إيران ، السعودية ، حكاية التحالفات .
أحمد الحباسى
من المعلوم أن النظام السعودي متحالف مع أكبر قوة إرهابية في العالم الولايات المتحدة الأمريكية ، معلوم أيضا أن النظام السعودي هو أكبر نظام عربي يمارس إرهاب الدولة و يرفض أي محاسبة في هذا المجال ، تماما كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية ، معلوم أيضا أن التحالف السعودي مع النظام الأمريكي الإرهابي هو تحالف بين قوتي إرهاب و ليس تحالف ديمقراطيات ، و كما تحتاج الإدارة الأمريكية لدولة الإرهاب السعودية لحماية مصالحها الحيوية في المنطقة فان السعودية تحتاج لأمريكا لحماية عرش آل سعود من الزوال ، أيضا ، تعتبر الولايات المتحدة الحليفة للسعودية بالنسبة لأغلبية دول العالم من أكثر الدول الممارسة للإرهاب و التعذيب و الهيمنة على مقدرات الشعوب ، لذلك لا يجب لفت الأنظار و المشاعر حين نتحدث عن العلاقة الأمريكية السعودية فنرميها بالورود في حين ننظر بعين الريبة لعلاقات إيران مع دول المنطقة فنرميها بعبارات الشيطنة.
تكشف وثائق وزارة الخارجية البريطانية و مثيلتها وكيليكس الشهيرة و بعض التسريبات الإعلامية المتداولة عمق العلاقة الراسخة بين نظام الميز العنصري السعودي في الرياض و نظام الميز العنصري الصهيوني في تل أبيب ، و لعل الكثيرين لا ينتبهوا أن الولايات المتحدة لم يكن في مقدورها أن تقبل برعاية العرش السعودي لولا تعهد آل سعود برعاية الدولة العنصرية الناشئة ، و على مر تاريخ وجود إسرائيل في المنطقة لم تنكث السعودية هذا التعهد و بذلت كل الجهود في الجامعة العربية بالذات حتى يرضخ العرب لما يسمى بخطة الملك عبد الله الهجينة ” الأرض مقابل السلام” و هي خطة كان الجميع على علم بكونها خطة لتقطيع الوقت و تمكين الكيان من فرص متعددة لاجتثاث الوجود الفلسطيني على كل المستويات ، و لعل مشاركة آل سعود إسرائيل في خطتها المعلنة لضرب الدول العربية و إسقاط أنظمتها هو اكبر دليل على أن هذا النظام الشمولي لا يصادق إلا كبار الدول و المجموعات الإرهابية .
أثبتت التحقيقات الرسمية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أن كبار العائلة السعودية المالكة ضالعون في تمويل الإرهاب و ممارسته ممارسة دولة إرهابية ، و على مدى صفحات التحقيق كشف المحققون حجم التمويل السعودي للإرهاب في العالم و على هذا الأساس صدر قانون تجفيف منابع المال ” الإرهابي ” السعودي في العالم حتى لا تضار الولايات المتحدة أو حلفاءها في العالم ، لكن من المؤكد اليوم أن نظام المافيا السعودي هو من يشرف على تمويل أكثر من تسعين في المائة من الجماعات الإرهابية في العالم ، و هذا التحالف الموضوعي بين نظام دولة الإرهاب و مكونات منظومة الإرهاب المنتشرة في العالم يؤكد أن مشروع تقسيم الوطن العربي يحتاج مثل هذا التحالف بين أمريكا كدولة راعية للإرهاب في العالم و السعودية كممول للإرهاب و الفكر الصهيوني الاستعماري و منظومة الإرهاب العالمية التي تتغذى من جميع العقول التكفيرية المتشددة في العالم ، لذلك لا يستغرب المتابعون لشؤون المنطقة وجود هذا التحالف العضوي بين الفكر التكفيري الإرهابي و بين الفكر الاستعماري الإرهابي ، فتحالف الشر لا يقوم إلا بين الأشرار .
لو نظرنا إلى حلفاء إيران في المنطقة ، سوريا ، حماس ، الحوثيون ، شيعة البحرين، شيعة لبنان ، شيعة العراق ، شيعة السعودية و الكويت و الإمارات ، بدءا بسوريا ، نهاية بشيعة الإمارات ، لانتهينا إلى خلاصة واضحة بسيطة ، أن كل هؤلاء الذين ذكرت لا علاقة لهم بالإرهاب و لا بتمويل الإرهاب و لا بممارسة الإرهاب ، و تصنيف حماس في وقت من الأوقات هو تصنيف أمريكي معلوم الأسباب ، كذلك الشأن بسوريا كورقة ضغط ابتزازية أمريكية لا غير ، ووضع حزب الله أمريكيا على لائحة الإرهاب هو فاعل خادش بالنسبة لحزب أثبتت الأحداث أنه حزب يمارس المقاومة في ” أبهى” مظاهرها و لا يحتاج لممارسة الإرهاب للانتصار على اكبر قوة صهيونية عسكرية في المنطقة ، أيضا هناك اعتراف مهم لوكالة الطاقة الذرية منذ أيام بكون إيران لم يكن في واردها صنع القنبلة النووية و أن مشرعها سلمى مائة بالمائة و هو اعتراف و لئن جاء متأخرا لأسباب سياسية أمريكية صهيونية بالأساس فقد جاء ليثبت جدية و نظافة عقل الثورة الإيرانية .
الذين يلوكون يوميا شماعة الخطر الإيراني على المنطقة عليهم اليوم واجب التحفظ بعد أن أثبتنا للمتابعين من هي الأطراف الإرهابية التي تمثل خطرا على الشعوب العربية ، و بالصوت و الصورة نحن نشاهد ماذا يفعل إرهاب الدولة السعودي في العراق أو في سوريا أو في اليمن ،في حين يأتي تصريح الرئيس الأمريكي الأخير حول إغلاق معتقل قوانتنامو الكوبي الشهير ليثبت للعالم هشاشة الوعود الرئاسية الأمريكية الكاذبة و مدى ما أفرزت الديمقراطية الأمريكية من إرهاب و غطرسة ، طبعا إسرائيل لا تحتاج إلى التنويه بمجهودها المتواصل لنشر و ممارسة الإرهاب في العالم ، فلماذا النفاق إذا حول وجود خطر إيراني ، و من يحرك دواليب هذه اللعبة الإعلامية الخطيرة نحو الوجهة الخطأ ، و لماذا لا يقف المثقفون ضد إرهاب الدولة السعودي بعد أن صمتوا على إرهاب أمريكا و إسرائيل ، فهل أن المال السعودي قد كمم كل الأفواه بعد أن سمم كل العقول التكفيرية ، الظاهر أن لغة الإرهاب و المال هي الطاغية.