kayhan.ir

رمز الخبر: 34329
تأريخ النشر : 2016February14 - 19:53

عطوان : حلب ستحدد مصير السلام والحرب في المنطقة والعالم

شدد الصحافي العربي الشهير عبدالباري عطوان ان الرئيس السوري بشار الاسد يعيش حالة غير مسبوقة من الثقة ، بفعل انجازات قواته على الارض بدعم روسي واعتبر الضجة التي اثارتها السعودية باعلان استعدادها لارسال قوات برية خاصة الى سوريا بمثابة "فقاعة" فجرها الموقف الروسي الصلب اثناء مباحثات سيرغي لافروف مع جون كيري في ميونيخ ، مؤكدا أن حلب ستكون البوصلة التي ستحدد ، ليس ما سيحدث بسوريا فقط ، وانما منطقة الشرق الاوسط برمتها ، كما ستكون العامل الحاسم في مسألتي السلام الاقليمي او الحرب العالمية الثالثة .

وكتب الصحافي عطوان في مقال بصحيفته "راي اليوم" الالكترونية قائلا : اتفقت روسيا و امريكا مساء الخميس على وقف لاطلاق النار في سوريا في غضون اسبوع ، بهدف احياء مفاوضات السلام ، ووقف نزوح المدنيين من منطقة حلب، وايصال فوري للمساعدات الانسانية الى المحاصرين المدنيين ، لكن فرص نجاح هذا الاتفاق تبدو محدودة ، لان التزام النظام به غير مؤكد ، ولان القوى العسكرية الحقيقية التي تقاتل على الارض ، مثل "الدولة الاسلامية” و ”جبهة النصرة” ، خارج سيطرة الدولتين العظميين ، وليست طرفا في العملية السلمية التفاوضية .

الرئيس السوري بشار الاسد الذي يعيش حالة غير مسبوقة من الثقة بفعل انجازات قواته على الارض بدعم روسي ، كان واضحا في التعبير عن نواياه ، برفض الالتزام ، عندما قال في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية بثته الجمعة ، "التفاوض ومكافحة الارهاب مساران منفصلان” ، واضاف "ان نفاوض لا يعني ان نتوقف عن مكافحة الارهاب” ، ولا نعتقد انه يذهب الى هذا الحد من التحدي لولا تفاهمه مع حلفائه الروس في هذا المضمار .

فهذه هي المرة الاولى ، ومنذ بداية الازمة السورية قبل خمس سنوات يحقق الجيش العربي السوري تقدما ملحوظا في جبهات القتال ، ويكسر "نحس″ شهر شباط الذي يذكره بانكساراته ، خاصة في منطقة حلب، ففي شهر شباط (فبراير) الماضي حاول الجيش السوري استعادة حلب من ايدي المعارضة المسلحة، وخسر مدينتي ادلب وجسر الشغور دون ان يستعيدها، اي حلب.

نقطة التحول الرئيسية التي تكمن خلف هذه الانجازات ، الغطاء الجوي الروسي ، ودعم آلاف المقاتلين من حزب الله ، و افغانستان ، و باكستان ، و”مستشاري” الحرس الثوري الايراني ، علاوة على الخبرة الكبيرة التي اكتسبها الجيش السوري في ميدان حرب العصابات والحروب التقليدية على مدى السنوات الماضية ، والسلاح الروسي الجديد المتطور الذي بات في حوزته .

التفسير الاقرب للحقيقة لهذا الانقلاب في موازين القوى الميدانية لصالح النظام في دمشق يعود الى ان حلفاء النظام من روس وايرانيين ومقاتلي حزب الله، اكثر التزاما وتصميما واخلاصا لقضيتهم واهدافهم، من نظرائهم في الجانب الآخر الداعم للمعارضة المسلحة، التي تريد اطاحة النظام، حسب تحليل لمجلة "الايكونوميست” البريطانية الشهيرة، واللافت انه لا توجد اي مؤشرات على ان هذا الوضع سيتغير في المستقبل المنظور.

الرئيس الاسد يرى في مفاوضات جنيف "فرصة” لتعزيز مكاسبه على الارض، وفرضها كأمر واقع على الامم المتحدة تعترف به لاحقا ، مستغلا ضعف ادارة الرئيس اوباما الذي دخل الاشهر الاخيرة من ولايته الثانية ، ولا يستطيع، او بالاحرى لا يريد، ان يفعل اكثر مما فعل .

مدينة حلب باتت محاصرة بالكامل ، و القوات النظامية باتت على بعد بضعة كيلومترات من الحدود التركية ، والرئيس الاسد اوضح، في مقابلته الآنفة الذكر، ان استعادة حلب قد تستغرق وقتا طويلا ، و ان الهدف الآن هو السيطرة على الحدود والمعابر مع تركيا لقطع الامدادات اللوجستية للمعارضة السورية المسلحة ، ويبدو ان امكانية تحقيق هذا الهدف في غضون الاسبوع الذي سيسبق وقف اطلاق النار واردة .

الروس اذكياء بالمقارنة مع خصمهم الامريكي وحلفائه، حتى الآن على الاقل، فقد لعبوا اوراقهم بشكل جيد ، خاصة الكردية منها ، فقد قدموا وعدا لاكراد سورية بمنحهم شريط كردي "متصل” في مناطقهم شمال شرق سورية من اجل كسبهم الى جانبهم ، وهو وعد لم يستطع الامريكان تقديمه خوفا من غضب حلفائهم الاتراك ، الذين يعتبرون حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري حزبا ارهابيا، ويشكل امتدادا لحزب العمال الكردستاني ، وهدد الرئيس رجب طيب اردوغان قبل يومين امريكا بأن عليها ان تختار بين تركيا والاكراد، بعد توارد الانباء عن زيارة المبعوث الامريكي في الملف السوري لمدينة عين العرب "كوباني” الكردية ولقائه مع صالح مسلم، زعيم الحزب المذكور .

الضجة التي اثارتها السعودية باعلان استعدادها لارسال قوات برية خاصة الى سورية لقتال تنظيم "الدولة الاسلامية” كانت بمثابة "فقاعة” فجرها الموقف الروسي الصلب اثناء مباحثات ليلة الجمعة بين سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا ونظيره الامريكي جون كيري في ميونيخ، وقال الاول، اي لافروف” "بان اجتماع مجموعة دعم سورية لم يتطرق مطلقا لاي عملية برية سعودية محتملة في سورية، ولم يدرس مسألة اقناع الرياض بالتخلي عنها”، وبمعنى آخر ان هذا العرض السعودية جرى تجاهله بالكامل” .

ارسال قوات سعودية ، و اخرى من الدول الخليجية الى سورية كانت مشروطة بتحقيق امرين اساسيين، الاول: ان تكون تحت قيادة امريكية، والثاني: ان توافق كل من تركيا و الاردن على فتح مطاراتها و معابرها البرية امامها ، و الرفض الامريكي لقيادة هذه القوات نسف الشرطين معا ، كما ان تقدم القوات السورية نحو الحدود التركية اغلق الابواب نهائيا امامها وقبل ان تتحرك من قواعدها في بلدانها الاصلية .

حلب .. هذه المدينة التاريخية العملاقة ، ستكون البوصلة التي ستحدد ، ليس ما سيحدث في سورية فقط ، و انما منطقة الشرق الاوسط برمتها، كما انها ستكون العامل الحاسم في مسألتي السلام او الحرب ، السلام الاقليمي او الحرب العالمية الثالثة ، وما علينا الا مراقبة التطورات التي ستحدث في ريفها الشمالي لنعرف في اي اتجاه تسير الامور.