رسالة واشنطن تفقد مصداقيتها
ما تطرق اليه الوزير الاميركي جون كيري في مقال له نشر في الـ "واشنطن بوست" عشية استئناف المفاوضات السادسة بين ايران ودول (5+1) التي من المقرر ان تبدأ اليوم في فيينا 2 تموز وتستمر حتى العشرين منه، فهم في طهران انه هروب الى الامام بهدف القاء تبعات أي تعثر في هذه المفاوضات المحدودة الزمن خاصة انه مازال يعزف على سمفونية الغرب المشروخة بان على طهران ان تثبت بان طموحاتها النووية سلمية بالكامل".
وكأن عشر سنوات من التعامل والتعاون المستمر والشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وزيارة مفتشيها للمنشآت النووية الايرانية الذي استغرق آلاف الساعات وهو وقت قياسي اذا ما قورن مع زيارة المفتشين الدوليين للمنشآت النووية للدول الاخرى، لم تكن كافية للتثبت من سلمية برنامج ايران النووي، والاهم من ذلك ان المفتشين الدوليين لم يستطيعوا طيلة هذه الفترة ان يسجلوا اقل انحراف في البرنامج النووي وكانوا على الدوام يؤكدون سلميته. اضافة الى وجود كاميرات المراقبة المنصوبة في هذه المنشآت والتي تعمل على مدار الساعة والاهم من كل هذا وذاك الفتوى الصريحة للامام الخامنئي حول حرمة السلاح النووي وانتاجه واستخدامه. واذا كانت الادارة الاميركية حقا تبحث عن مايطمئنها ويهدئ من مخاوفها فان هذه المشاهدات الملموسة كافية لذلك، واما اذا تريد واشنطن ان تحكم على النوايا مسبقا وتصدر الاحكام جزافا فان هذه السلعة لم تلق اذانا صاغية في اية محكمة دولية حيادية ومستقلة.
ولا يمكننا ان ننكر هذه الحقيقة بان الجولة السادسة من المفاوضات بين ايران ودول (5+1) لكتابة الصياغة النهاية للاتفاق الشامل ستكون شاقة وتواجه عراقيل كثيرة خاصة وانها ستدخل في التفاصيل كمستوى وحجم التخصيب وعدد اجهزة الطرد المركزي وكذلك جدولة الغاء العقوبات وهي قضايا اساسية في الاتفاق النهائي. لكن طهران وعلى العكس من واشنطن التي بعثت برسالة اطمئنان وعزيمة على مواصلة المفاوضات حتى النجاح النهائي وهي في نفس الوقت تثق بقدرة وكفاءة فريقها التفاوضي النووي على مواصلة هذه المفاوضات وجاء هذا الكلام على لسان اعلى سلطة تنفيذية في البلاد وهو الرئيس روحاني الذي حذر الغرب بان "جدار العقوبات قد تصدع وما تصدع لايمكن ان يعود الى ما كان عليه". وهذه المفارقة البسيطة تظهر مدى جدية كل طرف وموقفه المسؤول تجاه ملف معقد وشائك يسيتدعي المزيد من التأمل وملامسة الواقع الموجود على الارض لا السير في المتاهات والحكم على الاوهام لان ذلك لايفضي الى اية نتيجة مقبولة.
وفي نهاية المطاف نقول لوزير الخارجية الاميركي اذا كنت حقا تبحث عن ما يبدد مخاوفك ومخاوف الغرب من البرنامج النووي الايراني السلمي فعليك ان تثق بالمؤسسات الاميركية ومنها 16 وكالة استخبارات نشرت خلال السنوات الاخيرة مرتين تقارير تؤكد سلمية البرنامج النووي الايراني. لكن على ما يبدو ان واشنطن التي من المفروض عليها ان تتخذ قرارات صعبة في هذا المجال استعرضت عضلاتها في هذه الرسالة المبيتة عشية المفاوضات عسى ان تحصل على بعض المكاسب، او انها تناور لحين حسم بعض الملفات الساخنة في المنطقة لتحديد موقفها النهائي.