرین والفاعلین.
فی ذلک الوقت ، کان یطلق على شبان حزب الله "الخمینیین” . وکان عماد، وشقیقاه جهاد وفؤاد، من هؤلاء الخمینیین. کانوا ملاحقین على الدوام، کما تروی والدتهم التی دُهم منزلها اکثر من مرة، من دون أن یصادف وجود أولادها فیه .
رغم هذا الجو من الملاحقة ، سار الحاج عماد فی تشییع شقیقه جهاد الذی استشهد عام 1984. وهذا ما لم یفعله مع استشهاد فؤاد فی العام 1994، کی لا یصل إلیه "الاسرائیلیون”. وبعد 4 أیام من استشهاد فؤاد، التقى بوالدته. قال لها: "قالولی انک متأثرة کتیر”. أجابت: "طبعاً، هیدا التانی”، فأجابها: "کیف لیصیروا 3، شو بدک تعملی”؟
مرّ العمر بسرعة ، قبل أن تتلقى أم عماد خبر استشهاد ابنها الثالث . لکن ، لیس من دون إنجازات، بل تواقیع حفرت فی ذاکرة العالم، کان أبرزها تحریر الجنوب فی أیار 2000، وانتصار تموز 2006.
تتذکر أم عماد أنه زارها بعد التحریر بفترة ، وسار وعائلته الى الجنوب . کان هو السائق ، بین أهله ، أخواته ، وأولادهم . یسیر ویشرح: "هیدا الموقع الفلانی... وهون هیک صار...”. سألته: "أنت شو خصک بهذه القصة؟ من وین عارف هذه المواقع؟”. ضحک، وقال: "جابونی وفرجونی علیهم، ودلّونی”.
لم یخبرها أنه فی أول أیام التحریر ، کان من أوائل الذین دخلوا إلى الشریط الحدودی، وفور وصوله الى الجنوب، ومن على تخوم قریة مرکبا، قال للشاب المرافق له : "شمّیت ریح فلسطین، ریح القدس" . ثم تقدّم ونظر إلى فلسطین : ""الإسرائیلیون” بالمرة ! کیف ترکونا نصل إلى هذه النقطة؟" .
یومها ، تشکلت لدیه قناعة بأن هناک إمکانیة حقیقیة لإزالة "إسرائیل” ، بناء على أن المقاومة نجحت فی مهمتها الأولى، وهی رؤیة الهزیمة بعینی "الإسرائیلی” . ویومها، أیضاً، أدرک أن "إسرائیل” لن تتحمل الهزیمة، وأن العمل على الردّ قد بدأ .
*ننتصر لأننا نبتکر
قبل بدء حرب تموز ، کان الحاج عماد قد وضع تصوّراً لما قد یحصل فی حال وقعت الحرب . ویذکر نائب الأمین العام لحزب الله، الشیخ نعیم قاسم ، أنه عرض هذا التصوّر فی جلسة لمجلس الشورى، کما عرض مخططه للردّ. قال لهم، "فی البدء ، "اسرائیل” ستتقدم الى العوارض الأمامیة، وستؤجل العملیة البریة لوقت متأخر. ورغم ذلک، وإذا ما قامت بها، لدینا حلول للمواجهة”، وذکر هذه الحلول. عندما بدأت الحرب، تبیّن أنه یسبق العدو فی تفکیره. کلما تقدمت الحرب فی تموز، کانت الخطط التی ذکرها الحاج عماد، المواجهة وطریقة المواجهة والاستعدادات تتم مثلما نصَّها هو. کل ما کان متوقعاً فی عدوان تموز کان جزءا من الخطط المدروسة والموضوع لها حلول معینة.
الحاج رضوان ، الذی اهتم بفهم "الاسرائیلی” وقراءته ، لم یکن مقلّداً فی موضوع الخطط العسکریة، إنما کان مبتکراً. هذا ما یمیزه عن قادة وخبراء عسکریین آخرین. نقل عنه قوله: "ننتصر لأننا نبتکر”. فی الحرب، رکز على ضرورة ضرب منطقة العدو. أی أن تتم مواجهة العدوان من خلال جعل الجبهة الداخلیة فی فلسطین المحتلة مشتعلة، ما سیحقق انجازاً کبیراً للمقاومة .
