kayhan.ir

رمز الخبر: 3301
تأريخ النشر : 2014July06 - 19:31

نتنياهو… الحل من جانب واحد

د. فايز رشيد

في تصريحٍ حديث له، قال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي: "إنه يفكّر في تنفيذ الحل من جانب واحد مع الفلسطينيين، واستطرد… لكن هذه المرّة سنحرص على ألا تنطلق أية صواريخ فلسطينية على "إسرائيل” مثلما يحدث الآن في غزة”. ما قاله نتنياهو ليس جديداً، فقد سبق وأن تحدّث حول هذا الحل في خطابه في جامعة” بار إيلان” في العام 2009. يتمثل الحل وفقاً لرئيس الوزراء الصهيوني في خطابه ذاك: بإقامة دويلة فلسطينية خارج إطار السور العنصري. الدويلة ستكون مقامة على كانتونات معزولة، من دون سيطرة لها على حدودها الخارجية ولا على أجوائها ومواردها الطبيعية، وبخاصة مياهها تحت الأرض، التي سحبت "إسرائيل” النسبة العظمى منها. بالطبع فإن قطاع غزة لن يتبع هذه الدويلة، وسيجري ضم المستوطنات إلى "إسرائيل”، وستتواجد القوات الإسرائيلية في منطقة غور الأردن حفاظاً على الأمن الإسرائيلي.

وسيكون من حق قوات الاحتلال الدخول إلى مناطق الدويلة إذا ما رأت ذلك ضرورياً للحفاظ على أمنها. هذا الحل الذي يستثني القدس ومنطقتها، هو ليس أكثر من حكم ذاتي هزيل. حل نتنياهو من جانب واحد (وفقاً لمركز مدار الفلسطيني للأبحاث الإسرائيلية الذي نشر دراسة عن مدى تأييد كافة الحلول المطروحة فلسطينياً في الكنيست. الصحفي برهوم جرايسي من منطقة 1948 نشر ملخصاً للدراسة) الحل يحظى بتأييد ما ينوف على 70 عضواً. معروف أنه حتى هذا الحل (وفقاً لقانون أساس في الكنيست جرى سنه حديثاً) وأي من الحلول الأخرى بحاجة إلى تصويت ثلثي أعضاء الكنيست عليه أي 80 صوتاً من 120.نتنياهو وفقاً للدراسة سيكون قادراً على إقناع قوى أخرى بالتصويت عليه وإنجاحه.

الموقف من وراء هذا الحل الإسرائيلي، عاملان، الأول: خشية "إسرائيل” من ضم حوالي من مليوني فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة، بما سيؤثر على الميزان الديموغرافي بين العرب واليهود في فلسطين المحتلة عام 1948، وهذا ما يخشاه الكيان الصهيوني، فنسبة الفلسطينيين في منطقة 1948 وفقاً للاحصائيات الإسرائيلية بلغت هذه السنة 17.8% من إجمالي السكان. العامل الثاني أن "إسرائيل” ستعتبر أنها قامت بحل الصراع الصراع العربي ـ الصهيوني في حلقته الفلسطينية، وستقوم أجهزة الإعلام الصهيونية والمؤيدة لها، بحملة إعلامية واسعة على الصعيد الدولي وتملأه ضجيجاً، بأنها اضطُرت لهذا الحل لأنها عجزت عن إيجاد شريك سلام فلسطيني، وهي تريد "السلام” لذا قامت بالحل. بدورهما ستشيد الولايات المتحدة والدول الغربية بعشق "إسرائيل” (للسلام) وسيجري الضغط على الفلسطينيين للقبول بهذا الحل، وبخاصة أنه أصبح لهم دولة!؟.

في التغييرات الديموغرافية الإسرائيلية وفقاً لإحصائيات إسرائيلية كثيرة، فإن الارتفاع في نسبة المتدينين اليهود "الحريديم” حاد وهو يتزايد سنة بعد سنة، ونسبتهم الآن تشكل ما يزيد على 14% من إجمالي السكان. وهم إضافة إلى الأحزاب اليمينية الأخرى وفي سنة 1925 سيشكلون ما نسبته 62% من الشارع الإسرائيلي. هذا هو السر وراء الارتفاع في نسبة التطرف لدى الإسرائيليين. وبالعودة إلى الدراسة، فإن الحلول الأخرى تحوز في الكنيست الصهيوني على الأصوات التالية، الحل القائم على المشروع الفلسطيني كاملاً، حدود 1967 بما يشمل القدس وحق العودة، يحظى بموافقة 11 نائباً فقط هم نواب الكتل الثلاث العربية ( من منطقة 1948) إضافة بالطبع إلى نائب عربي في حزب ميريتس قد يقوم بالتصويت لصالح هذا الحل، فيصبح العدد 12 نائباً.

