جنيف 3..عرقنة سوريا
ميلاد عمر المزوغي
ما يقرب من الخمس سنوات والأوضاع في سوريا لم تهدأ يوما، اعتقد البعض ان التدخل الروسي قد يضع حدا لمغامرات عربان الخليج الفارسي ومن والاهم من العجم، الا انه وللأسف فان الروس أعلنوها صراحة انهم يمهدون الطريق امام الفصائل التي يرون انها معتدلة وتحارب تنظيم الدولة بمعنى ان الفصائل المسلحة التي تقاتل النظام تسعى جاهدة الى الاستحواذ على أكبر قدر من الأرض ليكون لهم كيانهم المستقبلي وبالتالي فانه في حالة اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية (غير ممكن في القريب العاجل) فان سكان تلك المناطق لن يشقوا عصى الطاعة عن (محرريهم) ما يستدعي إقامة أقاليم تطالب بحكم ذاتي على غرار كردستان العراق. وفي ظل ضعف الدولة المركزية في بغداد دعا البرزاني الى استفتاء غير ملزم على استقلال الإقليم.واضاف بان الاستفتاء لا يعني قيام "الدولة” بل لمعرفة راي الشعب الكردي، فأي تحد يوجهه البرزاني لقادة العراق الجدد الذين اهدروا ثروات العراق الهائلة فأصبحت الخزينة خاوية على عروشها ويتحدثون عن بيع قصور النظام السابق وبعض مؤسسات الدولة علها تنقذهم من ازماتهم التي تفننوا في تكوينها, انهم عملوا ما في وسعهم من اجل اتساع الهوة بين أطياف المجتمع العراقي، فأصبح خطر التقسيم يهدد الكيان العراقي، بل نجد وللأسف بعض القادة الجدد يدعون الى إقامة دولة شيعية وأخرى سنية وابعاد خطر داعش عنهم.
لقد استطاع عرب الخليج الفارسي ان يشكلوا الفريق المفاوض الذي يمثل المعارضة التي عارضت المؤتمر وان اتى بعض قادتها الى جنيف لتسجيل الحضور فقط والحجة هو استمرار العمليات الحربية من قبل النظام والروس على حد سواء، فكان التأجيل المرتقب. المعارضة التي تضم في صفوفها فصائل مسلحة تكفيرية، الجانب الروسي قلل من أهمية وجود قادة تلك الفصائل واعتبرهم يمثلون أنفسهم ليس الا!، على من تنطلي هذه الخدعة ياترى؟ .
قد يكون الامريكان تخلوا عن شرط ابعاد الأسد عن الحكم في سوريا، لكننا ندرك جيدا ان ما يحدث في سوريا من قتل وتدمير وتشريد ليس بالأمر الهيّن، فالبلد أصبح منهك القوى، كما اننا ندرك ان الروس لم يأتوا لمساعدة السوريين، بل جاءوا لتحقيق مصالحهم وإيجاد منفذ لهم على شواطئ المتوسط الدافئة بعد ان أصبحوا محاصرين في عقر دارهم.
الأتراك وحسب مصادر روسية مطلعة يجهزون العدة لاجتياح سوريا ومصممون بكل ما اوتوا من قوة على تفتيت سوريا الى دويلات عرقية، ليستمر مسلسل التشرذم الذي بدأ بالصومال مرورا بالعراق ولا نعلم نهاية المسلسل الاجرامي.
اننا نشاهد وبأم اعيننا تساقط دولنا كما تتساقط أوراق الخريف، تهاوت أنظمة، كتب على شعوبها التيه، نصّب الغرب عملاءه، خلق لنا الدواعش لإرهابنا ولتكون تعلة لانقضاضه علينا، لقد خطط الغرب لذلك منذ عقود لكننا وللأسف حكاما ومحكومين لم نصدق ذلك بل أمعنا في التقليل مما يخطط لنا واوكلنا الغرب زمام امورنا، اودعنا كل اموالنا في بنوكهم لاستثمارها لصالحهم وتعيش شعوبنا في فقر مدقع، لعل كلمة رئيس كوريا الشمالية بان من يتنازل عن سلاحه النووي سيكون مصيره كالعراق وليبيا، خير معبر عما يحدث ببلداننا.