کانت "اسرائیل” تملک بنک أهداف للمنظومة الصاروخیة الإستراتیجیة التی تتشکل من صواریخ لمدى متوسط، ومدى بعید. بعد عملیة جویة ضخمة ظنّ "الإسرائیلی” أنه أزال التهدید الصاروخی، وبالتالی أصبح أمام معرکة ثانیة، لیأخذ على أساس هذه المعطیات قراراً بتحویل العملیة العسکریة إلى حرب.
أیام قلیلة مرّت ، وتبیّن أن الحاج کانت لدیه خطة للحفاظ على غالبیة القوة الصاروخیة. وعندما انطلقت هذه الصواریخ باتجاه فلسطین المحتلة، قال لمن کان یقف إلى جانبه : "لقد خسرت "اسرائیل” الحرب" . و أضاف فی موضع آخر: "حرب الـ 33 یوماً، أثبتت أن الأسلحة التقلیدیة عاجزة عن حمایة "اسرائیل” ، وأنها لیست خطراً علینا، وأن لدینا تفوقاً فی الأسلحة التقلیدیة، وهذا ما یقلّل من قیمة الدور "الإٍسرائیلی” فی استراتیجیة الحرب. ربحنا القضیة کلها. بهذه القضیة یمکن إبادة "اسرائیل”" .
فی المقابل ، کان هذا الرجل ، الذی بات یعرف بقائد الانتصارین، شخصیة رقیقة وحساسة وعطوفة. هو الذی انهمرت دموعه عام 1998 عندما رأى ، من على أحد الأسطح القریبة ، مشهد تشییع جثامین الشهداء إثر عملیة تبادل مع العدو . کان حریصاً على أن لا ینقص المجاهدین شیء من احتیاجاتهم . أن لا یشعروا بالقلق، لا على أولادهم، أو مدارسهم أو أکلهم وشربهم. منطلقاً من مبدأ أنه یطلب منهم ما یصعب على الجمیع، ولذلک، کان یرى أن واجبه یحتِّم علیه أن یؤمن ما یستطیع تأمینه لهم، ویسعى للحصول على إیرادات لتأمینها. اهتم بالأمور الشخصیة للذین حوله، وورد عن عدة أشخاص قولهم: "انا الحمد لله انتقلت الى بیتی بسبب الحاج عماد” ، "أنا حلیت مشکلتی مع ابنی بسبب الحاج عماد”...
* القائد العطوف
کما یروی أحد المجاهدین، انه جمعهم ذات یوم، "وکنا 15 شخصاً، لیذهب بنا الى دمشق. أعطانا مالاً، وقال اذهبوا واشتروا ما یحتاجه أبناؤکم. جلس على الرصیف ینتظرنا، وبقی جالساً حتى عدنا جمیعاً لنجده فی المکان نفسه”.
هذا الحسّ الإنسانی العالی یعود الى التربیة الأخلاقیة والایمانیة. إذ کان الحاج عماد متدیّناً، یواظب على الصلاة فی أول وقتها. ویهمه أن لا تتضارب مواعید الإجتماعات مع مواقیت الصلاة.
وفی الاجتماعات، لم یکن القائد العسکری الذی یحتاج عناصره إلى تراتبیة للحدیث معه . لا "سیدنا” هنا ، ولا أی کلمة تعیق التواصل بشکله البسیط المتعارف علیه. یمکن للجمیع مناقشة الاقتراحات، ولا یجب على أحد أن یقف حین دخوله، أو یصمت حین یتکلم. کان شخصاً یحفّز الفریق الذی یعمل معه، معزّزاً المبادرة لدیه، وروح التعاون، لیستخلص من الجمیع ما یمکن استخلاصه.
* قوة السرّ
کان عماد مغنیة یدیر هذه المهمات کلها بسرّیة کاملة تحیط بشخصیته الحقیقیة، حتى أنه طلب شخصیاً من السید حسن نصرالله نفی وجود أحد ما ، إسمه عماد مغنیة ، داخل جسم حزب الله . و قد سُئل السیّد حسن فعلاً عن مغنیة، فی إحدى مقابلاته القدیمة. کان الحاج یشاهده، ضحک وقال: "إن شاء الله ما یتلبک السید بالجواب” . لکن السیّد أجاب: "لیس لدینا شخص بهذا الاسم” .
