هل اساء هادي الى الضالع؟
عبد العزيز معياد
استحوذت الصورة التي نشرها الرئيس هادي ،الاربعاء،على صفحته الرسمية في الفيس بوك للقائه بقيادات تنفيذية وأمنية بمحافظة الضالع،على اهتمام مواقع إعلامية وكثير من نشطاء التواصل الاجتماعي،ويرجع ذلك الى ظهور مظاريف مغلقة في الصورة،موضوعة على الطاولة امام غالبية الحاضرين،ويبدو انها مظاريف لاتحتوي على ملخص لتقرير عن القضايا التي ستناقش في الاجتماع تم توزيعه على الحاضرين،فالتقارير والأوراق لا توضع بهذا الشكل الظاهر في الصورة ،كما يفترض في هذه الحالة ان تكون الظروف مفتوحة حتى يتسنى للحاضرين قراءة ومناقشة تلك التقارير،ويبدو جليا من انتفاخ الظروف وطريقة لفها انها تحتوي على مبالغ مالية مقدمة من هادي للقيادات التي اجتمع بها.
-المشكلة ليست في منح هادي الأموال والهبات والمساعدات لقيادات الضالع او قبول هؤلاء لتلك الأموال ،فهو في الأول والأخير رئيس وهم مرؤوسين لديه،وليس هناك ما يمنع صراحة من الناحية القانونية منح تلك الاموال،كما ان هادي ليس استثناء،فهو كمن سبقه في حكم اليمن بل وكثير من رؤساء دول العالم النامي،يلجئون عادة الى توزيع الأموال والهبات والعطايا لشراء الذمم والولاء لشخص الحاكم ونظامه،والتي تكون في الغالب على حساب الوطن ومصالحه وقيمه وحقوق مواطنيه.
-لذا صرف مثل هذه الأموال يؤثر سلبا في نظرة العامة للرئيس،فينظر اليه الكثير منهم كحاكم فاسد،وينظرون الى من تصرف لهم الأموال كمرتزقة ومتمصلحين ونخبة فاسدة،ولهذا يبقى صرف هذه الأموال محاطا بالسرية وبعيدا عن اعين الاعلام،وهو مالم يلتزم به هادي خلال لقاءه قيادات الضالع،وهنا تكمن المشكلة،فما هي الأسباب التي دفعته لكشف الامر على العامة،بنشر صورة على صفحته الرسمية توثق توزيع الأموال،وما تمثله من احراج لقيادات الضالع،علاوة على صعوبة انكارهم او نفي تسلمهم تلك المبالغ ؟.
-نظرا لحساسية الموضوع وحتى لا اتهم بمحاولة نبش الماضي واثارة الحساسيات والايقاع بين الجنوبيين،والصيد في الماء العكر،حرصت من النظرة الأولى للصورة،على تفسير نشرها بحسن نية باعتباره خطأ مهني غير مقصود ارتكبه سكرتير هادي وطاقمه الصحفي،طبعا بعد استبعاد احتمال فبركة الصورة كونها منشورة في الصفحة الرسمية لهادي،لكن هناك عدة نقاط تضعف من فرضية الخطأ المهني،ومن ذلك:
1- احتمال نشر صورة غير صالحة للنشر بالخطأ،قد يكون مبررا مقبولا في حال كانت الصورة ضمن عشرات الصور التي نشرت عن اللقاء،بحيث يكون التدقيق في صلاحية الصور اقل بمراحل من التدقيق عندما يتعلق الامر بصورة او اثنتان من قبل المعنيين في مكتب هادي،ما يعني ان من سمح بنشر صورة اللقاء يدرك جيدا انها غير صالحة.
2- في الفترة السابقة،عقد هادي اجتماعات مماثلة مع القيادات المحلية في عدة محافظات كلحج وتعز وابين وعدن ومأرب،ولاشك ان الرجل قام بتوزيع الهبات والمساعدات على كثير من تلك القيادات،لكنها ظلت بعيده عن الاعلام ،ولم ترتكب اية أخطاء من قبل سكرتارية هادي بنشر صور او تسريب معلومات عن ذلك ،رغم حالة الارباك والوضع غير المستقر التي كانت تعاني منه في تلك الفترة .
3- في العادة يتم توزيع الظروف المالية بشكل منفرد تفاديا للأحراج الذي يصاب به البعض،وتجنبا لأي اعتراض من قبل اخرين بسبب تفاوت المبالغ الممنوحة من شخص لآخر،وفي حالة وفود المحافظات يتم توزيع الظروف على أعضاء الوفد قبل او بعد الاجتماع مع الرئيس وليس خلال عقد الاجتماع ،وكان لافتا ان التقاط الصورة في الاجتماع مع قيادات الضالع تم بعد فترة بسيطة من توزيع الهبات وقبل ان يتمكن غالبية القيادات من إخفاء المظاريف.
4ـ لايمكن استبعاد فرضية تعمد نشر الصورة،واظهار قيادات الضالع بهذا الشكل المحرج،أما باعتبارها تندرج ضمن تصفية حسابات قديمة ما تزال عالقة في نفوس البعض من المحيطين بهادي،او انها رسائل ضمنية من هادي لبعض خصومه او الاثنين معا،وبصورة قد ينظر اليها كإساءة متعمدة من هادي للضالع،ويعزز من هذا الطرح التالي:
أ-ليس خافيا أن الضالع كانت اقل محافظات الجمهورية تصويتا لهادي عندما نافس نفسه في انتخابات 2012م،وكانت المحافظة حتى وقت قريب الأكثر رفضا للاعتراف بشرعيته،واللافت هنا ان اجتماع هادي بقيادات الضالع حدث في نفس الشهر الذي جرت فيه الانتخابات،وكأن لسان حال هادي يقول بانه نجح أخير في الحصول على اعتراف الضالع بشرعيته،وتحولت قياداتها الى تابعين بعد ان كانوا منافسين،وتوزيع المساعدات والهبات عليهم يؤكد هذه الوضعية الجديدة.
ب-ظهور علم الجمهورية اليمنية خلف هادي خلال اجتماعه بقيادات المحافظة الأكثر تشددا ضد الوحدة،فيها رسالة أراد هادي من خلالها التأكيد على تخلي الضالع عن المطالب الانفصالية وقبولها بمشروع الاقاليم،علاوة على الإيحاء الضمني بأن ماكانت ترفعه تلك القيادات من شعارات وما تردده من هتافات بشأن القضية الجنوبية و دولة الجنوب لم تكن سوى مزايدات وضغوط من اجل الحصول على مكاسب شخصية ليس اكثر ،وهاهي الظروف الممتلئة تؤكد ذلك.
ج-نظرا لإصرار علي سالم البيض في منازعة هادي على قيادة الجنوب وتمسكه بأنه الرئيس الشرعي للجنوب،وهذا الامر حال دون لقاء الرجلين في الرياض قبل عدة اشهر،لذا لايمكن استبعاد ان هادي أراد من نشر صورة المظاريف الممتلئة،ارسال رسالة للبيض بتمكنه من اختراق معقله في الضالع،وان القيادات الرئيسية في تياره ،حولت ولائها نحوه.