أما الحل القائم على مخطط الرئيس الأسبق بيل كلينتون الداعي إلى انسحاب من غالبية مناطق الضفة الغربية مع تبادل للأراضي وتقاسم القدس بشكل يبقي على الأحياء الاستيطانية الإسرائيلية فيها وفي منطقتها، ونظام مشترك دولي للبلدة القديمة بما فيها "المناطق المقدسة”، وعودة رمزية للاجئين، يحظى هذا الحل بموافقة 30 ـ35 نائباً، موزعين على الشكل التالي: 15 عضواً هم أعضاء كتلة حزب العمل، 6 أعضاء هم كتلة حزب ميرتيس. 11 نائباً عربياً في الكتل العربية الثلاث في الكنيست، وقد يمتنع عدد من النواب الفلسطينيين عن التصويت، بسبب محدودية حق العودة. كما يحظى الحل بموافقة 2-7 نواب من حزبي” يوجد مستقبل و” كاديما”. أما حل حزب المستوطنيين " البيت اليهودي” فيدعو إلى ضم 60% من مساحة الضفة الغربية إلى”السيادة الإسرائيلية”، وتحويل المدن والقرى الفلسطينية إلى كانتونات معزولة ذات سلطة محدودة. يحظى هذا الحل بموافقة 15 نائباً(وفقاً للدراسة)من 20 نائباً في حزب الليكود الحاكم ،ولربما أيضاً نائبان من حزب "إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه أفيجدور ليبرمان ،فالقسم الأكبر من نواب اليمين المتشدد يتخوفون من هذا المشروع،لكونه يؤثر على "الدولة اليهودية”سلباً من ناحية ديموغرافية.لقد أثبت النهج السياسي لكتلة”يوجد مستقبل”برئاسة وزير المالية يايئر لبيد(19) نائباً والتي ظهرت وكأنها كتلة”وسط”، وكذلك كتلة”الحركة”برئاسة وزيرة القضاء تسيبي ليفني (6) نواب (بموجب سلسلة من القرارات التي ظهرت مترددة دوماً) فإنهما كتلتان لا تشذان عن نهج اليمين المتطرف، فهما لم يعترضان على كل المشاريع الاستيطانية ، وعلى قانون الاستفتاء العام الذي تم سنه في الكنيست لعدم التوصل إلى أية حلول.

التعليق على الدراسة: أنها تطرح تصورات للتصويت وهذه المسألة ليست دقيقة، فمواقف الأحزاب الصهيونية متحركة، وهي تميل إلى التطرف في معظمها، الأحزاب الصهيونية مع المقولة الإسرائيلية " بأن القدس هي العاصمة الموحدة لإسرائيل” وهي مع مراعاة الأمن الإسرائيلي وتواجد قوات الإحتلال في منطقة غور الأردن، ومع حق "إسرائيل” في التدخل في الأراضي الفلسطينية واحتلالها متى تشاء. بالمعنى الفعلي لا تأييد للطرح الفلسطيني سوى من 11 نائباً عربياً، حتى حركة ميريتس هي فعلياً مع ضم القدس ومنطقتها إلى "إسرائيل”. أما النتائج التي أغفلتها الدراسة فهي حقائق وأبرزها: لا أمل في المراهنة على إمكانية موافقة الكيان على قيام دولة فلسطينية على كافة أراضي عام 1967 بما في ذلك القدس ومنطقتها. لا جدوى كذلك من المفاوضات، وأن ما أخذ عنوة لا يمكن استرجاعه إلا عنوةً.

"إسرائيل” تتجذر فيها مواقف التطرف، والقادم أصعب على صعيد الصراع مع العدو الصهيوني، فالشارع يتحول إلى المزيد من التطرف (وهذا وفقاً للإحصائيات) وهذا ما سينعكس على التصويت للحلول المطروحة. أقصى حدود الحل الإسرائيلي الذي تتفق عليه كافة الأحزاب الإسرائيلية هو: إعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً هزيلاً، لذلك قد يلجأ نتنياهو إلى خطوة الحل من جانب واحد.