وسأله ابنه مصطفى یوماً : "ماذا إذا لم یعترف حزب الله بک بعد استشهادک” ؟ أجابه : "لا أنتظر أحداً أن یعترف بی . إذا کانت هناک مصلحة لهم بعدم الإعتراف، فلا مشکلة” .
لم تعنه على الإطلاق مسألة شهرته والکلام عن أعماله، سلباً أم إیجاباً، من محبیه أو خصومه ، لبنانیین وعرباً و”إسرائیلیین” أو أمیرکیین . بل کان یزعجه ربط "الإسرائیلیین” کل أعمال المقاومة به، کأنه یعمل دون مؤسسة تفکر وتخطط وتضع أهدافاً . قاد عماد مغنیة لسنة أو سنتین عملیات المقاومة، من دون أن تعرف المقاومة نفسها. وهو الذی أعدّ عملیة الاستشهادی أحمد قصیر بتفاصیلها، وتابعها بدقائقها، وحرص على تصویرها من أجل أن تکون هناک وثیقة تعرض فی یوم من الأیام وتبیّن هذا العمل بشکل کبیر.
أقوى نقاطه فی الإجراءات الأمنیة کانت عدم معرفته عند رؤیته ، ما اقتضى منه إجراءات تجعله رجلاً عادیاً وبسیطاً، من دون مواکب ومرافقین وإجراءات ظاهرة للعلن. أحیاناً، کان یشارک فی لقاءات رسمیة وعامة، لکن لیس بصفته التنظیمیة، بل مجرد شخص کبقیة الأشخاص، یجلس ولا یساهم فی النقاش بل یسمع. تحوّلت هذه الإجراءات إلى نمط وسلوک فی حیاته.
أثناء لقاء قائد فیلق القدس ، قاسم سلیمانی ، بمعاون نائب رئیس الجمهوریة السوری الراحل اللواء محمد ناصیف فی سوریا ، حضر الحاج عماد مع الوفد المرافق للأول. مع سیر الحدیث، أخطأ المترجم فی نقل جملة من الفارسیة الى العربیة . صحّحها له الحاج عماد، وأکمل الحدیث، على أنه شخص مساعد فی الوفد .
هذا الشخص "المجهول” ، أتاح لعماد مغنیة هوامش کبیرة فی الحرکة التی یحرم منها آخرون فی مواقع مسؤولیة عسکریة أو أمنیة . على عکسهم ، نجح هو بالدخول إلى أمکنة واحتفالات وفنادق وتظاهرات واجتماعات، استخدم سیارات أجرة وفانات . مع ذلک، کان دائماً یحمل مسدساً فی جعبته الجلدیة البنیة اللون . کما حافظ على قوته البدنیة فی العقد الأخیر من عمره . أثناء تدریب المجاهدین على عملیة سحب جندی "إسرائیلی” من الآلیة : فتح الباب بسرعة وبمهارة فائقة، لیسحب مجاهداً ضخماً بحجمه على مرتین مع کامل سلاحه وعتاده. یروی أحد المجاهدین المقربین أنه کان "یعطینا دروساً فی الدفاع الذاتی، وأثناء التدریب تعاملت مع مواجهته ببرودة على قاعدة أن الحاج قصیر القامة نوعاً، وإذ بی أفاجأ بلیاقة عالیة وسرعة غیر طبیعة وقوة عالیة”.
بین حجم المهام الموکلة الیه ، و حجم الانجاز الذی حققه ، وحجم الظهور لدیه ، یصف رئیس المجلس السیاسی السید ابراهیم الأمین السید المشهد بالقول: "أننا أمام إنجازات کبرى وضخمة مع ظهور صفر” . فی طبیعة الإنسان، إذا ما حقق إنجازاً، تراوده نفسه لإظهار ذاته مع ما حققه، من خلال صورة، أو فیدیو أو ما شابه، لیخلد أثره. مع الحاج عماد، کان الزمن فی صوره یبدو ثابتاً فی موضعه. أما إنجازاته، فتواصلت دون توقیع معلن. ثم یعقب: "لم یتصوّر الحاج مع إنجازه، بل على النقیض، أخذت صورة للإنجاز ولم تؤخذ صورة له مع انجازه”.
