kayhan.ir

رمز الخبر: 34100
تأريخ النشر : 2016February09 - 19:18

شروط أميركيّة لإنهاء "داعش" في العراق

ربيع نادر

تزداد المؤشرات على ضغوط أميركية قوية تمارس على بغداد بهدف إقرار قانون "الحرس الوطني” وإضعاف "الحشد الشعبي”. وآخر المعطيات عن هذا الموضوع، صرّحت به نائب عن "دولة القانون”، معلنة حوالى 5 شروط أميركية في مقابل القضاء على "داعش”.

يتزايد الحديث داخل العراق عن مستقبل "الحشد الشعبي" الذي يتولى مقاتلة تنظيم "داعش"، وتمكن حتى الآن من تحرير أراضٍ واسعة، منذ حزيران 2014. وفيما يؤكد سياسيون مناوئون لواشنطن أن الأخيرة تمارس ضغوطاً على بغداد في مسألة الحرب على التنظيم، يبدو أن تصاعد الجدل السياسي بشأن عراق ما بعد تحرير المدن، مرتبط بمساعٍ أميركية تتعلق بمشروع الأقاليم.

وقد أكدت النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، عالية نصيف، إصرار أميركا على "مقابل" تحصل عليه من الحكومة، كشرط للمساعدة في القضاء على "داعش"، موضحة لـ"الأخبار" أن واشنطن وضعت شروطاً عدة، منها ما يتعلق بإقرار مشروع "الحرس الوطني" وتقليص عديد مقاتلي "الحشد الشعبي" إلى 60 ألف مقاتل فقط، والموافقة على الأقاليم والفيدرالية وانتشار قوات أميركية مجدداً في مناطق عراقية، وأيضاً ملاحقة من تسميهم الولايات المتحدة "ميليشيات"، وهي تقصد بذلك "فصائل المقاومة العراقية". ورأت النائب عن "دولة القانون" أن "هذه الشروط تؤشر إلى أن واشنطن لم تكن، طوال الفترة الماضية، جادة في قتال "داعش" عبر ما يسمى التحالف الدولي"، متهمة في الوقت ذاته "أطرافاً عراقية بالعمل على تنفيذ ما تريده أميركا، من خلال الضغط على الحكومة، وصناعة رأي عام ملائم لتوجهاتها". ووفق ما هو معروف، فإن ثمة اعتقاداً داخل العراق بأن الإدارة الأميركية تستخدم ملف القضاء على "داعش" كوسيلة لتنفيذ غايات تتعلق بالوضع السياسي وإدارة الملف الأمني.

ويشكل مشروع قانون "الحرس الوطني"، الذي دعت أميركا إلى تفعيله، ملفاً خلافياً بين القوى السياسية العراقية الرئيسة، إذ تعتبر أطراف في "التحالف الوطني" أنه طريق ممهد لتقسيم العراق، لكن "اتحاد القوى الوطنية" ــ وغالبية نوابه من محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار ــ يدفع باتجاه إقرار المشروع وفق النسخة التي اقترحتها واشنطن على الحكومة، في أعقاب دخول "داعش"، بما يمنح المحافظات صلاحيات أمنية واسعة، ويسمح لها بتشكيل قوات مسلّحة رديفة من دون الارتباط بحكومة المركز في بغداد.

وتكمن المخاوف العراقية من مشروع "الحرس الوطني"، بنسخته الأميركية، في أنه سيتيح تشكيل قوات بديلة من الجيش العراقي، وبالتالي يسهّل أمام المحافظات التي تخضع الآن لسيطرة "داعش" الانفصال عن بغداد، وهو ما يدخل في صلب ما يجري من ربط بين هذا المشروع وتقسيم العراق.

وتحديداً، يرتكز المعترضون على ملف "الحرس الوطني" ــ وغالبيتهم مناهضون للسياسة الأميركية في المنطقة ــ على أن مشروع تشكيل قوات محلية في المحافظات يعني إيجاد قوات متجاورة غير متجانسة طائفياً، وبالتالي إذكاء الصراعات لا إخمادها، وهو أمر قائم ما دامت هناك حدود متداخلة بين المحافظات، خصوصاً ذات التركيبة السكانية المتنوعة، والتي تُعرف بالمناطق المتنازع عليها، ومعظمها الآن إما تحت سيطرة "داعش" وإما قريبة منها، أي بمعنى أنها ستكون هي المناطق الرئيسية والمقصودة من مشروع "الحرس الوطني".

ويبحث البرلمان العراقي، منذ مدة، عن صيغة يستطيع من خلالها دمج تشكيلات "الحشد الشعبي" وملف "الحرس الوطني" بمشروع واحد، إلا أن تسريبات تتحدث عن أن أطرافاً عراقية، خصوصاً من الموصل والأنبار، ترفض أي تحرّك من شأنه التعديل في "الرؤية الأميركية" في ما يتعلق بالأمن في المناطق السنيّة ما بعد طرد "داعش".

وفي السياق، كرّر النائب عن محافظة نينوى (الموصل) عبد الرحمن اللويزي اتهامه أطرافاً سياسية باستغلال أوضاع البلاد الأمنية والسياسية لتنفيذ مشروع تقسيمي تسعى إليه واشنطن. وأوضح اللويزي لـ"لأخبار" أن "هناك من يعمل على استغلال الوضع الراهن لتنفيذ الضغوط الأميركية والسماح بها، لأنها تتوافق ورغباته".

وعن الشروط الأميركية، أكد اللويزي أن منع "الحشد الشعبي" من مواصلة القتال ضد "داعش"، وأيضاً عدم السماح للطائرات الروسية بقصف مواقعه في العراق، يعودان إلى شرط وضعه "التحالف الدولي" على بغداد.

من جهته، رأى المحلل السياسي عزيز حسن أن وضع "الحشد الشعبي" كشرط أساسي على قائمة الشروط الأميركية يعدّ "أمراً متوقعاً". وأوضح حسن لـ"الأخبار" أن "ملف الحشد الشعبي يسبب إحراجاً بالنسبة إلى الحكومة، لأن واشنطن تمارس ضغوطاً جمة من أجل عرقلته، ومن ثم العمل على عدم استمراره". كذلك أشار إلى أن انضواء "فصائل المقاومة" في تشكيل عسكري واسع ــ تمكن لاحقاً من إلحاق الهزيمة بـ"داعش" وتحرير مدن ــ خفّف من الحاجة العراقية لأميركا وأيضاً أثار حفيظة أطراف إقليمية"، معتبراً أن "هذا ما يفسر التصريحات المستفزة التي أطلقها السفير السعودي أخيراً".

ودائماً توجّه قيادات في "الحشد الشعبي" أصابع الاتهام إلى واشنطن بالسعي إلى إخماد تجربة "الحشد"، لكونها لا تتوافق مع المشروع الأميركي في العراق، ومثال على ذلك ما صرّح به زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، يوم الجمعة الماضي، حين قال إن "الولايات المتحدة باتت لا تعلم مصير مشروعها في العراق، في ظل وجود الحشد الشعبي".