kayhan.ir

رمز الخبر: 3304
تأريخ النشر : 2014July06 - 19:33

مظلة استخبارات غربية لرصد المنطقة وحماية لبنان

تمثل صورة التدابير الامنية نموذجا عن حالة البلد المنقسمة بين فراغ سياسي وهواجس امنية متصاعدة. في وقت تبدو فيه الرعاية الغربية للبنان لا تزال قائمة من خلال الحرص على رصد المجموعات الارهابية ومساعدة الاجهزة الامنية.

هيام القصيفي


يطغى الهم الامني على كل ما عداه، وخصوصا في ضوء المعلومات والتدابير الاستثنائية التي اتخذها الجيش والقوى الامنية تحوطا من عملية ارهابية لا تزال تقلق بال الامنيين، لكنْ ثمة تقاطع جدي بين المخاوف الامنية الواقعية، والمبالغات التي قد يجنح اليها البعض في تصوير لبنان ساحة حرب مفتوحة. لا شك ان الجيش يخوض والاجهزة الامنية منذ ايام حربا استباقية حقيقية، ربما لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ اعوام.

وهي تختلف بمعاييرها واهدافها عن كل ما سبق ان تعامل معه في القبض على الخلايا الارهابية، لكن هذه الاجهزة تعرف ايضا حجم التحول الذي بدأ لبنان يعيشه منذ ان اصبحت العمليات الانتحارية، سواء بسيارة او بشاحنة او بحزام ناسف، هي الخطر الحقيقي الذي يسيطر اليوم على البلد. والتحول الذي شهده لبنان في الاسابيع الاخيرة، لا يشبه بشيء ما حصل في الاشهر التي سبقت تأليف حكومة الرئيس تمام سلام. حينها كان ثمة اجندات ومفاهيم مختلفة للتوتير الامني. اما اليوم، فإن تزامن التفجيرات والتهديدات مع تطورات العراق، وصعود داعش، فتح النقاش حول الارتباط العضوي بين تدهور الوضع اللبناني والعراقي واهداف العمليات الانتحارية ومَن هم وراءها.

حتى الان ثمة مسلّمتان، الاولى ان التدابير الامنية واستمراريتها سابقة في حجمها، واثبتت عمليات الدهم والملاحقات فاعليتها، وهي تدل على كمية المعلومات المتوافرة لدى الاجهزة الامنية. والمسلمة الثانية هي دور الاستخبارات الغربية في تزويد لبنان بمعلومات امنية تتعلق بمكافحة الارهاب.

بدا واضحا في الايام الاخيرة حجم المخاطر الارهابية التي يخشى الاوروبيون والاميركيون تسللها الى مطاراتهم وبلدانهم، ورفع مستوى التدابير والتنسيق بين الاجهزة الغربية درءا لاي عمل ارهابي مصدره الشرق الاوسط، وحتى لمكافحة المجموعات الارهابية حيث تنشط اقليميا.

ما يعني لبنان من هذا الاهتمام الدولي بمكافحة الارهاب، كمية المعلومات التي وصلته عن المجموعات التي ترصد وترمي الى زعزعة استقرار لبنان. فاجهزة الاستخبارات الغربية والعربية على السواء تدرك ان لبنان غير محصن امنيا، ليس بسبب عدم جاهزية اجهزته، وقد اثبتت في الاونة الاخيرة فاعليتها، بل بسبب الاختراقات الكبيرة التي يمكن ان يعمل عليها اطراف اقليميون وحتى محليون في هذه المرحلة الدقيقة اقليميا ومحليا. وتدرك ايضا ان "الحاجة السياسية” إلى استقرار لبنان لا تزال اولوية عند القوى الفاعلة اقليميا ودوليا، في انتظار حسم الكثير من الملفات العالقة من العراق الى سوريا ولبنان، وجلاء التطورات الاسرائيلية الفلسطينية. اما الانتظار الاهم اقليميا، فهو موعد 20 تموز لمعرفة ما ستؤول اليه مفاوضات ايران النووية مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا.

من هنا شهدت الساحة اللبنانية في الاسابيع الاخيرة تدفقا لعدد من اجهزة الاستخبارات الاميركية والاوروبية، والاقليمية بطبيعة الحال. وقد ظهر حجم المساعدة التقنية والمعلوماتية، التي تقدمها لدعم لبنان في مواجهة الخلايا الارهابية التي استفاقت مجددا، لكن اهم من الدعم اللوجتسي او الاستخباري، هو تأمين هذه الاجهزة وبمعرفة القوى السياسية المعنية ـــ ولكل من هذه الاجهزة الدولية ارتباطاتها المعروفة محليا وتشعباتها ـــ مظلة أمان للبنان، في ظرف اقليمي متوتر.

وبحسب مصادر غربية، فإن لبنان اليوم ليس تحت خطر الانفجار الكبير، من دون أن يعني ذلك ان لا مخاوف من اعمال ارهابية او محاولات لتفجير الوضع فيه، لكنْ ثمة خيط دقيق فاصل بين تجاذبين امنيين. فالمنطق الأمني يفترض أن لبنان بعيد عن التحولات التي شهدها العراق اخيرا، بفضل صعود "داعش”. وهو بعيد كهدف، وكجغرافيا ايضا، ولا سيما ان التطورات الميدانية اشاعت الخوف من الارتدادات المباشرة لـ”داعش” على الاردن والسعودية وتركيا اكثر من لبنان.

لكن خشية هذه الاجهزة الغربية تكمن في استخدام اي طرف اقليمي او محلي حالة داعش وتكبير حجمها لبنانيا ودعمها بما تحتاج إليه، بحيث تتحول فزاعة "ولو في بعض الأحيان واقعا حقيقيا عبر التفجيرات التي حصلت، والتي لا يزال يخشى حصولها”، لكن من دون ان تحمل في خلفياتها، اهدافا كبرى تشبه الاهداف التي رسمت لداعش عراقيا. وتتخوّف هذه الاجهزة في ان تنتشي اي مجموعة ما بانتصارات داعش العراقية، فتعيد تحريك الرمال اللبنانية مجددا في مناطق حساسة ولحسابات لبنانية. ويكمن ايضا الخوف في ان تتفلت حالة اي انفجار قد يقع سواء بحجمه او بنوعية استهدافه، ما يؤدي الى استدرج لبنان نحو حرب مفتوحة. رغم ان هذا الخطر لا يزال مستبعدا في نظر هذه المصادر.

يتقاطع الامن والسياسة عند هذه النقطة، فالتفجيرات الارهابية امر واقع وخطرها حقيقي، لكن تكبير الخوف من داعش بالمفهوم السوري او العراقي الحالي، يتأتى من تطور أي حدث لبناني اليوم ولو كان عرضياً وتافهاً، إلى مشكلة أمنية حقيقية في اي بقعة من بيروت الى الشمال والبقاع.

وهنا تكمن اهمية وعي القوى المعنية، ولا سيما تلك التي ينقسم بينها البلد سياسيا وطائفيا، في ان تنجح في تطويق حوادث محلية بحت، وعدم تعميمها في شكل يستفيد منها اي طرف. وهذا يتطلب رعاية مباشرة من زعماء القوى السياسية، لان انفجار اي حزام ناسف ستكون ارتدادته على البلد كله لا على الفريق الذي يستهدفه فحسب.