هذا الزهد الذی تعامل فیه عماد مغنیة مع إنجازاته، یعود أیضاً إلى کونه لم یتعامل یوماً مع "الاسرائیلی” باستخفاف . هو الملاحق منذ بدایة التحاقه بالعمل المقاوم، لم یکن یقلل یوماً من قدراتهم وقوتهم . وبعد 25 عاماً من ملاحقتهم إیاه ، استطاعوا الوصول إلیه، فی وقت کان یخطط فیه للمقاومة الفلسطینیة، فی سوریا.
* استشهد ساجداً
فی ساعاته الأخیرة ، کان الحاج عماد یعقد جلسة مع الأمین العام لحرکة الجهاد الإسلامی رمضان عبدالله شلَّح، وقائد القوة البریة التابعة للحرس الثوری الإیرانی العمید محمد باکبور . یروی الأخیر أنهم تواعدوا على اللقاء عند منتصف اللیل ، بعد عقد عدة جلسات فی ذلک الیوم ، لبحث مسألة تحسین ورفع مستوى قدرات حماس والجهاد الاسلامی العسکریة والأمنیة.
دائمًاً ما کان الحاج یتأخر عن مواعیده . یقول باکبور انه کان ینزعج کثیراً من هذه الإطالة. وکان یقرّر فی کلّ مرة أن یکون قاسیاً مع الحاج فی المعاتبة، "لکن فی لحظة اللقاء ، وبمجرد ان تنظر الى تلک الابتسامة، تستطیع تعقب أثر الطریق الجمیل الذی سار علیه قلبه الراضی. ابتسامة خجولة بسیطة تمنح سکینة اختفت فی لحظة غفلة”.
هذه المرة ، لم یعاتبه. وقع الانفجار، وکان باکبور أول الواصلین إلیه، لیجد عماد مغنیة شهیداً، فی وضعیة السجود.
هکذا رحل عماد مغنیة ، عن عالمنا ، شهیداً کما کان یتوقع ، وهو القائل : "من الخیانة أن أخاف الموت وأنا اطلب من إخوانی القیام بواجبهم الجهادی، بینما أنا متیقن أن بعضهم سیستشهدون. أضعف الإیمان أن ارتضی لنفسی ما ارتضیته لهم” .
* مفاوضات الأسرى
کان تحریر الأسرى من السجون "الاسرائیلیة” هاجساً یشغل بال الشهید عماد مغنیة. ویروی مسؤول لجنة الإرتباط والتنسیق الحاج وفیق صفا أن محاولات کثیرة جرت فی فترة ما قبل التحریر لتنفیذ عملیات أسر لجنود "اسرائیلیین” ، نبادلهم بأسرى لبنانیین وفلسطینیین وعرب، واستشهد کثیرون فی هذه العملیات من دون أن یوفقوا. بعد التحریر، استمرّت المحاولات، ونجحت عملیة الأسر فی مزارع شبعا. وفی الفترة بین عامی 2000 و2004، حصلت مفاوضات شاقة بین حزب الله و”إسرائیل” عبر الوسیط الألمانی لتبادل الأسرى. وکان الحاج عماد أحد قیادیی عملیة التفاوض . کما اتخذ ملف الطیار "الإسرائیلی” رون أراد حیّزاً کبیراً من اهتمامه، لما یمثله من فرصة لإطلاق سراح الأسرى. لذلک، شکل فریقاً خاصاً للبحث عن أراد وتقفی أثره، بین عامی 2004 و2006. وقد نجح بالحصول على بعض مقتنیاته، مثل المظلة أو السلاح أو اللباس. أشیاء بسیطة فاوضت المقاومة من خلالها، والثمن عند الحاج کان إنسانیا بحتاً.
لکن العملیة الأساسیة کانت فی العام 2006 لتحریر البقیة. تمّت العملیة، وانتهت الحرب . بعدها ، فی أغلب اللقاءات ضمن المفاوضات ، کان الحاج عماد ، حسب صفا ، یحضر دون أن یراه الفریق الآخر ، وأحیاناً کان من دون أن یکون حاضراً جسدیاً، بل فی الظل، المکان الأنسب والأحب الیه .
شهادة الحاج فی شهر شباط أخّرت تنفیذ العملیة ، لتتم بعد عدة أشهر ، و لتسمى على اسمه : "عملیة الرضوان” .
تسنيم